الشعر "يوكل لحمة"!

الشعر "يوكل لحمة"!

منذ عهد عمنا "أبا الطيب" كان الشعر وسيلة مجدية للكسب المادي، إلا أن التكنيك المتبع في هذه الوسيلة كان واحدا ومكررا وسمجا ولا يخدم الشعر نفسه، حيث كان الاعتماد على "المدح" لإدرار النقود من الممدوح، كانت جودة الشعر والشاعر عاملا مساعدا للوصول إلى مرتبة "شاعر مداح"، الآن اختلف الوضع كثيرا رغم وجود تشابه ما، الاختلاف كان في أن الشعر يمكن أن يسوق بشكل علمي ليصبح لصاحبه حظوة جماهيرية، تجعل رأيه واستمالة جانبه مؤثرا لسلعة ما، وما ننشره اليوم في صفحات بالمحكي عن شركات الاتصالات المحلية وسعيهما لوجود الشاعرين ناصر الفراعنة وعيضة السفياني في جناحي الشركتين في معرض جيتكس 2008، وللعلم فقط لم ولن يتوقع أحد قبل هذه الحادثة أن يكون لمعرض جيتكس السنوي أي علاقة بالشعر!
محبة الناس للشاعرين وجماهيريتهما جعلتهما محط أنظار "التسويق" على اسميهما، للأمانة الأمر مفرح وجميل في أن يكون الشاعر العامي محل نجومية تنافس نجومية لاعبي الكرة مثلا، لم لا والموهبة أساس التميز في كلتا الحالتين؟ والموهبة قد لا تكون شعرا هنا!
كان الشعراء في السابق - حتى النجوم طاغي الجماهيرية منهم - يقولون إن "الشعر ما يوكل عيش"، أضحى الآن "يوكل لحم" وأي لحم! العملية لا تحتاج إلا لمعرفة الناس وهم عرفوا، وهو ما حصل بشكل ما في مسيرة هذين الشاعرين، حتى ولو لم ينصفهما تصويت أو تحكيم أو حتى برنامج، "الجماهيرية" يملكها الناس فقط، لا يمكن فرضها بأي حال من الأحوال، ولا يمكن أن يفرض من كان بلا موهبة ولو اجتمعت عليه "برامج" الأرض كلها، قد يكون مشهورا كشهرة "إبليس"، لكنه لن يكون محبوبا وصاحب جماهيرية وكاريزما.
ولذلك عندما يقول "فلان" من المؤدلجين إن برنامجا ما أو لجنة ما أو تصويتا ما كان سبب جماهيرية الشاعرين، فهذا أمر يصدقه "المؤدلجون" فقط، ولا ينطبق على "الجمهور" المتذوق، والدليل أن "الشركات" الباحثة عن تسويق فعلي لمنتجاتها ركزت على أصحاب المراكز الأخيرة!

[email protected]

الأكثر قراءة