هل المطابخ تخفي الكثير مما يستحق الإخفاء؟
يبدو الدخول على مطبخ في أحد المطاعم كالدخول إلى منطقة عسكرية مغلقة مع عملية الاعتراض التي قد تواجهها وأنت تهم بالنظر إلى مكان التحضير للطعام الذي سيصبح بعد قليل في بطون أبنائك وأعزائك الذين تركتهم لهذا الغرض.
كثير من المطاعم تتبنى فكرة "التابوه" الذي يجب أن يظل سرا لا يظهر للعلن في طريقة التعامل مع مطبخها والسبب المعلن في الغالب هو الحفاظ على أسرار الطبخة أو لدواع صحية معتبرة غير أن عددا من أشهر سلسلة المطاعم في العالم اختار الدعاية لسلسلة مطاعمه بفكرة قلبت الطاولة في وجه هذا "التابوه".
إحدى هذه الماركات الشهيرة لتقديم الطعام السريع في العالم يقترح على زبائنه زيارة المطبخ للاطمئنان على عملية تحضير الطعام ورؤية المستوى العالي للنظافة والترتيب الذي يقدمه المطعم العالمي الشهير, غير أن مطعما آخر بالشهرة العالمية ذاتها لا يجد حرجا كبيرا في أن يقدم له زبون قطعة مسمار وجدها في وجبته الغذائية المقدمة من المطعم ليعتبرها مدير المطعم أحد الأخطاء التي قد تحصل في أي مكان في العالم.
مستويات متفاوتة من النظافة والترتيب ليس بالتأكيد عامل السعر هو الفيصل في تحديد ترتيبها، كما يشير صاحب مطعم تركي يعتبر النظافة أهم مقومات مطعمه في قدرته على جذب اهتمام "الزبائن"، ولكنه في الوقت ذاته غير مستعد لإعطاء زبائنه فرصة الاطلاع على المطبخ الخاص بالمطعم باعتباره قد يضر صحيا بمستوى الأطعمة المعدة، فيما لو ترك المجال للجميع بمطالعته, غير أن فندقا عالميا شهيرا اختار أن يقدم طعامه لكبار الضيوف في المطبخ، حيث يرون ما يتم إعداده لهم.
في المدينة المنورة تتفاوت مستويات الطعام المقدم من المطاعم باختلاف مواقعها, وإذ يحرص أصحاب المطاعم الواقعة في شوارع تجارية مهمة على الاعتناء بالزبون ومستوى النظافة للطعام المقدم له مع شدة التنافسية التي تشهدها هذه الشوارع بوجود سلاسل المطاعم الشهيرة تبدي المطاعم القابعة في أوساط تجارية ضعيفة المستوى أو قليلة التنافسية اهتماما أقل بالنظافة.
في الجوار من الحرم النبوي الشريف تجد كل تلك الأنواع من المطاعم, إذ تنتشر المطاعم ذات اللافتات المزينة بالماركات الشهيرة من الطعام إلى جوار المطاعم الرخيصة التي خطت أسماؤها بلغة آسيوية وتحديدا باللغات الهندية وهي إلى ذلك تتفاوت مستوياتها بين الاهتمام بالنظافة إلى اعتبارها الهم الأخير، كما يشير الباكستاني يوسف بلوشي.
ينحصر دور الأمانة التي تتولى الإشراف على هذه المطاعم بتنفيذ الغرامات المالية على البوفيهات والمطاعم التي لا تتقيد بشروط الصحة الغذائية, وتجري البلديات دوريا مسحا ميدانيا على مناطق اختصاصها لتسجيل المخالفات الصحية التي ترتكبها المحال التجارية التي تبيع الغذاء, ولكن العديد من المهتمين يطالبون بدور أكبر للأمانة يتبنى فضح وكشف سجل المحال التجارية التي سجل عليها عدم اكتراث بصحة المواطن والزائر والمقيم.
ويقول عبد الغني الأنصاري رئيس لجنة المسؤولية الاجتماعية في غرفة المدينة المنورة إن الشفافية أمر مطلوب لفرض قانون الثواب والعقاب بشكل يرضي المستهلك ويفتح عينه على الكثير مما لا يراه في حدود المطبخ الخاص بالمطعم لافتا إلى أن على المطاعم والمنشآت الفندقية السياحية التي تحترم نفسها أن تكشف بكل شفافية عن مستويات النظافة والترتيب فيها كما تفعل المطاعم والفنادق العريقة لا أن تبقيها سرا محتكرا.