العقارب بـ 3 نجوم تكسر حدة البرد

العقارب بـ 3 نجوم تكسر حدة البرد

في هذا الأسبوع نعيش أول موسم العقارب ويتزامن ذلك مع بداية إجازة منتصف العام الدراسي ومن المتوقع خلال هذا الأسبوع أن تنكسر حدة البرد ويعود الدفء في النهار أما في الليل فالبرد لا يتسم بالصقيع إلا أنه يجب أخذ الحيطة من هجمات البرد المباغتة والذي يتسم به موسم العقارب الأولى والعامة تقول (إذا دخلت العقارب ترى الخير قارب) وذلك أن العقارب إذا دخلت كان دخولها إشارة إلى قرب انتهاء فصل الشتاء ببرده وجفافه وشح المرعى فيه وقرب حلول فصل الربيع بدفئه وعشبه. وخلال الأسبوع الماضي تأثرنا بمرتفع جوي عميق تمثل بهبوب رياح شمالية إلى شمالية غربية تدنت على أثره درجة الحرارة إلى ما دون الصفر على كثير من المناطق وخلف الصقيع وسبب زرقة في السماء.
وقبل موسم العقارب الشبط وتبدأ من 11 كانون الثاني (يناير) وتنتهي في الخامس شباط (فبراير) ولها من النجوم النعايم والبلدة هذا بحساب عرب شبه الجزيرة العربية إلا أن بلدان الخليج مع اعتمادهم ذلك سواء بسواء إلا أنهم أخذوا من إيران والعراق موسما صغيرا يسمونه (الأزيرق) أي الموسم الذي تزرق فيه الأجسام من شدة برده وباللغة الفارسية يسمونه (جار وجار) ومعنى جار أربعة أي الموسم أربعة وأربعة تساوي ثمانية أيام تبدأ من 24 كانون الثاني (يناير) وتنتهي بختام الشهر فهي أيضا أربعة من النعايم وأربعة من البلدة إذن لا خلاف في ذلك ولا سيما أن ربابنة السفن يعتبرونها أربعة من الـ 70 وأربعة من الـ 80 أي من 167 من النوروز إلى 174 (الأربع الأخيرة من الـ 70 إلى نهاية الأربعة الأولى من الـ 80) ومن خواص الأزيرق أو جار وجار هبوط ملحوظ في درجة الحرارة وغالبا يتمثل ذلك في هبوب رياح شمالية غربية قلما تخلف كما حصل لنا في هذه السنة.
أما بشأن العقارب فقد بدأت من يوم الأربعاء الماضي ولها من النجوم ثلاثة الذابح وبلع والسعود هذا عند عرب الجزيرة، أما العوام فيسمونها عقرب السم والدم والدسم فالسم دلالة على البرد الشديد إذ إن بردها يقتل كما يقتل السم والدم دلالة على البرد الخفيف إذ إن بردها يدمي ولا يقتل أما الدسم فدلالة على الربيع وهذه الأسماء تدل على مواقعها من الفصل برودة ثم دفء نسبي ثم ربيع ويتصف موسم العقارب بهجمات البرد المباغتة، حيث تهب علينا رياح شمالية باردة إلا أن الرياح السائدة هي الجنوبية أو الجنوبية الشرقية وهو آخر شهور البرد لذا يكون الطقس فيه متقلب الأطوار وفي أولها تغرس النخيل وبداية تبييض الطيور وبوادر الباعوض وتكثر مسببات الحساسية مع كثرة طلع النخيل وبواكير.
وقبل انتهاء موسم العقارب وبالتحديد ما بين 18 إلى 21 آذار (مارس) تنزل أمطار خفيفة متفرقة مع غبار عالق في الجو وهذه الأمطار غير الملفتة للنظر تسمى النيروز لأن نيروز العجم يبدأ بيوم 21 آذار (مارس) وأمطار آخر العقارب تدخل في حيز الأمطار الصيفية وأمطار كل موسم يتصف بصفات معينة فأمطار الشتاء تتصف بحبات مطر صغيرة وتكون عامة ودائمة أما أمطار الصيف فتكون حبات المطر كبيرة لها صوت دبدبة ومشوبة بغبار عالق وسحبها ركامية على شكل أنصاف دوائر وتتشكل محليا وغزيرة المطر وتكون متفرقة وآخر موسم العقارب فترة التداخل بين فصلي الشتاء والربيع وهي فترة مشوبة بكثير من المفاجآت مثل التطرف في درجة الحرارة ونزول الأمطار المتفرقة والزاخة في بعض حالاتها وأمطار هذه الفترة تأخذ صفات الأمطار الشتوية الديمية وصفات الأمطار الصيفية الغزيرة لذا تكون سيولها مدمرة وجارفة ومن المتوقع أن تكثر الكوارث الناتجة عن هطول الأمطار في هذه الفترة وخاصة أنها تتزامن مع موسم الرحلات البرية وتسمى هذه الفترة بموسم سبق السرايات والسرايات اسم محلي يطلق على المنخفضات الجوية الحرارية التي تتكون بفعل التسخين في نهاية فصل الشتاء البارد وبداية فصل الربيع الممتع أي أنها تتخلق نتيجة التمازج بين فصل وآخر، حيث نلاحظ فارقا حراريا كبيرا بين الليل والنهار. والسرايا يتولد عنها رياح عاصفة ناقلة للغبار والأتربة والمواد العالقة في الجو وهي رياح ماكرة لا تستقر على جهة وغالبا ما تكون رياح شمالية أو شمالية غربية ففي طبقات الجو العليا تتكون السحب ويحدث التمازج بين الهواء الحار الجاف والهواء الحار المشبع بالرطوبة فينتج عن ذلك تشكل السحب الركامية المصحوبة بالرياح الهوجاء وقصف الرعد ووميض البرق الخلب، وأحيانا يكون مصحوبا بزخات البرد خاصة بعد دلوك الشمس ويرجع ارتفاع درجة الحرارة بالتدريج إلى عوامل عدة أهمها أن الشمس بدأت تتجه أشعتها إلى التعامد على المناطق الشمالية من الكرة الأرضية، وكذلك أيضا تخلق السحب المحلية والتي تعمل على تشكيل حواجز على حركة الرياح الملطفة للجو فيحتبس الهواء وتخف حدتها مما يجعل درجة الحرارة ترتفع وتحس الأبدان بالسأم والملل لأن الرياح الشمالية أو الشمالية الغربية المصاحبة للمرتفعات الجوية هي من أهم العوامل التي تعمل على تلطيف الجو لكونها رياحا سطحية وعلوية معا تتغلغل إلى طبقات الجو العليا الباردة. وهبوبها في موسم الحر يؤدي إلى تلطيف الجو علما أنه من الصعوبة بمكان التعامل خلال هذه الأيام مع الرياح لأنها رياح ماكرة لا تستقر على جهة معينة
ومما تجدر الإشارة إليه أن هناك تغيرا ملحوظا في نوع الطقس عبر السنين محليا وعالما ويعود ذلك إلى ملوثات البيئة علاوة على دورات الطقس ألا أن هذه الأسباب ينقصها التأكيد إذ إن معظم بلدان العالم لا يوجد فيها سجلات للطقس في العقود الماضية.

الباحث الفلكي
د. خالد بن صالح الزعاق
عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

الأكثر قراءة