ثورة خلّوها!
خلال الأيام السابقة تناقلت بعض ملاحق الصحف المتخصصة بالشعر المحكي والمنتديات الأدبية خبراً مفاده ما تم الاتفاق عليه من شعراء القلطة أو المحاورة بشأن إصدارهم بياناً أعلنوا فيه مقاطعتهم قنوات "موضة الموروث" التلفزيونية, وعدم التعاون معها إلا بشكل احترافي يخدم الشاعر وحسب شروطه, للأمانة ليس هذي المرة الأولى التي أعلن إعجابي بشعراء المحاورة, فهذا الفن لا يمكن تزويره كنتاج أدبي, فشاعر المحاورة لا يمكن تصديره وتسويقه للجمهور من خلال "رزّ" –بفتح الراء وتشديد ما بعدها تلافياً لعدم كسر خواطر القراء البسطاء في هذا اليوم الفضيل - صورته أو تكريس أخباره وسفراته وضحكاته, مثل بقية فنون الشعر الأخرى, ولا أحد يسألني لماذا أُخرى, ولا سيما أنني للأسف من ضمن دائرة الأخرى وهي سبحان الله دائرة ذات أضلاع كثيرة! شاعر المحاورة لا تأتي به الصور واللقاءات لتفرضه نجماً على الجمهور, بل إنه يأتي عبر بوابة الجمهور إلى النجومية, وهذا ما جعل بيانهم جريئاً, فهم إضافة لسرعة بديهتهم, وتمكنهم من تمرير ما يريدون عبر إسقاطات مجازية مذهلة, وذكاء خارق, أليس هم من جعلوا مسمى"شاعر نظم" للشاعر الآخر مسمى مقبولاً, وكأنهم لا يقصدون نفي الشعر عن سواهم من"الناظمين!" بل إن من لا يجيد فن القلطة يُعرّف نفسه بـشاعر نظم-وهو مبسوط على الآخر-وهاهم الآن يسجلون هدفاً في وقت اختاروا توقيته كما يريدون في مرمى الإعلام المرئي ورسالة جادة وواضحة, وكأنهم يشرحون للقنوات إياها مفهوم العمل باحترافية, ويؤكدون لهذه القنوات أنها هي التي تحتاج تواجدهم تحت رغبة الجمهور, فليس لهم حاجة بحضور إعلامي يوصلهم للمتلقي, فهم خريجو ذائقته, وفرضوا حضورهم بإبداعهم, فشاعر المحاورة خريج ميدان, وكأنهم يتبارون بعكاظ –السوق وليست الصحيفة-فأي سقطة أو هنّة بمعنى أو وزن يجدون النقد حاضراً سواء من الجمهور أو الشاعر المُحاور "ما فيه يمّه ارحميني", الطريف أنه على الجانب الآخر أعلن أحد رؤساء تحرير المجلات الشعبية نيته بعدم النشر للشعراء – الناظمين- إلا بمقابل مادي, ثم تراجع عن إعلانه بعد ذلك, وبالطبع ذلك الإعلان لا يعدو كونه رسالة للشعراء أنه ليس بحاجتهم, فهو باستطاعته أن يصنع نجماً متى شاء رغم أنف الشعر والذائقة والجمهور, ولا أحد يتجرأ ويسألني: لماذا تُصدر المجلات التي تهتم بالشعر إذ لم يكن هناك جمهور مستهدف؟.. إجابته ليست صعبة لكنها ببساطة ستجعل الأخ ياسر – اللي مبتسم هناك, رغم أنه اصلاً لم يبتسم سوى ثوان لم تكن للكاميرا لكنها بالصدفة!, وقتها سيرد: أويطي ..خذ مقالك وشبيبوه!.