برد الشبط:هدوء الرياح واستمرار الصقيع وهجمة برد شرسة

برد الشبط:هدوء الرياح واستمرار الصقيع وهجمة برد شرسة

الأسبوع المقبل أول أيام موسم الشبط، ويتكون هذا الموسم من نجمين هما: النعايم والبلدة، وعند العامة شباط الأول وشباط الثاني وعدد أيامه 26 يوما يأخذ كل نجم 13 يوما وسيستمر هذا الموسم إلى نهاية شهر المحرم.
و"الشبط" تسمى في الخليج برد البطين لأنهم يعتبرون المربعانية بداية البرد، والبطين شدة البرد وبردها قارس وشديد ويتميز بالصقيع وهو الطالع الرابع من فصل الشتاء وبردها أشد من برد المربعانية، لأنه يتسم بالجفاف، إلا أن بردها يكون خارج البيوت، أما الأمكنة المغلقة فغالبا لا يدخلها البرد.
ولعل كلمة "الشبط" مأخوذ من الشهر السرياني شباط، فهو يقع في هذا الموسم،
ففي النجم الأول من الشبط "النعايم" يشتد البرد ولا سيما في الصباح الباكر وتكثر فيه هبوب الرياح المفاجئة، أما في منتصف النعايم فتتكاثر السحب الممطرة. وفي "النعايم" أيضا موسم برد "الأزيرق" وسمي بهذا لأن الأجسام تزرق من شدة البرد وغالبا ما تكون السماء صافية مزرقة بسبب تعرض المنطقة لنفحات المرتفعات الجوية الشمالية.
أما في "البلدة" فالجو يكون باردا رطبا غير جاف إلا أن البرد يبتدئ بالانحسار تدريجيا، الأمر الذي يجعل الماء يكثر جريانه في غصون الشجر وتبدأ أوراقها بالظهور فتحرث الأرض الزراعية وتسمد كيماويا.
ويروى في الأساطير الشعبية أن المربعانية عندما أرادت الخروج أوصت ولدها الشقي شباط بقولها "أنا طلعت ما ضريت .. عليك باللي أكله دويف ووقوده ليف ولا تقرب اللي أكله تمر ووقوده سمر"، وتقول أيضا "يا شباط يا ولدي تراي مرّيت ولا ضرّيت ما قويت إلاّ اللي شبوبه ليف وأكله دويف عليك باللي شبوبه سمر وأكله هبر، وذلك أن برد المربعانية لا يضر إلاّ ضعيفي الحال ممن لا يجدون حطبا جيدا وطعاما دسما, أما شباط فلم يترك أحدا لا غني ولا فقير،
فالمقصود بـ "الليف" هو لحاء النخل، ويستخدم لفلترة القهوة من الشوائب ومعروف أن "الليف" إذا أشعلت فيه فإنه يتآكل بسرعة لخفته ولا يستخدمه للتدفئة إلا ميسورو الحال و"الدويف" أكلة قديمة يأكلها الفقراء ويبدو أنها لا تحتوي على سعرات حرارية عالية لتدفئة الجسم، أما "السمر" فناره قوية، والتمر أكله يحتوي على سعرات حرارية عالية فيعمل على تدفئة الجسم.
ومن المتوقع أن تهدأ حركة الرياح، لكن البرودة مستمرة مع الصقيع المؤذي في الصباح الباكر، وتشير التوقعات إلى أن هناك هجمة برد شرسة تحاول الولوغ إلى أحشاء المملكة وسيتأثر على أثرها شمال ووسط وشرق المملكة ويتزامن ذلك مع أول أيام الشبط. وموسم الشبط يدخل في يوم الجمعة 11 كانون الثاني (يناير) 2008.
فصل الشتاء هذه السنة سيطول على غير عادته وقوي والمؤثر الرئيسي على درجات الحرارة هي الرياح الشمالية، والرياح الشمالية في حال هبوبها تخفض من درجات الحرارة. ولـ "الشبط" علامات يستدل بها العامة على دخوله:
1 ـ يكثر فيها هبوب الرياح الشمالية الباردة نتيجة تساقط الثلوج على المناطق الشمالية.
2 ـ رؤية نوء "الشول" فجرا واضحا وهو من برج العقرب آخر نجوم المربعانية.
3 ـ شدة عصف الرياح لذا يقول العامة "شباط مقرقع البيبان" كناية عن شدة هبوبه، يقصد العامة بهذا أن الهواء يشتد في الشبط، ويكون غالبا نسري "مطلع نجم النسر"، فشدة الهوا تجعل الأبواب والنوافذ لها صوت قرقعة، خصوصا أبواب الخشب القديمة لأنها ضعيفة ومعرضة للهواء، فكانت معظم الأبواب والنوافذ القديمة مصنوعة من الخشب وتطل على الحوش فيكون لها صوت صرير وعواء كعواء الذئب ولذلك تسمى "العواية".
4 ـ تهب فيها الرياح الشرقية الصلفة الباردة، لذا يقول العامة "الشبط مبكية الحصني"، وسميت بذلك لأن الحصني "الثعلب" يحفر جحره ويضع فتحة الجحر للشرق من أجل أن تدفئه أشعة الشمس عند الشروق، لكن الهواء الشرقي البارد الذي يهب في موسم الشبط يلغ إلى داخل الجحر، فيبكي الحصني من شدة البرد، يتسبب في بكائه من البرد.
5 ـ تكون السحب متقطعة وتمر بسرعة.
6 ـ صفاء وزرقة السماء غالبا.
7 ـ حمرة السماء من البرد، لذا يقول البحارة وهم في وسط البحر "إذا دخلت الشبط واحمر السماء هن عند أهلنا مثل أيام الحميمي".
ومما تجدر الإشارة إليه أن موسم المربعانية هذه السنة يغلب عليها طابع الاعتدال بسبب المنخفضات الجوية التي أتت من مناطق دافئة في الجنوب، وهذا له أثر سلبي في النباتات، لأن الطقس المعتدل يجعل النباتات تعلو لأعلى فيفاجئها برد الشبط فتموت لعدم أخذها مناعة ضد البرد في المربعانية، لأن الطقس إذا كان شديد البرودة في المربعانية، فإن النباتات تنزل أسفل فتأصل عروقها في التربة، فإذا فاجأها البرد كانت قوية الجذور فلا يؤثر فيها البرد، الأمر الذي جعل الناس يستبشرون في السابق إذا تجمد الماء في موسم المربعانية حفاظا على مزروعاتهم.
وهناك تغير ملحوظ في نوع الطقس عبر السنين محليا وعالما ويعود ذلك إلى ملوثات البيئة علاوة على دورات الطقس، إلا أن هذه الأسباب ينقصها التأكيد، إذ إن معظم بلدان العالم لا يوجد فيها سجلات للطقس في العقود الماضية.

الأكثر قراءة