التدوير الوظيفي:أداة التجدد الذاتي للمنظمة

التدوير الوظيفي:أداة التجدد الذاتي للمنظمة

أختي المديرة: لنفترض مثلاً أن تقدمت لك إحدى العاملات من ذوات الإنتاجية العالية والكفاءة في العمل بطلب النقل من القسم الذي تعمل فيه إلى قسم آخر ، معللة ذلك بشعورها بالملل بسبب ممارسة مهام الوظيفة لمدة طويلة ، فهل سترفضين الطلب بحجة أن تحقيق رغبتها في النقل سيؤثر سلباً في إنتاجية القسم الذي تعمل فيه ؟ أم أنك ستقدرين مشاعرها وحاجاتها وتقبلين طلبها وتبدئين في البحث لها عن عمل خارج قسمها ؟ وإذا كانت الإجابة هي القبول، فهل سيكون أسلوب التدوير الوظيفي من الخيارات والبدائل التي تضعينها أمامك عند اتخاذ القرار بشأن هذه العاملة؟
إن أبسط تعريف للتدوير الوظيفي هو أنه مدخل إداري منظم بموجبه يتم تنقل الموظف بين عدة وظائف متصلة ومرتبطة بعمله الأساسي داخل المنظمة و لفترات تراوح من ستة أشهر إلى سنة ، و قد اختلف كتاب الإدارة حول تصنيف التدوير الوظيفي، فمنهم من يعده أسلوبا إداريا أو سياسة إدارية عامة يشيع تطبيقها في المؤسسات الحكومية وخاصة العسكرية منها ، في حين أن البعض الآخر يعده أسلوبا من الأساليب التدريبية الفردية التي تتم داخل المنظمة ، ولا يقل من حيث فائدته وأهدافه عن التدريب في مراكز متخصصة خارج المنظمة. ومهما اختلفت وجهات النظر بشأن تصنيف التدوير الوظيفي، فهناك اتفاق بين الطرفين حول أهميته وجدواه بالنسبة لكل من الفرد والمنظمة.
فالنسبة للموظف، يعمل التدوير الوظيفي على إشباع حاجات العاملين وتحقيق طموحاتهم بالعمل في أعمال جديدة تصقل مهاراتهم وتكسبهم خبرات متنوعة، كما يقضي هذا الأسلوب على مشاعر الملل والرتابة لدى العاملين بسبب ممارسة مهام وظيفة معينه لسنوات طويلة. وفضلاً عن ذلك فهو يطلق قدرات العاملين للإبداع وتطبيق المهارات والخبرات التي اكتسبوها من وظيفة إلى وظيفة أخرى. كما يساعد التنقل بين عدد من الوظائف العاملين في معرفة وتثمين مقدار مايبذله الآخرين من جهود في سبيل تحقيق أهداف المنظمة .
أما بالنسبة للمنظمة فالفوائد التي تعود على المنظمة من جراء تطبيق هذا الأسلوب التدريبي كثيرة ، منها على سبيل المثال ، يساعدها على تسهيل عملية سد النقص النوعي والكمي في القوى العاملة ، ويهيئ المنظمة للتكيف مع التغييرات السريعة في مجالات العمل، مما يكسبها ميزة تنافسية قد لاتتوافر لدى المنافسين في المجال. وبذلك يعد وسيلة وقائية وعلاجية في آن واحد تساعد المنظمة على التجدد الذاتي بما يضمن استمرار بقائها لفترات طويلة.
وقد يتساءل أحدنا: ما مدى ملاءمة أسلوب التدوير الوظيفي لمختلف الإفراد والوظائف؟ وهل هو أسلوب ملائم لبعض الأعمال دون الأخرى، إن أسلوب التدوير الوظيفي أسلوب مناسب لمختلف الفئات من العاملين، فالنسبة للموظف الكفء، يساعده على بذل مزيد من الجهد ومضاعفة العمل والإنتاج لتحقيق ذاته والشعور بالرضا عن العمل. وبالنسبة للموظف الخامل الكسول وغير المنتج فهو أيضاً سيكتسب الخبرة وتتطور مفاهيمه وممارساته الخاطئة، وسيشعر عند ذلك بالتجدد والحيوية ، وبالنسبة للموظف الذي ينوي التقاعد عن العمل في المنظمة فالتدوير الوظيفي يساعد ه على نقل خبراته إلى الآخرين سواء كانوا من المرشحين للوظيفة التي يعمل فيها أو غيرها.
كلمة أخيرة: : قال تعالي في سورة النور أية (44): "يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار" فالحركة والدوران قانون من القوانين الكونية الإلهية التي أبدعها الخالق - عز وجل - ولما كانت أجرام السماء والكواكب والنجوم في حركة دائبة فهل في الإمكان أن تكون الحركة ضمن سياسات إدارة الموارد البشرية في منظمات القطاعين العام والخاص ،حفاظاً عليها من الفناء في عصر المعرفة وعصر العولمة والعصور التي تليها.

[email protected]

الأكثر قراءة