كيفية تشكل السحب ونزول المطر
من أهم العوامل المؤثرة في الطقس السحب فلها تأثير في درجات الحرارة والرطوبة فمن الملاحظ أن الأيام الغائمة أشد برودة من الأيام المشمسة لأن السُّحُب تعكس أشعة الشمس إلى الفضاء الخارجي فلا تسخن الأرض. وفي الليل تؤثِّر السُّحُب في حرارة الأرض بشكل عكسي، حيث تنبعث الحرارة من الأرض إلى الفضاء الخارجي، ولذا تبرد الأرض. لكن السحب تعترض هذه الحرارة المنبعثة من الأرض، وتردها إليها من جديد. وهذا ما يفسر الدفء في الليالي الغائمة أكثر من الليالي الصافية.
وللسحب أنواع كثيرة.. منها العالية (على ارتفاعات بين ستة كيلومترات و12 كيلو مترا) والمتوسطة (على ارتفاعات بين 1800 متر وستة آلاف متر) والمنخفضة (على ارتفاعات 1800 متر وما دون ذلك) ولكل من هذه الأنواع تكوينه وأشكاله الخاصة .. والسحب بارتفاعاتها المتباينة يمكن تقسيمها إلى زمرتين: الأولى تسمى (سحب سمحاقية) وهي سحب دقيقة منفصلة بيضاء كالحرير، لا تلقي على الأرض أي ظل مختلفة المظهر أحيانا بشكل خصل، وأحيانا خطوط أو ريش طيور وهي بدون ظل إلا عندما تتكاثف تكاثفا كبيرا قبل تحولها إلى زمرة أخرى.. ومعظم سحب هذه الزمرة على ارتفاعات عالية...
والزمرة الثانية تسمى (سحب ركامية).. وهي سحب سميكة بصفة عامة... بعض أنواعها يهطل منه المطر والبعض الآخر يهطل منه البرد والثلج وهي طبقية على شكل أنصاف دوائر وتكون معتمة أو شبه شفافة... أو متموجة..ولكل منها ميزاته الخاصة...
فالمطر الذي يخرج من رحم السحب يتخلق على ثلاث مراحل: في المرحلة الأولى تصعد "المواد الأولية للمطر إلى الهواء مع الرياح، وبعد ذلك تتشكل الغيوم وبعدها تبدأ قطرات المطر بالظهور. فالسُّحُب تتكون من الماء المتبخر من البحار، البحيرات، المحيطات، والأنهار ومن التربة الرطبة والنباتات. هذا الماء المتبخر يتمدد ويبرد كلما ارتفع في الهواء والهواء يستطيع حمل كمية معينة من بخار الماء عند أي درجة حرارة إلا أن الهواء الدافئ يحتوي على كميات كبيرة من بخار الماء أكبر مما يحتويه الهواء البارد وعندما تنخفض درجة الحرارة العلوية يبدأ بخار الماء في التكثف (يتحول إلى سائل)، على هيئة قطيرات مائية دقيقة. ويحدث تكثيف بخار الماء عن طريق جسيمات عالقة لابد من وجودها، وهي من الدقة بحيث لا تُرى إلا بالمجهر. وهذه الجسيمات التي تسمَّى نويات التكاثف، تصبح مركز القطيرات. ويتراوح قطرها بين 0,01 و0,1 ملم. وهي جسيمات ملحية صغيرة جدًا أو جسيمات صغيرة موجودة في الدخان. وإذا انخفضت درجة الحرارة بشكل كاف، مع الاعتدال في الأحوال المناخية الأخرى، لا يتكثف بخار الماء إلى قطرات، إنما يتحول مباشرة إلى جليد بعملية تسمى التسـامي. وتحدث هذه العملية فوق درجة حرارة -40°م، وتحـتاج إلى وجود جسـيمات صغـيرة شبيهـة بنويات التكاثف وتأخذ شكل بلورات جليد تسمى نويات التجمد. تحتوي السُّحُب غالبًا على قطيرات الماء وجسيمات الجليد إذا كانت درجة الحرارة بين الصفر المئوي و- 40°م. كما أن القطرات لا تتجمد في كل الأحوال عند درجة الصفر المئوي، فقد تبقى سائلة عند درجة -40°م.
إن جزيئات المياه التي تحيط بجزيئات الغبار تتكاثف لتكون قطرات المطر، وبهذا فإن المطر الذي يصبح أثقل من الهواء يترك الغيوم ويبدأ بالهطول على الأرض.
