د. محمد الصيخان: بضائع "أبو ريالين" لا تختلف عن السجائر.. فيها ضرر وترفيه لحظي
أكد الدكتور محمد بن صالح الصيخان أن انتشار محلات (أبو ريالين) فيه بعض الفوائد كإشباع رغبات شريحة غير قليلة من المستهلكين، إضافة إلى الضغط على بعض التجار والمحتكرين لبعض السلع لتخفيض أسعارهم، لكنها في الوقت نفسه تؤدي إلى بعض السلبيات التي تتمثل في ترويج سلع ضارة بالصحة، والتأثير السلبي على البضائع المصنعة محليا مما يؤدي إلى كسادها وإغلاق مصانعها وتسريح اليد العاملة فيها.
وشبه الدكتور الصيخان التسوق من هذه المحلات بالتدخين الذي يؤدي إلى أمرين: الترفيه عن المدخن والإضرار بصحته.
وتحدث الدكتور الصيخان لـ "الاقتصادية" عن خلط المستهلكين بين ثمن السلعة وقيمتها، الأمر الذي يوقعهم في اختيارات خاطئة، وأكد أن السلع الصينية المصدرة إلى الولايات المتحدة أكثر جودة مما تصدره إلى أسواق المملكة، وتطرق إلى أسباب ذلك.
الجدير بالذكر أن الدكتور محمد الصيخان حصل أخيرا على شهادة الدكتوراه في سلوك المستهلكين الذين يتبضعون من محلات البضائع والسلع المنخفضة الجودة والسعر التي أصبحت توجهاً عالمياً ينتشر في الكثير من بلدان العالم وهي ما تعرف محلياً بمحال (أبو ريالين). وهو حاليا كبير مديري المبيعات في الخطوط الجوية العربية السعودية في الرياض.. فإلى الحوار:
حدثنا عن الآثار الاجتماعية (الإيجابية والسلبية) لانتشار أسواق التخفيضات.
الآثار الإيجابية:
1- إشباع رغبات شريحة غير قليلة من المستهلكين.
2- الضغط على بعض التجار والمحتكرين لبعض السلع لتخفيض أسعارهم.
3- بعض الآثار الإيجابية على الاقتصاد الوطني.
الآثار السلبية :
1- استغفال الكثير من المستهلكين والإضرار بهم اقتصاديا.
2- الأضرار الصحية والمحتملة التي تتسبب فيها مواد تصنيع بعض السلع في هذه المحال.
3- قد تتسبب هذه المحال في كساد بضائع مصنعه محليا وبالتالي إقفال المصنع وتسريح اليد العاملة وزيادة البطالة أو التسيب.
4- بعض الآثار السلبية على الاقتصاد الوطني بشكل عام.
رغم وجود بعض الآثار الإيجابية لها إلا أنك حذرت من شراء البضائع المخفضة لماذا؟
لأن ثمنها أكثر بكثير من قيمتها، هذا إضافة إلى الأخطار المحتملة التي قد تسببها هذه البضائع على المستهلكين وأبنائهم.
وما الفرق بين القيمة والثمن؟
الثمن هو المبلغ النقدي الذي ندفعه لأي سلعة نشتريها. وأحياناً يكون مكتوبا على السلعة نفسها. أما القيمة فهي ما تستحقه السلعة أو الخدمة بما يعادلها من السلع أو الخدمات الأخرى، بمعنى أن القيمة هي كالمعيار، وهذا المعيار له ما يعادله نقداً. ولذلك فثمن السلعة قد يكون أكبر من قيمتها أو أقل.
وتتضح القيمة بشكل واضح في القطع الفنية والتحف والآثار، حيث إن ثمنها تحدده قيمتها وأهميتها الفنية والتاريخية وكما قال الأولون (الغالي ثمنه فيه).
ما مدى المنفعة الاقتصادية التي يحصل عليها المستهلكون عندما يشترون هذه المنتجات مقابل ما يدفعونه؟
إذا أخذنا في الاعتبار أن نتائج الدراسة تشير إلى أن غالبية المتسوقين في محلات التخفيضات هم من ذوي الدخل المحدود (دخل شهري من 4000 إلى 6000 ريال) فإن المنفعة الاقتصادية تكون جيدة بالنسبة لهم. فبرغم أنهم لا يتوقعون أن تعمّر هذه المنتجات الرخيصة طويلاً، إلا أنهم يرون أنها تفي بالغرض الذي اشتريت من أجله أصلاً، وبالتالي تلبي حاجاتهم كمستهلكين.
