سراج سند: يعبثون بـ "الثوب" بحجة التطوير.. وشرطي في العباية "لا للمخصر"!
رغم اعترافه بتخبطه في بداية حياته من خلال خطواته في مشواره المهني، إلا أنه أثبت أن الإيمان بالعمل أهم بكثير من أي عوامل أخرى لإنجاحه، سراج سند مصمم أزياء سعودي عرفه الناس من خلال تصميم أزياء أوبريت "الجنادرية 20"، حيث لفت انتباه السعوديين إلى تصميماته المميزة، ولمساته المبهرة.
تحدث لنا في حوار لا يخلو من جديد، عن بداية مسيرته المهنية والعوائق التي واجهها، واعترف لنا أنه يشترط بتصميم العبايات النسائية أن لا تكون مخصرة، وأن أغلب زبائنه من منطقة الرياض والمنطقة الجنوبية، كما باح لنا عن أسرار تصاميمه، وإشادة خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتصميماته، التي يعتبرها مصدر فخر دائم له، كما تحدث عن يحيى البشري المصمم السعودي المعروف، وكيف كانت بصمته مؤثرة في مسيرة سراج سند المهنية.
حدثنا عن بداية اختيارك لهذه المهنة الغريبة نوعا ما على السعوديين؟
أولا حبي وعشقي للأناقة والأزياء وقبلها كانت موهبتي في الخط والرسم وتنسيق الألوان، وقد اكتشفت موهبتي من أيام الطفولة، ولما كنت طالبا في المدرسة كنت أعمل تصاميم ولوحات في ساحات المدرسة، وكذلك كانت كمستشار صغير للعائلة في تنسيق الملابس والألوان، وتستطيع القول إني في البداية أصبح لدي شيء من التخبط في اتجاهاتي والعشوائية كذلك، فلم يكن هناك موجه لي أو ناصح بالمعنى الأصح، وهذه مشكلة منتشرة في المجتمع عموما، ولكن الحمد الله وقف والدي - رحمه الله - معي في البداية وحاول معي تنمية موهبتي، لدرجة أنه كان يشتري لي لوحات كبيرة ويضعها في فناء البيت الذي أصبح مرسما خاصا بي.
لماذا توجهت لدراسة الأزياء؟
التخبط الذي أصابني في البداية جعلني أتخذ قرارا، كما أنني لا أحب العمل الروتيني، لأصبح في النهاية موظفا عاديا، كنت أخاطب نفسي دائما بأني لا يجب أن أصبح هكذا وأني أمتلك القدرات أن أكون أفضل وأميز، وفي أحد الأيام عملت لمسة خاصة بي في أحد ثيابي ووجت صدى رائعا في السوق، فكانت فألا طيبا بالنسبة لي. بعدها بدأت بتطوير مهاراتي الخاصة، وأدخلت تصاميم جديدة على الثوب مثل إدخال الخط العربي. ثم توجهت إلى دراسة الأزياء في الولايات المتحدة الأمريكية في ولاية فلوريدا.
هل أثر الجانب الأكاديمي في توجهاتك؟
الجانب الأكاديمي في حياتي كان صقلا للموهبة، والدراسة أفادتني تكنيكيا، كما أفادتني في استيعاب وتنظيم الأفكار.
كيف اكتسبت خبرتك في تصميم الأزياء؟
الشخص في بدايته يحتاج إلى مرشد يوجهه إلى كل ما هو صحيح، ويكتسب خبرة قبل انطلاقه إلى العمل، فلا يوجد أي مصمم أزياء عالمي تخرج وأبدع من دون الالتحاق بدور أزياء لكي يحتك بالآخرين الذين يملكون الخبرة الجيدة. مثل الصحافي لو خرج بعد تخرجه من كلية الإعلام فإنه لا يريد افتتاح جريدة أو مجلة، لأن ذلك صعب عليه، فهو يحتاج إلى خبرة واحتكاك بالذين لهم صولاتهم وجولاتهم في الصحافة أو غيرها من التخصصات التي يريد الشخص أن يخوضها. بعد تخرجي عملت مع أستاذي يحيى البشري بصفته كبيرنا في تصميم الأزياء، فتعلمت منه الكثير وطبقت عمليا وفعليا، احتكاكي به أفادني كثيرا فتعلمت الإدارة، والتسويق، وكذلك التعامل مع الآخرين.
ذكرت في إحدى مقابلاتك الصحافية أنك قدمت في الاختبار النهائي لدراستك الجامعية لمسة خاصة عن الثوب السعودي ولاقت نجاحا مبهرا، فهل هذا النجاح هناك جعلك تتخصص في تصميم الثوب السعودي؟
لا، لم يكن هذا السبب. نحن نعيش في المملكة، والمملكة يعيش فيها سكان بالملايين سواء من سعوديين أو مقيمين، وجميع السعوديين يلبسون الثوب، وكذلك المقيمون وخاصة الذين ولدوا في المملكة، إذا لدينا سوق كبيرة، وهذا الذي شجعني على الاتجاه إلى هذا المجال، بالعمل على زينا الوطني، وأرجو التركيز على كلمة الوطني، الآن ظهر أناس يعبثون بزينا الوطني، تحت اسم تطوير الثوب!
هل وصلت إلى ما تصبا إليه؟
لا ليس بعد، أنا لم أصل إلى الذي أريده، هناك الكثير الذين يقولون لي لماذا لا تفتتح فروعا؟، أنا أرد عليهم بأني شاب سعودي لم يتجاوز عمري 37 عاما، ما زال الطريق طويلا أمامي، وصعود السلم بقفزات كبيرة مرهق، ولكن عندما يصعده أحدهم براحة سيصل إلى ما يريد من نتائج وهو بكامل لياقته. وأنا أسير على هذا النهج، وفي النهاية الرزق والتوفيق كله بيد الله سبحانه.
كيف كان تعاون المجتمع معك في بداياتك؟
كان تعاونهم صعبا، أشبهه بمن يريد فتح شباك فيكون تيار الهواء الأول قويا، بداياتي مع المجتمع كما قلت صعبة، فكما كان هناك متقبلون ومشجعون كان هناك الناقمون!
الآن ما هي نظرتهم؟
مختلفة تماما وخاصة بعد مشاركتي في مهرجان جنادرية 20 الذي أعده بصمة خالدة في مسيرتي.
ما أكثر مناطق المملكة تفاعلا مع تصاميمك؟
في البداية اسمح لي أن أوضح أمرا، أنا ضد تقسيم مناطق المملكة اجتماعيا، هو موجود بلا شك، ولكن أنا ضد تعميمه، وربما البعض يرى أن منطقة جدة متحررة اجتماعيا نوعا ما، وأنها هي منبع التجديد في الأثواب أو الملابس التقليدية، وبكل صدق أكثر زبائني من المناطق الوسطى والجنوبية.
هل توجد عوامل تؤثر في تصميم الأزياء؟
بلا شك نعم هناك العامل المناخي، لو ضربنا مثالا لو ذهبت إلى إحدى المناطق الساحلية ستجد سكانها يلبسون الملابس الخفيفة، أما المناطق الوسطى البعيدة عن الرطوبة وغيرها يلبسون لبسا مختلفا، كما يحدث الآن في الرياض وجدة، الرياض الآن مناخها بارد أما في جدة فما زالوا يرتدون الملابس الخفيفة. وهناك كذلك المناسبات كل مناسبة لها تصميمها الخاص، مثلا لدى أحد الفنانين حفلة مسرح يصمم لها ثوبا يناسب المسرح لكي يكون مرتاحا، كما أني أناقش أي زبون بما يناسبه، أنا لم أدرس الثوب، أنا درست الجسم البشري، ودرست علم نفس، آخذ من شخصية الذي أمامي وأضعها في الثوب وكذلك فيما يريد استخدام هذا الثوب.
هل صحيح أنك تنشر تصاميمك من خلال الفنانين؟
أبدا، أنا لا أستغل الفنانين، الفنان ناقل، مثل الفنان رابح صقر لما حضر إلي في أحد المرات وقال لي "سراج أنا تعبت في اسمي، وأنا أربي فيه حتى وصل إلى المجتمع، فهل تظن يا سراج أني سأجاملك لأنك صديقي؟ لا لن أجاملك". الفنانون لا يغامرون ويلبسون أي شيء من تصميم مهما كان لكي يظهروا في حفلاتهم وهم غير مقتنعين به.
يوجد بعض الشباب ممن يرفضون تصاميمك للثوب، مفضلين الثوب التقليدي, ماذا تقول لهم؟
أتمنى من المجتمع فهم نقطة مهمة، تصاميمي لا أعملها عبثا وكما ذكرت لكل ثوب طريقة عمل خاصة، المرأة في كل مناسبة تدفع أو يدفع من يقوم عليها أقل مبلغ على الفستان 2500 ريال في مناسبة، وإذا كانت هناك مناسبة أخرى تشتري فستانا بشكل آخر وتدفع ربما أكثر من الذي قبله، وهذه الدائرة في كل مناسبة فستان جديد، فهل أنت أيها الرجل لا تدفع في السنة أقل شيء مبلغا يقارب 2500 ريال وأنت كل يوم تقابل أشخاص في عملك وفي الشارع. لو خيط الشخص ما بين 12 ثوبا أربعة ثياب أو خمسة ويجعلها للمناسبات فقط ما ضره شيء، وهنا كذلك تظهر شخصية الرجل.
