ارحمونا رحمكم الله

ارحمونا رحمكم الله

يصر أدعياء الشعر وناظموه على ارتباط الشعر "بالتراث"، وأن إقامة الفعاليات التي تخدم الشعر خدمة لـ "التراث"، وبذلك سيضطر مهندس الديكور الذي يجهز لمكان تصوير أي برنامج تلفزيوني خاص بالشعر للاستعانة بأي شيء يذكر المشاهد بالماضي: زير ماء، منقل جمر، "دلة" محروق أسفلها من أثر النار، إبريق "مطعوج" ولا مانع من نقل مكان التصوير كله إلى "البر" وبناء بيت شعر خاص لتسجيل الحلقة عن الشعر!
هذه المصيبة التي تكرس لانتكاسة "الشعر" مررها كثيرون، لا يعلمون أنها كذلك!
هم – عن نية حسنة - يعتقدون أن في ذلك صالح العمل التراكمي لثقافتهم المحلية، إلا أنهم قتلوا معنى الشعر الحقيقي شيئا فشيئا حتى أصبح الكل يرى حتمية عدم قدرته على تجاوز الماضي أقوالا وأفعالا! وهذا أمر إضافة إلى ضرره الخاص بقتل روح التجديد والنفور منها قبل بعثها، له ضرر عام أكثر فداحة وجرما، وهو اعتبار الشعر منتجا "قديما" بأغراضه ومفرداته وقالبه وقلبه! وبذلك يتوالد أصحاب النتائج المستنسخة من تجارب السابقين، حتى تضخمنا وآمن أطفالنا أن الشاعر "بدوي" فقط، والشعر "صوت" هذا البدوي وهو يركب ناقة، وأن هذا الصوت قد يصبه خرس أو على الأقل "بحة" إن أنتجه الشاعر وهو يركب سيارة!
هو "تخلف" ما نمر به من تجرير لتجارب سابقة بأشكال مختلفة، "تخلف" عندما نربط الشعر بحياة البداوة فقط، "تخلف" عندما نقرأ الشعر ونسمعه على ما يريده آباؤنا فقط، لا ما على نريد نحن أو ما يتطابق مع التطوير والتجديد الذي نطلبه، "تخلف" أن يتردد أحدنا عندما يريد الإفصاح عن شعر لا يتقاطع مع "البداوة" وملامحها المختلفة، "تخلف" والله أن يعتقد أحد الشعراء "الشباب" المشهورين أن أمل دنقل "شاعرة" عراقية!! ومع ذلك يعتبره "جمهور الشعر" صاحب صوت عال ثقافيا، ويجب أن يحتفى به كشاعر له تأثير!

الأكثر قراءة