حساب المواسم ونزول المطر عند أجدادنا

حساب المواسم ونزول المطر عند أجدادنا

الوسم عند أجدادنا هو أول نجم من نجوم الحيا (المطر)، ومدته 52 يوما وعدد نجومه أربعة هي: العواء، السماك، الغفر، والزبانا، وإذا نزل مطر فإن السنة تبشر بخير وربيع مزدهر وسمي، وسمى الوسم لأنه يسم الأرض بالربيع وجميع النباتات البرية بما فيها الفقع، وبعد الوسم تدخل المربعانية، والمربعانية هي نجوم الشتاء وعدد أيامها 40 يوما ونجومها الأكليل والقلب، ويُقال فيه (القلب يقبل البرد قبال الكلب)، والنجم الثاني من المربعانية الشولة ويقال فيها (الشولة تعجل الشيخ البولة).
وأولها جو وسمي معتدل ويشتد البرد من منتصفها بحيث يبدأ موسم البرد القارص الذي يسقط ورق الشجر ويموت العشب، ومطرها يكون في الغالب في الليل أو آخر النهار ...ويقول أسلافنا عن البرد (البرد وجه ذيب) ...يعني ما تدري متى ينقض عليك.
ثم تدخل الشبط بعد المربعانية .. والشبط عدد أيامها 26 يوما مقسومة على نجمين كل نجم 13 يوما، وهي شباط الأول وشباط الثاني وبردها أشد من برد المربعانية لأنه يتسم بالجفاف، إلا أن بردها يكون خارج البيوت أما الأمكنة المغلقة، فغالبا لا يدخلها البرد .. وفيه تشتد العواصف الباردة ويقال فيه (شباط مقرقع البيبان)، إذ تشتد في شباط الرياح الباردة التي طالما قرقعت الأبواب الخشبية لبيوت آبائنا،
ومن شدة برودته الخارجية تيبس عسبان النخل وتموت الأشجار، وكان أجدادنا يتوقون برد الشبط ويحتاطون له لأنه إذا دخل في الجسم لا يخرج إلا بالكي
ويقولون إن المربعانية توصي ولدها الشبط حيث تقول:
"يا شباط يا ولدي تراي مرّيت ولا ضرّيت عليك باللي ناره ليف وأكله دويف ولا تقرب اللي أكله تمر وناره سمر".
وتقول أيضا: "يا شباط يا ولدي تراي مرّيت ولا ضرّيت ما قويت إلاّ اللي شبوبه ليف واكله دويف عليك باللي شبوبه سمر وأكله هبر وذلك أن برد المربعانية لا يضر إلاّ ضعيفي الحال ممن لا يجدون حطب جيد وطعام دسم, أما شباط فلم يترك أحدا لا غني ولا فقير إلا لمسه بسوء".
وعقب الشبط تدخل العقارب.. (ويقولون الأولين في المثل .. إذا دخلت العقارب فترى الخير قارب)، وهو ثلاث نجوم عقرب السم، وسميت بذلك لأن بردها يقتل كما يقتل السم وعقرب الدم لأن بردها يدمي ولا يقتل وعقرب الدسم لأننا تتزامن مع فترة الربيع.
وبعد العقارب يدخل الحميمين وخلال موسم الحميمين تهجم علينا موجة برد مباغتة وعاتية مؤثرة وخاصة في الأطفال وكبار السن لضعف المناعة عندهم، مما جعل العامة يقولون في أسجاعهم (يا ربنا يا رحيم أكفنا برد الحميمين)، وهي موسم برد العجوز وآخرها موسم برد بياع الخبل عباته.
ثم يدخل عقبه الذراعين .. وهو عبارة عن نجمين وهي المؤخر والرشا، فالثريا وعدد نجومها ثلاثة وهي الشرطين البطين والثريا ويعقبها التويبع وهو آخر موسم المطر ويقولون فيه (التويبع راعي بروق ومخايل وما ذكر وادي بالتويبع سايل)،
وأسلافنا لديهم فراسة في معرفة تباشير الخير ونزول المطر .. فإذا هبت ريح الجنوب أو الهيفي يعني جنوب غرب وهي اللي يسمونها بالمثيرة لأنها تثير السحاب يستبشرون بالخير .. بعد ذلك تبدأ السماء في التكتيم فيقولون اليوم السماء مستمة ..أبشر بالخير يعني أن هناك بوادر تكوين للسحاب .. وأول ما يظهر من السحاب نوع يسمونه بـ (السدا)، وهو عبارة عن سحاب خفيف يمتد في وسط السماء من الغرب إلى الشرق .. ثم يليه تتدافع للسحب الأكثر كثافة مثل الجبال وأنصاف الدوائر حتى تصبح السماء سوداء داكنة وأمطار الشتاء تكون وفيرة وتتسم بالديم، ومن مظاهر مطر الديم تكون حبة المطر صغيرة ومستديمة وعامة لا رعد فيه ولا برق في الغالب، نظرا لكون السحب في الشتاء تمتد في أعلى طبقات الجو عكس سحب الصيف اللي تكون في الغالب منخفضة وقريبة للأرض ويقولون (يا الله ديمة على ديمة ...تسقي العروق القديمة).. ويظهر في السحاب الممطر في الشتاء غالبا نوع يسمى بالنفيض (الطها) ويبدأ في الظهور مع أول نزول المطر ويكون لونه أبيض بسبب شدة سواد السحاب اللي فوقه وسريع الجري ومعاكس لحركة السحاب، وإذا ظهر النفيض فإنهم يستبشرون بالخير لأنه يعني أن المطر سيستمر في الهطول وبعد انتهاء نزول المطر وانقشاع السحاب تصحو السماء ويزرق وجهها تهب بعدها الرياح الشمالية الباردة.
وغزارة الأمطار عادة ما تتركز في موسمي العقارب والحميمين، الأمر الذي يجعل الكوارث تتركز خلال هذين الموسمين وسحبها تتكون بسرعة وفي الغالب بعد الظهر ومع العصر وتمتد إلى أول الليل، ويكون المطر غزيرا وحبة المطر كبيرة لها صوت دبدبة وتصحبها رياح قوية يسمونها ريح الغربي تهب من الغرب ولونها أحمر ويكون وميض البرق فيه سريعا ومتواصلا ورعده يسمع بوضوح، ويسمونه الصوت الخلب لأن السحاب منخفض وقريب من الأرض على العكس من سحاب فصل الشتاء ...(ويقول الأولان في المثل عن هالحالة ..(سحابة صيف) يعني هذا الشيء سريع التواجد.

الأكثر قراءة