الجوف: مهرجان الزيتون يفتح الباب لتصنيع الصابون وإنتاج الفحم
فتح مهرجان الزيتون الأول في الجوف الباب على مصراعيه لمواهب تصنيعية وحرف يدوية يدخل الزيتون وزيت الزيتون فيها ولو بطرق تقليدية وبسيطة.
ونجح الشاب راجع ندا الراجع في تسويق منتجات بسيطة كان يصنعها في منزله ويسوقها على مجتمعه القريب ليوسع له المهرجان دائرة المبيعات ويتزايد الطلب على منتجاته المتعددة إذ يؤكد لـ "الاقتصادية" أنه منذ خمس سنوات ماضية وهو معروف في الحي بتصنيع الصابون السائل وصابون اليد وزيت الشعر إضافة إلى تصنيع الفحم من الجفت وهو مخلفات الزيتون من النوى بعد عملية عصر الزيتون.
وبين أنه حرصاً على كسب ثقة الزبائن من رواد مهرجان الزيتون فقد حصل على شهادة لمنتجاته من إحدى المختبرات الخاصة رغم أنه يرى عدم الحاجة إليها كون المنتجات مصنعة من الزيتون الطبيعي مضيفاً أن المختبر أكد له أن الزيوت المستخدمة للشعر تمنع التساقط وتزيد فروة الرأس قوة ناهيك عن النعومة التي يبقى أثرها في الشعر مدة طويلة وزاد بأن أحد زبائنه كانت لديه طفلة تعاني الحساسية عند استخدامها للصابون العادي واستعان بصابونة زيت الزيتون لتجربتها على ابنته وعاد بعد يومين وعلامات البهجة تسابقه فاشترى كامل الكمية المتوافرة لديه وطلب كميات أخرى, فضلا عن طلبه عنوان المنزل للحصول على الصابون في المستقبل واعتبر تجربته في مهرجان الزيتون ناجحة جداً, مناشدا الأمير فهد بن بدر أمير منطقة الجوف بدعم استمرار المهرجان سنوياً، وعن الصناعات الأخرى بين الراجع أنه يصنع الفحم الذي لاغنى عنه ومن ميزاته عدم انبثاق رائحة كريهة عند إشعاله لكنه يصنعه بكميات بسيطة ولاستخدامه الشخصي فقط وتمنى أن يجد الدعم لتأسيس معمل بسيط يمكنه من التصنيع بكميات أكبر مؤكداً أنه ليس بحاجة إلى الأيدي العاملة بقدر حاجته إلى الإمكانات
زيتون الجوف قصة كفاح وصبر ونجاح
وقصص الكفاح تتعدد بين مهمة وأخرى ولعل من قصص الكفاح التي مازال أهل الجوف يجاهدون أنفسهم لأجلها هي زراعة الزيتون المحفوفة بالكثير من المتاعب والمحبطات التي لم ينهزم أمامها مزارع الزيتون وما زال يبذل جهدا خارقا من أجل الوصول في النهاية إلى (زيت الزيتون النقي), فالزيتون من الثمار التي لا تؤكل بمجرد نضجها كباقي الثمار كما أن قطفها ليس بالأمر السهل فهو يحتاج إلى وقت طويل حيث تصل تكلفة قطاف الشجرة المتوسطة من الوقت نحو الساعة الكاملة إذا ما كان القاطف واحدا فقط، وإن شاء مزارع الزيتون الذي تتجاوز أشجاره ألف شجرة الاستعانة بالأيدي العاملة فإن أمامه أمرين الأول مخالفة نظام الوافدين عندما يقوم بتشغيل عمالة ليست على كفالته وفي ظل عدم وجود مؤسسات تعني بالقطاف أو على الأقل نشاط قريب من ذلك، الأمر الثاني على المزارع التضحية بقيمة ما يعادل ثلاثة نصف المحصول كونه يعادل أجرة الأيدي العاملة.
لذلك كانت الأسر الجوفية تعتمد بعد الله على غرس أقل من 50 شجرة يكون محصولها عائليا يغطي حاجة السنة كاملة .
