كاسحو الألغام
ترصد الشركات الغربية الكبرى أموالاً كبيرة لدراسة علم العلاقات الإنسانية، وهو يشمل فن معالجة الأخطاء، وفن التعامل مع الآخرين، وفن التأثير، وفن الإقناع، وفن قيادة الآخرين، وتُولي الشركات هذا الجانب عناية فائقة من خلال معاهد تدريب متخصصة يشرف عليها مدربون محترفون يكسبون موظفي الشركات الذين لهم اتصال مباشر بالجمهور ويكسبونهم المهارات اللازمة مما ينعكس بدوره على زيادة تسويق منتجاتهم وكسب عملاء آخرين وتحقيق أعلى درجات الرضا بين الشركات والجمهور ، إضافة لدعمها البحوث والدراسات التي تكسب موظفيها حساسية عالية في التأثير والإقناع وهم الذين يتولون أمور زبائن الشركة المشاغبين والمتعبين، وينقلونهم من جو السخط والغضب إلى حال الرضا بل والإعجاب بالشركة ومنتجاتها.
ولا تكاد تخلو شركة من الشركات من قسم العلاقات العامة من خريجي هذه المعاهد المتخصصة، وهؤلاء هم الذين يحلو ( لديل كارنيجي، في كتابه الشهير كيف تكسب الأصدقاء) أن يسميهم ( كاسحي الألغام).
ولا شك أننا نعيش أزمة في العلاقات الإنسانية، والموظفون الذين لهم اتصال مباشر مع الجمهور في دوائرنا الحكومية مثل دائرة الأحوال والجوازات والسجل التجاري والرخص بأنواعها وفي المطارات ونقاط الحدود البرية من جوازات وجمارك وفي الطرق كرجال المرور والشرطة هم بحاجة إلى عناية خاصة وتدريب لإكسابهم مهارات في حسن الاستقبال وفن الحديث والتحلي بالذوق الرفيع وضرورة استعمال كلمات الاحترام والتقدير في بداية الحديث ونهايته، يجب أن تنشأ في بلادنا معاهد متخصصة محترفة لتدريب الأفراد الذين يباشرون حاجة الناس في الدوائر الحكومية -قبل القطاعات الخاصة -على مهارات الاستماع والحديث وفن الإقناع والتأثير.
ولا بد أن نعلم أن صاحب الحاجة أرعن لا يروم إلا قضاءها، وربما كان صاحب الحاجة كبيراً في سنه أو جاهلاً غير متعلم ، أو رجلاً جاء لتوه من البادية
ومنهم الطيّاش سريع الغضب، ومنهم من تعيد عليه الكلام مراراً ولا يفهم،
وعلى اختلاف هذه الرعونات التي تصاحب بعض المراجعين إلا أنه يتوجب على الجهات الرسمية تجنيب الناس الفوضى وتنظيم المكان للمراجعين بشكل حضاري يحفظ كرامتهم، وتجنبهم الوقوف على الأقدام والانتظار الطويل، وتزود قسم الاستقبال بالعدد الكافي من الموظفين ليساهموا في سرعة الإنجاز واختصار الوقت، ومن جهة أخرى على موظفي الاستقبال احتواء المواقف وكسب المراجعين بالكلمة الطيبة والتعامل اللبق. والكلمة القاسية في العتاب لها كلمة طيبة مرادفة تؤدي المعنى نفسه، والصينيون يقولون في أمثالهم: ( نقطة من العسل تصيد من الذباب ما لا يصيد برميل من العلقم). وطابت أيامكم.