بكم تفصل الثوب؟
أقل ثوب بـ 300 ريال ويعتمد السعر على اتفاقي مع الزبون على التصميم ونوع القماش الذي يختاره.
ذكرت في إحدى مقابلات الإعلامية أنك لن تتجه إلى تصميم فساتين السهرات والزفاف، وستكتفي بتصميم العباءات الشرقية، لماذا؟
الفساتين النسائية من سهرات وزفاف وغيرها تحتاج إلى دراسة معمقة وتكنيك خاص، مع العلم أني أنا الذي يصمم فساتين زوجتي، وبصراحة هناك خفايا في تصميم الفساتين أنا لا أعرفها ولم أدرسها، أما الثياب فأعرفها ليس من خلال دراسة بل نعرفها وشربنا تفاصيلها من خلال مشاركتنا للمجتمع، وأما توجهي للعباية فهي مثل المشلح والدقلة لا يوجد اختلاف كثير، ولكني أصمم العباية بشرط واحد بأن لا تكون مخصرة، أنا أصمم عباية لمناسبات وليس لتمشي بها في الشارع أمام الناس.
ألا يزعج فئة من زبائنك هذا الشرط في عباية المرأة؟
بالعكس هن في ازدياد، الرجل يطلب من زوجته دائما أن تكون أمامه في أحسن صورة، هو لا يريد أن يشم منها روائح طبخ أو أن يكون لبسها غير منظم أو غيره من الأمور، أما الرجل فيأتي ويخلع ثوبه ويجلس بملابسه الداخلية، أو بقمصان نوم، من هنا لماذا يطلب رجل من المرأة ولا يعطيها في المقابل، بسبب هذه الفكرة الحمد لله زبائني من النساء في ازدياد. وأذكر موقفا حدث معي بسبب توجهي هذا، عندما كنت في إحدى المقابلات التلفزيونية تحدثت عن هذا التوجه هذا، وبعد خروجي تلقيت اتصالا من صديق لي يهاجمني بشدة وأنا مندهش، وهو يقول لي: "كنت أشاهدك وأخبر زوجتي أنك صديقي، ففاجأتني وأنت تتحدث عن موضوع أناقة الرجل أمام زوجته وأنا أرتدي ملابسي الداخلية، وقالت لي زوجتي كيف يصبح هذا صديقك، ولم تتعلم منه".
ماذا كسبت من الأزياء؟
أول شيء كسبت سراج سند، حققت نفسي، بعد سنوات طويلة أبنائي يتذكروني من خلال شيء أنا أحببته، الأزياء حققت لي مشاركة في مهرجان الجنادرية، دورة ألعاب التضامن الإسلامي التي حدثت لأول مرة في المملكة، وكذلك حققت لي تنظيم أربع مهرجانات لجدة. وكذلك حققت فخري الأعلى بإشادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ونشرت ثقافة حاربت من خلالها وحاربت من أجلها.
من هو منافسك في السوق السعودية؟
منافسي هو من يعمل تصميما رائعا جدا، فأنا أعده منافسا لي، مهما كان مكانه، رأيته في التلفزيون أو في موقع إنترنت أو غيره، وإذا لم أجد أبحث عنه.
يحيى البشري أتعده منافسا لك؟
يحيى البشري أستاذي وأنا لا أعده منافسا، أنا تلميذ عنده. ومن هو أكبر منك وأقدم منك فهو إنسان له اسم ومكانة فهو أستاذ، وأنا أظل تلميذا مهما صممت، فيحيى البشري أستاذ وأنا أرفع له القبعة.
العالمية أين هي من خطط سراج سند؟
موجود، فأنا صممت للاعب برشلونة الإسباني إيتو أفضل لبس صممته له، فبعد ذهابه لزيارة بلده اتصل علي ليخبرني بأن الناس هناك أناس في بلده أحبوا للبس الذي صممته له، وكذلك هناك الفنان اللبناني يوري عملت له تصاميم، وقبل رمضان عملت أول عرض أزياء في القاهرة. وهناك خطة لعمل عرض في المملكة ثم الخليج. كما أن هناك عرضا في باريس العام المقبل.