فالغيوم الممطرة تتكون وتتشكل وفق نظام ومراحل محددة. فمثلاً مراحل تكون الركام وهو أحد أنواع الغيوم الممطرة هي:
المرحلة الأولى: هي مرحلة الدفع حيث تحمل الغيوم أو تدفع بواسطة الرياح.
المرحلة الثانية: هي مرحلة التجمع حيث تتراكم السحب التي دفعتها الرياح مع بعضها البعض لتكون غيمة أكبر.
المرحلة الثالثة: هي مرحلة التراكم، حيث إن السحب الصغيرة عندما تتجمع مع بعضها، فإن التيار الهوائي الصاعد في الغيمة الكبيرة يزداد، فالتيار الهوائي قرب مركز الغيمة يكون أقوى من التيارات التي تكون على أطرافها، وهذه التيارات تجعل جسم الغيمة ينمو عمودياً ولذلك فإن الغيمة أو السحابة تتراكم صعوداً. هذا النمو العمودي للغيمة يسبب تمددها إلى مناطق أكثر برودة من الغلاف الجوي، حينما تتكون حبات المطر والبرد وتصبح أكبر ثم أكبر، وعندما تصبح حبات المطر والبرد ثقيلة جداً على التيارات الهوائية بحيث يتعذر عليها حملها تبدأ بالهطول من السحب الممطرة على شكل مطر أو حبات برد وغيرها .
وكل هذا يحدث داخل فرن الحرارة فالحرارة لها دور مهم ورئيس في ما يسمى الأمطار التصاعدية التي تنتج عن حرارة النهار فعندما تُدفئ الشمس سطح الأرض، يسخن الهواء الملاصق للأرض. ويتصاعد الهواء الدافئ لأن كثافته أقل من كثافة الهواء البارد. وتُسمى عملية ارتفاع الهواء الدافئ تيار الحمل. وتسمى هذه الطريقة في تكوّن السُّحب الحمل. وكلما تصاعد الهواء، تمدد وانخفضت درجة حرارته. فإذا وجد في الهواء المتمدد بخار ماء كاف، يتكثف بخار الماء وتتكون منه السُّحُب.
أما الأمطار الإعصارية فهي التي تنتج من تصادم كتل هوائية غير متجانسة مثل المنخفضات الجوية الشتوية، فعند التقاء كتل الهواء البارد بالهواء الدافئ، ومنها تتكون السحب بالنشاط الجبهوي. ثم يبرد بخار الماء في الهواء المتصاعد، ويتكثف على هيئة قطيرات تتكون منها السحب.
وهناك أمطار المرتفعات الناتجة عن اعتراض جبال لرياح رطبة فتضطرها إلى الصعود إلى أعلى فينتج سقوط المطر. فعندما يصعد الهواء الدافئ الرطب فوق منحدر الهضاب، أو على رؤوس الجبال، يبرد الهواء بالتمدد، ويكون هذا سببًا في تكثُّف بخار الماء، وتكوُّن السحب، التي تبقى عالقة فوق الجبال.
وما يحدث في المناطق المدارية يفسر ذلك مثل ماليزيا، ففي الصباح تشرق الشمس والجو شبه ضبابي مع رذاذ خريفي والهواء عليل والسحب أغلبها منخفضة، ومن ثم تشتد الحرارة وينقشع كل شيء ويصفى الجو حتى منتصف الظهيرة ثم تظهر كتل من السحب الركامية تنمو بشكل سريع وتبدأ تسمع الرعد من الساعة الثانية ظهرا فتسقط الأمطار بشكل غزير ومتقطع وقد تظهر الشمس وما يلبث حتى تسقط الأمطار مرة أخرى، وعند مغيب الشمس تضمحل السحب وتهدأ الأمطار
فعند شروق الشمس كان الجو مشبعا بالرطوبة المدارية وتيارات الحمل خاملة وعندما ارتفعت الحرارة صعد الهواء إلى أعلى بشكل شبه عمودي بسبب انخفاض الضغط الجوي المستمر، ولذلك انسحبت الرطوبة إلى أعلى وانقشعت السحب المنخفضة لتتشكل السحب الركامية الرعدية وعند الوصول إلى قمتها في الساعة الثانية ظهرا بدأت السحب ترخي حمولتها المائية وتبدأ عملية الاستنزاف لها حتى تتلاشى بعد مغيب الشمس وتهدأ الرياح الصاعدة لأن الحرارة انخفضت لذلك البرق والرعد من المستحيل أن تشاهدهما في المناطق القطبية بسبب انعدام تيارات الحمل الصاعدة
باحث فلكي
عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك