اختفاء الثريا عن الأبصار
موسم الكنة
خلال هذا الأسبوع سيدخل موسم الكنة وبالتحديد يوم الأربعاء 17/4/1429هـ الموافق 23/4/2008م ومدتها نحو 40 يوما وهي خفاء الثريا عن الأبصار من باب الاصطلاح أما من ناحية الواقع فتختفي قرابة 26 يوما لدخولها في حمرة شعاع الشمس فمعروف أن النجوم موجودة في السماء طوال الوقت إلا أن شعاع الشمس يمنعنا من مشاهدتها نهارا وبعدما تتحرر النجمة من آخر حمرة النهار وتدخل حيز أول الليل تبدأ العين البشرية في مشاهدتها وتبدأ حساب المواسم من هذه الفترة فعندما يشاهد النجم فجرا يقال إن الموسم قد حل فعلا وموسم الكنة يبدأ من رؤية الرشا فنؤها الرشا والشرطين والبطين ومن البروج من 3 الثور إلى 12 الجوزاء وكان الناس في العقود الماضية يشعرون بأن موسم الكنة يتصف بهدوء الريح وبداية اشتداد الحر ولاسيما أننا فيها للتو قد فارقنا الجو اللطيف المعتدل ونفاجأ بالحرارة قبل أن نتعود عليها صيفا إلا أن الرياح لا تسكن فيها فهي خفيفة ومتقلبة إلا أن الأيام الأخيرة منها قد تعصف فيها ريح الشمال المسماة بداية رياح البوارح وهي ريح شمالية غربية مثيرة للغبار والأتربة من صحراء واسعة جافة وهي التي تقع بين الأردن والعراق والمملكة. والمنطقة الوسطى تتأثر برمال صحراء النفود الواقعة شمال مدينة حائل. ويمتاز أول موسم الكنة بتخلخل شديد في الطقس وموسمها يشمل النصف الأخير من نظام السحب الصيفية التي تسمى أمطار السرايات. وعلى ذلك تكون بداية موسم الكنة امتدادا للسرايات لكن المطر في النصف الأخير من السرايات يكاد يكون نادرا في بعض السنين ولعل عامنا الحالي يكون كذلك بسبب قدوم مرتفعات جوية من الشمال التي تخف معها السحب الركامية الممطرة ويتبع ذلك قلة سماع الرعد أو مشاهدة وميض البرق إلا البرق (الخلب) وهو الذي يشاهد في الأفق نتيجة مطر في مناطق بعيدة عنا. وبتقدم موسم الكنة يتفكك المرتفع السيبيري إلى خلايا صغيرة تظهر بينها منخفضات جوية قادمة من أوروبا أحياناَ أو ممتدة من الجنوب. وتتكون منخفضات جوية فوق المنطقة تتفاعل أحياناَ مع الهواء القادم من شرق المتوسط ويصاحب تكون هذه المنخفضات الصحراوية رياح جنوبية شرقية نشطة مثيرة للرمال التي تصل لحد العاصفة أحياناَ.
وإذا انتصفت الكنة ينتهي الموسم الطبيعي لنزول الأمطار ومعنى ذلك أنه إذا نزل مطر فيكون شاذا ويتزامن ذلك مع تركيب النخل
أما الحرارة فتدخل الكبرى في الأربعينات والصغرى في أواخر العشرينات ومما تجدر الإشارة إليه هو التغير في عنصر هبوب الرياح في الكنة ففي العقود الماضية كانت الكنة تتسم بانحباس الريح التي تعمل على ارتفاع درجة الحرارة إلى درجة لا تطاق مما تجعل الأجسام تحس بالسأم والملل إلا أنها ليست كذلك في العقد الحاضر مما يدل على تزحزح في الجو نتيجة تزاحم المرتفعات مع المنخفضات في المناطق المجاورة إلا أن الريح الشمالية العالية المؤقتة التي تهب في 7 أو 8 مايو (أيار) من كل عام فهي لا تزال في رتابتها وتسمى (رياح بارح المشمش) ومن المتوقع هبوبها في هذا العام ومهما تغيرت ظروف المناخ لأسباب عدة إلا أن موسم الكنة قد يحتفظ ببعض مظاهره وهو الهدوء النسبي في سرعة الرياح وزيادة درجات الحرارة عما قبلها من المواسم وذلك في أغلب أيام موسم الكنة. ولا يزال المهتمون بالطقس يدرسون ويستنتجون المعطيات لهذا التغير وإن لم يكن ذلك باهتمام كبير ولعل الأيام أو الأسابيع أو الشهور أو حتى السنين المقبلة ستجيب عن أسباب هذا التغير وفي موسم الكنة يشعر الناس أن الظل صار يصغر وأن الشمس بدأت تقترب من الرأس في سير اتجاهها إلى الاقتراب من الميل الكلي الذي يبلغ 23 درجة و26 دقيقة وموعده في 21 حزيران (يونيو)
الباحث الفلكي.
عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك