علم الهندسة النفسية
تنشأ اختلافات النفوس من حقيقة أن كل نفس هي عبارة عن خلطة أو مزيج أو تركيبة من صفات متضادة، من صفات الخير وصفات الشر.
و(الناس أخياف ) كما تقول العرب فهم مختلفون في الطبائع والصفات،
فمن جانب يوجد الكرم والحلم والروية والتؤدة والشجاعة والصبر... ومن جانب آخر يوجد البخل والكذب والحسد وسوء الظن والتهور والعجلة إلى آخر الصفات السيئة.
والنفوس البشرية عبارة عن أخلاط بمقادير معينة من جانبي الخير والشر انصهرت في بوتقة واحدة، تشكلت منها نفسيات بشرية في تنوع وتعدد لاحصر له.
ومن ثَّم فإن فهم التركيب النسبي للنفس البشرية يُعد من أهم قواعد التعامل مع النفوس في كل أحوالها، والتجارب تؤكد أن غالب الفشل في التوجيه التربوي والإصلاح النفسي مرده إلى القصور في إدراك حقيقة التركيبة النفسية للأفراد المستهدفين بالرعاية. والنفوس لها قابلية للتبدل والتحول ولو كانت جامدة لا تقبل التغيير لما آتت الجهود التربوية ثمارها في تقويم السلوك.
ولهذا فإن وصفات العلاج المعلبة الجاهزة أو المستوردة لا تنفع في قليل ولا كثير، لأن الوصفة الناجعة تقوم على تشخيص متأنٍ للنفس يتم من خلالها معرفة أدوائها وعللها وتلمّس منابت الخير ومكامن التفوق، ليتسنى بعد ذلك علاجها.
ومن هنا لابد من دراسة ميدانية للظواهر العامة وتشخيص أسبابها وتاريخ ظهورها، ولابد من إقامة علاقة ثنائية مباشرة قبل الحكم في الظواهر الفردية الخاصة تتيح اكتشاف جذورها.
إن الهندسة النفسية علم يستند إلى التجربة والاختيار، ويقود إلى نتائج محسوسة ملموسة. الهندسة النفسية تنظر إلى قضية النجاح والتفوق على أنها عملية يمكن صناعتها، وليست وليدة الحظ أو الصدفة.
لذا كان لزاماً على مراكز الإصلاح الأسري والجهات المعنية بالإصلاح عموماً وكل من له اتصال مباشر ومؤثر في الناس أن يدرسوا علم الهندسة النفسية ويعرفوا جوانب الخير والشر في النفس الإنسانية، و يجب أن تنطلق برامجهم الإصلاحية وفق هذه الرؤى لكي تجد صدى طيباً في نفوس المحتاجين للتغيير الإيجابي. وطابت أيامكم.