نهج باراك أوباما في الشرق الأوسط
يتمحور جل برنامج حملة باراك أوباما الانتخابية بخصوص الشرق الأوسط حول الأجزاء المتعلقة بتطورات الأمور بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر), التي شاءت الأقدار أن تتمركز في نهاية مطافها حول المسألة العراقية, بل إن الفلسفة الأوبامية (إن صحت التسمية) تجاه المنطقة تنطلق في الأساس من واقع تطورات الملف العراقي. ربما على هذا الأساس ومن هذا المنطلق؛ كتب المرشح الديمقراطي مقاله الشهير الذي نشره في جريدة "نيويورك تايمز" في 14 تموز (يوليو) 2008 تحت عنوان "خطتي للعراق".
لقد عارض أوباما الحرب على العراق في بدايتها واستمر في النهج نفسه رافضاً زيادة عدد القوات فيه, بل اعتبر الحرب على العراق "خطأ كبيرا"، حيث شتت المجهود الحربي في أفغانستان، وأن احتلال بلد لم يسبب خطرا مباشرا على أمريكا وليس له علاقة بأحداث 11 سبتمبر في وجهة نظره يعتبر خطأ جسيما. خسرت الولايات المتحدة أكثر من 4000 جندي، وخسرت بجانب ذلك أكثر من تريليون دولار، ولقد زادت التهديدات والإشكاليات عليها من جراء عمليات تلك الحرب. على هذا الأساس كتب أوباما بأنه "سوف يصدر في يوم عمله الأول مهمة جديدة للقوات الأمريكية في إنهاء الحرب في العراق".
تتلخص خطة أوباما بسحب القوات من العراق بشكل تدريجي خلال ستة عشر شهراَ، وتزامنا مع ذلك سوف يكون هناك تعزيز للقوات الأمريكية في أفغانستان. يصر أوباما على أن تكون خطة الانسحاب تلك خطة ذكية وحذرة، وأنه لن يُفعل مراحلها إلا بعد أن يدرس الوضع مع خبراء وقادة القوات هناك. في الوقت نفسه سوف يكون هناك جهود حثيثة - على حد قوله - لتدريب القوات العراقية وتقويتها.
يقر أوباما في مقام آخر على أن الحرب في العراق قد أفرزت معضلة إضافية (لمعضلة إضعاف موقف الولايات المتحدة من الحرب على الإرهاب) متمثلة في كون تطوراتها قد أدت إلى تقوية جار العراق الشرقي (إيران) أكثر من أي وقت مضى. وهي المعضلة المتزامنة نفسها مع تأجج وتأزم مشكلة الملف النووي الإيراني.
لذلك وضع أوباما خطة أخرى تجاه إيران وذلك على عدة اعتبارات. فمن ناحية سوف يحول دون امتلاك إيران قوة نووية، ومن ناحية أخرى فهو على أتم الاستعداد -إذا انتخب رئيساً للولايات المتحدة- لفتح باب التفاوض على مصراعيه مع القادة الإيرانيين وذلك دون شروط أو قيود. وسوف يكثف العقوبات الاقتصادية على طهران مع إبقاء الخيار العسكري مفتوحاً. لم يقتصر مبدأ الدبلوماسية المفتوحة عند أوباما على جار العراق الشرقي، ولكن شمل كذلك الجار الغربي للعراق؛ حيث أكد أوباما نياته للتفاوض المباشر مع القيادة السورية.
بهذا فإن خطط الانسحاب من العراق وخطط التعزيز في أفغانستان سوف تتلازم مع نهج جديد من الدبلوماسية المفتوحة حسب طرح برنامج باراك أوباما.