السرايات موسم رعب المزارعين
نعيش الآن فترة الاستعداد لموسم الحصاد السنوي، الذي يأتي بعد موسم كامل من الكد والكدح، حيث يحبس كثير من زراع القمح في المنطقة الوسطى الماء عن مزروعاتهم استعدادا لموسم الحصاد السنوي، لأن من لوازم الحصاد جفاف الماء عن النوى. وتستمر فترة الحبس هذه قرابة 20 يوما وتسمى فترة الاستراحة، إلا أن هذه الفترة مشوبة بكثير من المخاوف الطارئة، حيث إن حصادها يأتي في موسم أمطار السرايات الفعلية، وهي فترة من أحرج الفترات على المزارعين لما لها من آثار سلبية في مزروعاتهم ومواشيهم، لأنها أمطار مصحوبة بزخات برد ورياح هوجاء تعمل على تكسير سنابل القمح المهيأ للحصاد، ما يجعل عيون المزارعين تتسمر ناحية السماء خوفا من أمطار السرايات، فإذا اتشح الجانب الغربي من السماء بوشاح أسود لا تستطيع سيوف البرق أن تمزقه حينئذ يحس المزارع أنه قد أحيط به.
والتخلخلات الجوية الحاصلة الآن نتيجة لهذا الموسم بما يعرف بالموسم الانتقالي من فصل الربيع إلى فصل الصيف الفعلي وسيشتد ضرامها مع بداية موسم السرايات الفعلية. والسرايات اسم محلي يطلق على المنخفضات الجوية الحرارية (السحب الصيفية) التي تتكون بفعل التسخين في نهاية فصل الربيع الممتع وبداية فصل الصيف الحار، أي أنها تتخلق نتيجة التمازج بين فصل وآخر، حيث نلاحظ فارقا حراريا كبيرا بين الليل والنهار. والسراية يتولد عنها رياح عاصفة ناقلة للغبار والأتربة والمواد العالقة في الجو، وهي رياح ماكرة لا تستقر على جهة وغالبا ما تكون رياح شمالية أو شمالية غربية والسرايات عادة ما تكون من أول نيسان (أبريل) إلى 10 أيار (مايو)، وقد تبدأ قبل هذه الفترة بقليل وتمتد إلى نهاية شهر أيار (مايو)، وكل ذلك يعتمد على الظروف الجوية لتخلق سحابة السراية. وغالبا لا تتخلق سحب السرايات إلا بعدما تنكسر أشعة الشمس ويكون تشكلها محليا، أي في بقعة دون أخرى، وقد تتكون أكثر من سحابة في المنطقة نفسها. وتشتد وطأتها إذا صاحبها نزول (برد)، ويحدث ما هو أخطر من الأمطار ألا وهو البرق وتفريغ الشحنات الكهربائية، ما له آثار جسيمة على الحرث والنسل .. أما سرعة رياح السرايات الرأسية فتتراوح بين 85 و 110 كيلو مترات/ساعة أو أعلى من ذلك بقليل. وعلاوة على تنقلها السريع فإنها تعمل على ثوران كميات كبيرة من الغبار والعواصف الرملية، خاصة في المناطق الصحراوية، الأمر الذي يجعل المصابين بحساسية الصدر يعانون خلال هذه الفترة الزمنية. ومن سمات موسم السرايات نزول الأمطار بشكل متفرق وتكون عادة مصحوبة بقصف الرعد ووميض البرق، وتكون حبات المطر كبيرة لها صوت دبدبة ومشوبة ببعض الغبار العالق في الجو، وفي حالات نادرة ربما صاحبها نزول حبات برد.
ومن المتوقع حدوث ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة في الأيام المقبلة، خاصة عندما تسكن حركة الرياح وذلك تمهيداً لدخول موسم الصيف اللاهب عند دخول موسم الكنة، التي تنطلق فيها الشمس باتجاه الشمال استعدادا لموسم الصيف الفعلي الحار، ما يجعل أشعة الشمس تقترب من التعامد على مناطقنا، الأمر الذي يجعل درجة الحرارة ترتفع بالتدريج حتى توائم درجة الحرارة طبيعة كثير من الهوام السامة والثعابين والعقارب فتخرج من مخابئها.
الباحث الفلكي