ومن المحبطات التي كسرها مزارع الزيتون في الجوف تنقية الثمر بعد جنيه ثم غسله ثم البحث عن معصرة للزيتون حيث كان بعض المزارعين ممن يملكون كميات تجارية يسافرون بمحصولهم إلى العاصمة الأردنية التي تعج بالمعاصر من أجل عصر الكمية وتعبئتها قبل العودة إلى أرض الوطن محملاً بزيت الزيتون فيما يعصر الأهالي كمياتهم القليلة بمعاصر أثرية قديمة تخلط الشوائب بالزيت ثم يتم تنقيتها بسكبها فوق قطع قماش ومنه إلى علب الحفظ.
كل ذلك من أجل الحصول في النهاية على زيت زيتون بكر للاستفادة من قيمته الغذائية ، وفي الجانب الثاني هناك مواطنون يفضلون استقطاع جزء من محصول ثمر الزيتون من أجل تخليله ليكون جاهزاًً بعد ذلك للتقديم على المائدة مباشرة وهذا أيضا يتطلب جهداً كبيراً أيضا ًفعملية التخليل تحتاج إلى مراحل كثيرة تتحمل النساء عبئها الأكثر من خلال جرح الثمر ووضعه في عبوات كبيرة بعد غسله وسكب كميات من زيت الزيتون المخفف بالماء ووضع عدد من المواد الطبيعية المضافة كالليمون والفلفل الحار وغيرهما قبل إغلاق العبوات ومكوثها مدة لا تقل عن شهر.
يقول الجوفيون (كله عشانك يا زيتون) أي أنك تستحق كل هذا العناء كيف لاء وهي الشجرة المباركة التي تكرر ذكرها في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة لذلك افتخر أهلها بتسمية منطقتهم ( عاصمة الزيتون السعودية) وهو ما ردده كل من زار مهرجان الزيتون الحالي في منطقة الجوف والذي يستمر حتى نهاية الثلث الثاني من شهر ذي الحجة.
قريباً إنتاج الفحم من مخلفات الزيتون
من جانبها، أعلنت شركة وادي الجوبة الزراعية في الجوف أن مجلس الإدارة وافق أخيراً على الدراسة المقدمة له من قبل إدارة الاستثمار بالشركة لإنشاء معمل لإنتاج الفحم من الجفت (مخلفات الزيتون بعد العصر) وأكد لـ "الاقتصادية" نايف سالم الدلبة المدير التنفيذي لشركة وادي الجوبة أن الشركة ستبدأ فعليا في تجهيز المعمل قريباً حيث تم التحفظ على كميات الجفت المتراكمة من محصول هذا العام لحين تدشين المعمل ووصف الفحم المصنوع من مخلفات الزيتون بالطبي وبين أنه تم تجهيز قوالب متعددة لتصنيع الفحم بمختلف الأشكال والأحجام ليسهل استخدامه حسب رغبة المستهلك ناهيك عن سعره البسيط نتيجة قلة تكلفة تصنيعه بحكم توافر المادة الخام وتوافر الأيدي العاملة نظراً لفراغ عمال المعصرة بقية الموسم الذي سيبدأ بتصنيع الفحم والمشتقات الأخرى
من جهته, أوضح الدلبة أن الشركة أنشأت أخيرا مصنعاً لاستخلاص وتعبئة زيت الزيتون الطبيعي البكر بعد توسع الشركة في زراعة زيت الزيتون مؤكدا أن المصنع الجديد جاء وفق أحدث ما توصلت إليه التقنية في مجال التصنيع وفق المواصفات والمقاييس السعودية المعتمدة مبيناً أن فوائد زيت الزيتون المستخلصة من ثمر الشجرة المباركة لا تخفى على أحد ومن أهمها فوائده المتعددة للحامل والمرضع وتغذية لنمو دماغ الجنين ووقايته وعلاجه لأمراض الجهاز الهضمي والكبد وأمراض الشرايين والقلب ويمنع ترسب الكولسترول وتشكل حصيات المرارة إضافة لمساعدته على امتصاص الكلس عند الكبار والأطفال وتأخير مظاهر الشيخوخة ناهيك عن غناه بالفيتامينات الضرورية للجسم ومضادات الأكسدة التي تساعد على الوقاية من الأمراض حسبما أثبت علمياً.