تقوم بعض المصانع بتصنيع سلع تحمل أسماء علامات تجارية عالمية ولكن بإنقاص حرف، أو زيادة حرف، وكتابة الاسم بخط العلامة العالمية نفسه. هل هذا جائز قانونياً؟ وما دور منظمة التجارة العالمية حيال ذلك؟
تعد العلامة التجارية من الممتلكات المهمة للشركات والمؤسسات وتعمل الشركات الناجحة على ترسيخها في ذهن المستهلك وربطها باحتياجاته التسويقية. وقد نجح الكثير من هذه الشركات إلى درجة أن السلعة أصبحت مرتبطة تماماً بهذه العلامة وأخذت اسم العلامة التجارية (الماركة) بدلاً من اسمها الأصلي. ومثال ذلك مسحوق النظافة – تايد - فالزبون يطلب تايد ويقصد به صابون النظافة، وقد يشتري نوعا آخر من الصابون ويطلق عليه أيضاً تايد. والأمر نفسه يتعلق بالكثير من المنتجات والسلع الاستهلاكية. وهذا هو السبب في محاولة تقليدها.
أما كون ذلك جائز قانونياً، فبالتأكيد لا.
فهناك قسم للعلامات التجارية في وزارة التجارة، ونظام لحماية هذه العلامات. فنظام وزارة التجارة ينص على مكافحة الغش التجاري بأنواعه وأشكاله دون حصر، ومثال ذلك تقليد العلامات التجارية وكل ما يدخل في هذا المعنى من وسائل الغش والتزييف.
ذكرت أن هناك نظاما عالميا لتصنيف السلع. ما طبيعة هذا النظام؟ وفيم يستخدم؟
نظام الوصف والترقيم الموحد للسلع (النظام المنسق لتصنيف وتبويب السلع) هو نظام عالمي متعدد الأغراض لتسمية المنتجات قامت بإعداده منظمة الجمارك العالمية W.C.O وهو يقسم المنتجات إلى خمسة آلاف مجموعة، وتتميز كل مجموعة برقم كودي يتكون من ست خانات، وهي مرتبة بصورة محكمة ومنطقية ومدعومة بأنظمة وقواعد واضحة لتحقيق الانسجام المطلوب.
ويستخدم هذا النظام في أكثر من 177 دولة كأساس لفرض وحساب الرسوم الجمركية، ولإعداد حسابات وإحصاءات التجارة الخارجية. ولهذا نجد أن أكثر من 98 في المائة من السلع المتداولة عالميا مصنفة ضمن هذا النظام.
وعليه فإن النظام المنسق لتصنيف وتبويب السلع أصبح يمثل لغة اقتصادية عالمية ونظاما لترقيم السلع وتصنيفها وأداة لا غنى عنها في محافل التجارة الدولية.
وعلاوة على ما تقدم فإن النظام الموحد يساهم في توحيد وفي تناغم الإجراءات الجمركية والتجارية ويدفع في اتجاه تبادل البيانات والمعلومات التجارية والجمركية بين الدول، وبذلك يساهم مساهمة كبيرة في تحرير التجارة الدولية وفي خفض نفقاتها. كما أن النظام المنسق يستخدم بصورة موسعة من قبل الحكومات والمنظمات الدولية والقطاع الخاص ولأغراض متعددة تشمل الضرائب، السياسات التجارية، مراقبة السلع المحظورة، منشأ البضائع، أجور الشحن، إحصاءات النقل، مراقبة الأسعار والحصص، إعداد حسابات التجارة الداخلية، إضافة إلى الدراسات والبحوث الاقتصادية.
وهناك لجنة النظام المنسق لتصنيف وتبويب السلع في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهذه اللجنة هي من اللجان الجمركية الفنية التي تعمل تحت مظلة مديري عموم الجمارك في دول المجلس وهي اللجنة المعنية بتصنيف السلع في دول المجلس للأغراض الجمركية والإحصائية وفق التصنيف الدولي الصادر عن منظمة الجمارك العالمية في بروكسل، وتعقد اجتماعها بصفة دورية لهذا الغرض.
