حمزة شحاته قمة عرفت ولم تستكشف!
إنه قمة أدبية فذة عرفت ولم تستكشف ومنذ أن تفتحت عيناه على ينابيع الأدب كان لها سحر الإشعاع في الحرف وتعشق حنان موسيقاه وسرح في أطيافه ورؤاه فقال في الشعر فنا آسرا أخاذا وفي النثر دررا ولآلئ وفي الفكر غوصا في الأعماق محلقا في أبعد الآفاق متمردا على المألوف والتقليدي الممل حيث وصفه رصفاؤه بأنه (لا يطاق) إن طبيعة كل قمة أن ترى وأن تملأ العيون وأن يتلامح هذا الجانب فيها أو ذاك مما يبدو وكأنه يغني عن اكتشاف الذروة فيها ولكن كل هذا لا يعني اكتشافها. إن هذه القمة الأدبية الشامخة هو الشاعر والأديب والفيلسوف حمزة شحاتة الذي فارق الحياة في 12/12/1392هـ ظل طيلة حياته أحرص أقرأنه ورصفائه على الزهد في نشر روائعه في الشعر وأسماط لآلئه في النثر وشوارده في الحكم يقول مؤلف كتاب "حمزة شحاتة قمة عرفت ولم تستكشف" عزيز ضياء إن إبداعه ليس في الأدب العربي الحديث فحسب وإنما "دون مبالغة" لامس الأدب العالمي من أوسع نطاق ولا بد لي أن أسميه بالظاهرة لأنه كان له من الأثر في النفوس والإيغال في المشاعر والرسوخ في الأذهان ما لم يتوافر لغير حمزة شحاتة لأنه في حياته الأدبية كان قمة عرفت ولكنها لم تستكشف ويبقى حمزة شحاتة شاعرا وأديبا وفيلسوفا ورائدا من رواد الفكر في هذه البلاد المباركة طيلة ما يقارب من نصف قرن، له قصيدة ساخرة مفرداتها قريبة من "المحكي" يعارض فيها قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي وهو يصف حاله في الهند لإكمال دراسته عند ما كان يدرس في مدرسة الفلاح في جدة وكان واحدا ممن ابتعثهم مؤسس هذه المدرسة "الحاج محمد علي زينل رضا".
يقول حمزة شحاته :
سلام النيل ياغاندي وهذا الزهر من عندي
ولوساعفني الدهر لقابلتك في الهند
ولكني كما تدري فقير عاثر الجد
أضعت البيت والقر شين في التهليس والجد
وبعت العنزة الكبرى على صاحبنا السندي
وأما سائر العفش فقد صادره وجدي
لقد أوحشتني جدا ومالك سلوة بعدي
كلانا مخفق المسعى وبربندك بريندي
فأرثيك وترثيني لعل رثاءنا يجدي
وقد ضيعني قومي وقدما أنكروا جهدي
وما بددت من وقت وما فرقت من نقدي
ولما طقني الفقر وأضحت أمتي ضدي
توكلت على المولى وعولت على زندي
أبيع الفول والحلبة والفصفص والمندي
فطورا التقي أكلي وطورا أطفح الدردي
وكان الحال مستورا واشغالي على قدي
ولي جار رقيق الحال يدعى الحاج خوجندي
ركنت إليه من غلبي فجازاني على ودي
بأن رشحني يوما لدى التعدين في المهد
فرحت وكنت مرطانا أسمي النور نورمندي
فرقاني المدير إلى وظيفة كاتب الجرد
وكان إذا راني قال ( قود مورننج اوفرندي)
فلما ثارت الحرب وجر الويل هتلردي
أقالوني وردوني وصح الجمع في جغدي
وناهيك بحر نام في البرد بلا قدي
تمنى سترة الحال فلم يعثر على صلدي
ولو أنصفت الأيام حابته با وكلندي
فما رايك في امري إذا جئتك والقندي
وهل عندك ما يكفي من الشاول والهرد
وهل نلقاك مرتاحا إلينا أو شلو جلدي
ولي أشعار أخفيها لتنشر في الورى بعدي
سكبت حوادثي فيها وقد فاقت على العد
لئن ضاقت بما رحبت علي الأرض في الهند
أتيت ديار أمجاد وعربا من بني سعد
ولاقيت من التكريم ألوانا مع الحمد
ففي الأحساء ترحيب يرد صداه في نجد
وفي جدة والطائف أياد سجلت عندي
أصيحابي تلوموني وما أبقيت من جهد
أترضون بأن أحيا كئيبا عاثر الجد
وأحسب مال قلرون وما خردلة عندي