مأكولات شعبية بطعم الزيتون و"الجمرية" تتصدر
وحظيت سوق الحرفيين والمأكولات الشعبية المقامة على هامش المهرجان بالإقبال الكبير من الزوار خاصة بعد أن أدخل الجميع منهم زيت الزيتون في مأكولاتهم لتفوح رائحة الزيتون في كل أرجاء المهرجان ، وتعددت المأكولات الشعبية المعروضة والتي تعد طازجة ومجهزة في الموقع نفسه ومنها الجمرية, المرقوق, المقشوش, المصلي, خبز الصاج, الجريش, التمن, وفطائر الزعتر بزيت الزيتون, إلا أن الإقبال الأكثر كان على الجمرية, وهي أكلة شعبية معروفة لدى أهل الشمال تتألف مقاديرها من طحين وملح وماء. وطريقة تحضيرها هي عجن الطحين مع قليل من الملح والماء وإخراجها على شكل قرص ثم تدفن بالرمل تحت الجمر الملتهب لمدة لا تقل عن نصف ساعة حسب كثافة وحرارة الجمر ثم يتم إخراجها بعد استوائها وتنظيفها من الرمل لتصبح جاهزة للأكل إلا أن أصحاب هذه الحرفة زادوا عليها هذا العام زيت الزيتون حيث يتم تطعيمها به بعد تنظيفها الأمر الذي جعل لها مذاقا خاصا ولذيذا أجبر الزوار على أخذ قرص واحد على الأقل قبل مغادرة مقر المهرجان.
طلاب المدارس يفعلون أنشطة الزيتون الصباحية
أسهم طلاب مدارس وكليات منطقة الجوف في تفعيل أنشطة المهرجان الصباحية، وأوضح ياسر العلي رئيس اللجنة الإعلامية والتسويق أن أكثر من ألف طالب يزورون المهرجان يومياً بالتنسيق مع إدارة التعليم ومديري المدارس حيث يقدم للطلاب عدد من المطويات وبعض الهدايا قبل أن يتجولوا في المعارض المختلفة مبينا أن المطويات التي توزع عليهم هي للتعريف بفوائد الزيتون ومشتقاته وكوبونات مسابقة الرسم ومسابقة التلوين وبرامج المهرجان اليومية ، مضيفا أن المهرجان يستعد لاستقبال طلاب من خارج المنطقة ومؤكداً أن الدعوة مفتوحة لجميع المدارس داخل المملكة لزيارة المهرجان الذي يسعد بزيارة أبنائه الطلاب .
من جهته, أوضح المعلم محمد حجاج الدندني المشرف الطلابي في مدرسة صلاح الدين الأيوبي المتوسطة عن سعادة طلاب المدرسة الذين زاروا المهرجان واستفادوا من بعض فعالياته الجاري تنفيذها معتبراً أن إقامة هذا المهرجان مكسبا كبيرا للطلاب حيث يتم تعريفهم بفوائد الزيتون والطرق السليمة لمراحل إنتاج مشتقاته وكيفية معرفة المنتج الجيد منه بطرق بسيطة .
رئيس الغرفة يدعو المستثمرين للاطلاع على فرص الزيتون الاستثمارية
أوضح رئيس مجلس الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة الجوف مرزوق بن شفق الخطيب أن منطقة الجوف من أفضل مناطق المملكة في مجال الاستثمار الزراعي وعلى وجه الخصوص زراعة الزيتون التي تتزايد بشكل مطرد وطويل الأمد بما يعتبر أمنا غذائيا عالميا والجوف منطقة التقاء بين أهم شجرتين مباركتين هما الزيتون والنخيل وشجرة الزيتون لا تتجه شرقا وشجرة النخيل لا تتجه غربا.
