ستر الله على القطة بالذيل
.. هذا المقطع القصير من قصيدة طويلة للشاعر العراقي مظفر النواب، زارني بعد أن رأيت مشهدا "شعبيا" لأحدهم، ورغم كثرة المشاهد الشعبية المضحكة، إلا أن هذا المشهد يعبر عن خصوصية معينة اكتسبها من صاحب المشهد نفسه، أحد أشهر معارضي التقليدية في الشعر المحكي، وأحد أكثر مؤيديها هذه الأيام!
تغيير المواقف أمر غير مذموم، على العكس هو أمر مطلوب ومحمود إن جاء عن قناعة، حتى ولو كانت قناعة خاطئة، بشرط أن ينبع التغيير من الذات، لا بتدخل عوامل خارجية! أما إن كان تغيير القناعة بتدخل عوامل خارجية يعلمها الكل، يصبح حينئذ رأي الشخص الذي كان يعتد برأيه في وقت من الأوقات "مسخرة"! هذا ما يحصل للأسف.
الرأي يكتسب القيمة من صاحبه، وصاحبه يكتسب القيمة من تعبه على "مخه"، من تراكم المعلومات على رأسه، وطريقة استفادته منها، أما عندما "يروغ" في منتصف الطريق بعد أن كان يمشيه "سيدا"، فلا يعقل أن نقتنع بخطواته "السيدا" فيما بعد! حتى ولو تعلل بالعسل الذي لمحه في الشجرة البعيدة عن الطريق، واشتكى من كبده التي تأثرت بالجفاف، وكيف أن كثرة اللعق أثرت في الهرمونات التي تفرزها، فأثرت في عقله كما يفعل المسكر!
الغريب أنه ومع تغيير المواقف "المدفوع" لهذا الآدمي أو ذاك، يظل حب الذات موجودا، فلا يتعب "الأخ" نفسيا من خذلانه نفسه، ويغضب من اتخاذ الآخرين مواقفه التي اتخذها هو بالأمس، وكأن المسألة ليست اختلافات فكرية، بل يدخل فيها عبارات كـ "حرام عليكم أنا خويكم"، "أفكاركم متخلفة"، و"أنتم حاسديني"! وهذه الأخيرة جملة حقيرة فيها استنزاف عاطفي عجيب، يجعلنا نخذل أنفسنا ونتحفظ حتى على الأسماء وذكرها، ولو أننا فتحنا ملفات أصحاب المواقف المتغيرة بسبب المال، لما اكتفينا بصفحات وصفعات، ولكننا في ساحة الشعر والشعراء في تخلف مدقع، أسأل الله أن يخرجني ومن أحب منها دون "خذلان" نفسي!