كان من نتائج دراستك حول سلوك المستهلك أن المستهلك مقتنع بأن المنفعة من بضائع (أبو ريالين) قصيرة الأجل.. إذن لماذا يقوم المستهلكون بالشراء منها؟
المستهلكون عندما يشترون من أسواق التخفيضات فإن المنفعة التي يحصلون عليها تكون قصيرة الأجل؛ نظرا لقصر عمر السلع حيث غالبا ما تتعرض للتلف ولا توجد خدمة ما بعد البيع (الصيانة). وهم يقبلون على هذه السلع لإرضاء رغبات الشراء لديهم ولأولادهم وخاصة النساء، وقد تكون المناسبات دافعا لذلك مثل جوائز النجاح وهدايا الأعياد حيث إن ثمنها في متناول اليد وليس من المهم أن تبقى طويلا بل المهم إشباع رغبة المشتري.
أيضا توصلت إلى أن المستهلكين يرون أن سلع (أبو ريالين) مأمونة الاستخدام. ما السبب في جهلهم أنها غير مأمونة؟
هناك عدة أسباب:
1. قلة الوعي الصحي وجوانب السلامة.
2. أصحاب المحال غير ملزمين بوضع التحذيرات.
3. الأخطار قد لا تظهر إلا بعد مدة طويلة - كالسلع المسببة للحساسية أو المسرطنة.
4. وكما أسلفت قرار الشراء في أيدي الأطفال أو النساء أنصاف المتعلمات.
يقوم المستهلك بشراء هذه السلع رغم إدراكه أنها لا تعمّر، هل هذا التصرف صحيح للمستهلك الذي يريد أن يوفر؟
إنها كمن يشتري السيجارة أو المعسل والشيشة، فإضافة إلى كونها ضاره وتبذر الأموال إلا أنها ترفيه في لحظة ما. والمستهلك الواعي لا يمكن أن يقدم على ذلك.
تحدثت باستفاضة عن محال (وول مارت) في الولايات المتحدة، وذكرت كيف قامت هذه المحلات ببيع السلع الأصلية بأسعار مخفضة. كيف استطاعت هذه المحال فعل هذا؟
تعتمد محال وول مارت على غزارة الإنتاج والتصريف (البيع) وبالتالي قلة الهامش الربحي والسعر، مع أن بضائعهم جيدة ومأمونة ومناسبة لجميع المستويات.
وأتمنى أن تحل مثل هذه المحال محل المحال مخفضة الثمن والجودة.
نسمع أن البضائع الصينية المصدرة للولايات المتحدة أكثر جودة. هل هذا صحيح؟ ولماذا؟ ولماذا لا نكون مثل الولايات المتحدة؟ ألا تشترط منظمة التجارة العالمية تحسين نوعية الإنتاج ومأمونيته؟
هذا صحيح، والسبب وجود رقابة حكومية أولا، ثم إن المستهلك الأمريكي لا يرضى بالبضائع رديئة الجودة التي قد يكون فيها أخطار صحية أو غيرها لهذا تحرص الصين وغيرها من الدول المصدرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون بضائعها ذات جودة مقبولة وإلا لن تجد من يشتريها.
بالنسبة لمنظمة التجارة العالمية فإنه ليس من مهامها مراقبة جودة البضائع.
تحدثت عن وجوب أن تكون خدمة العملاء (خدمة ما بعد البيع) أساس نجاح المؤسسات. هل تجد المؤسسات الصغيرة في المملكة حريصة على هذا الجانب؟ ولماذا؟
لم أتطرق في هذا البحث لمثل هذه الجوانب إلا أن تجربتي الشخصية تؤكد أن بعض المؤسسات الكبيرة للأسف تتخاذل في هذا الأمر ولا تعطيه أولوية رغم أهميته القصوى في عملية التسويق والبيع.
ما الذي سيدفع التجار إلى احترام العميل؟
المنافسة والسوق.
بحكم تخصصكم في تسويق خدمات شركات الطيران إضافة إلى الدراسة التي قدمتموها لنيل درجة الدكتوراه، نرى أنه نشأت في الآونة الأخيرة بعض شركات الطيران المنخفضة التكاليف، بعضها داخلية وبعضها دولية، وتقوم بتقديم عروض أسعار مغرية. ما رأيك في هذه العروض؟
تستخدم هذه الشركات نظام الدرجات المتعددة. فالدرجة السياحية مثلا تنقسم إلى أكثر من 6 درجات وأسعارها متفاوتة ويحدد قيمتها تاريخ الحجز فكلما تم الحجز مبكرا حصلت على أسعار أقل على أن تدفع وتشتري التذاكر خلال 24 ساعة وتكون المقاعد منخفضة القيمة ومحدودة العدد وهي التي يتم الإعلان عن أسعارها في وسائل الإعلام.