وبين الخطيب أن وفرة المياه في المنطقة وقلة حاجة شجرة الزيتون إلى الماء من جهة أخرى جعلا من زراعة الزيتون زراعه آمنة على الثروة المائية, إضافة إلى حجم الإنتاج الذي تنتجه الشجرة الواحدة الذي يراوح بين 200 كيلو و600 كيلو وفي بعض الأحيان يصل إلى 800 كيلو وفقاً لعمر الشجرة وطريقة الري المستخدمة والعناية بالشجرة ما يشكل عائداً اقتصادياً كبيراً.
كما أشار الخطيب إلى أن المجال الاستثماري في زراعة الزيتون واسع جداً موضحاً أن هناك عدد من المجالات الاستثمارية لهذه الشجرة مثل إقامة المشاتل الزراعية للإكثار من الشجرة وزراعتها والآلات الزراعية ومعدات القطاف الآلي لثمار الزيتون ، والاستفادة من أوراق الزيتون خصوصاً أن لها فوائد طبية متعدد كذلك إنشاء المعاصر لاستخراج زيت الزيتون مضيفاً أن نواتج التقليم يمكن الاستفادة منها بديلاً عن الحطب للتدفئة والاستخدامات الأخرى ما يجعل منه حلاً لمشكلات البيئة التي تتعرض للاحتطاب الجائر. وأضاف أن هناك صناعات تحويلية تقوم على الاستفادة من الزيتون مثل صناعة المخللات، البسكويت بزيت الزيتون ومعجون الزيتون, الصابون, والشامبو.
وبين الخطيب أن هناك دراسات علمية أفادت بأنه يمكن الاستفادة من بقايا العصر وهو ما يسمى (الجفت) كغذاء للحيوانات ودخوله بشكل رئيسي ضمن علائق التغذية للمواشي مؤكداً أنه هناك دراسة ماجستير قام بها أحد أبناء منطقة الجوف وهو عبد السلام عبد الهادي الزيد تشير إلى إمكانية الاستفادة من الجفت كغذاء للأسماك ، كما يمكن أن يكبس لاستخدامه في التدفئة نظراً لاحتوائه على نسبة 7 في المائة من الزيت واختلاطه الأخشاب الناتجة من نوى الزيتون ولحاء الثمر.
مبيناً أن عدداً من الفرص الوظيفية يمكن شغلها من قبل الشباب السعودي مثل المهندسين الزراعيين ومشغلي المعاصر والفنيين والعمالة الموسمية التي يزيد دخلها في الموسم الواحد على عشرة آلاف ريال، والمحاسبين والإداريين في المعاصر.
وأشار الخطيب إلى حاجة المنطقة إلى مكاتب استشارية في مجالي التسويق والزراعة وذلك لتقديم الخدمات اللازمة لمزارعي الزيتون في المنطقة ، مضيفاً أن هناك حاجة ملحة لوجود شركات تعبئة وتغليف حيث إن أغلب المزارعين بحاجة إلى مثل هذه الخدمات للارتقاء بالمستوى التسويقي لإنتاجهم من زيت الزيتون مؤكداً أن إنتاج الجوف من زيت الزيتون يباع في أسواق الخليج والسوق الأوروبية والأردن وذلك للجودة العالية التي تميزه عن بقية الزيوت .
ووجه الخطيب الدعوة لرجال الأعمال في المملكة والخليج إلى زيارة المنطقة وحضور فعاليات مهرجان الزيتون الأول للاستثمار في مجال زراعة وصناعة الزيتون مبيناً أن عدد أشجار الزيتون في المنطقة أكثر من 12 مليون شجرة ما بين زراعات جديدة ومثمرة قائلاً إن الغرفة التجارية تفتح أبوابها لتقديم الخدمات اللازمة للمستثمرين وتسهيل إجراءاتهم كما أن الغرفة لديها عدد من دراسات الجدوى الاقتصادية لإنشاء المعاصر وغيرها من المجالات الاستثمارية المتعلقة بهذه الزراعة.