سعد زبن: المحكي أصبح اللغة الرسمية لشارع البؤساء

سعد زبن: المحكي أصبح اللغة الرسمية لشارع البؤساء

مخطئٌ من يعتقد أن الشعر على قدر الموهبة فقط، أو أن الشعر بقدر الثقافة فقط. سعد زبن يؤكد من خلال هذا اللقاء الذي سعينا له طويلا أن الشعر والثقافة العامة على الأقل يشكلان اتحاداً لا ينفصل، من المهم أن يكون الشاعر مثقفاً بطبيعته، بتناوله الأشياء بتعمّقه في قراءة ما يراه ويسمعه حتى وإن كان أمياً، ولكن من غير المعقول أن تجد شاعراً أبله وتصفه بالشاعر الحقيقي حتى وإن حاز من تكتيك الشعر أعلاه ومن شهادات العلم أعلاها. سعد زبن شاعرٌ مثقف بطبيعته وموهوبٌ بفطرته، رؤاه شعرٌ آخر لا قيد له، وقصيدته رؤية أخرى يحدها الوزن والقافية.

لدهشة البدايات ذكريات لا تنسى, كيف ولج الشاعر سعد زبن تأتأة الشعر الأولى؟
لن تنسى، فمع كل قصيدة جديدة يراودني شعور البداية, وسأظل اأحمل شعور المبتدئ في اندفاعه للقصيدة وتقبله النقد وانكبابه على القراءة.

حضرت فجأة في التصفيات الأولى لشاعر المليون ورغم عدم تأهلك إلا أن حضورك كان مميزاً ولافتاً, حدثنا عن تلك التجربة؟

مشاركتي في تصفيات شاعر المليون كانت نقلة جيدة, لا أشعر بالظلم لأنني دخلت بحثاً عن ظهور إعلامي لافت وأظن أنني حققت شيئاً من ذلك في ذائقة المُنصفين.

بشكل عام ما رأيك في تسويق الشعر من خلال ما يُسمى بمسابقات الشعر في القنوات الفضائية, هل تخدم الأدب ؟
مسابقات الشعر بلا استثناء يقوم عليها في الغالب دخلاء على الشعر خبراء في التسويق, فلا غرابة أن تنجح جماهيراً وتسقط شعرياً.

ألا ترى أن "المادة" من الممكن أن تكون حافزاً للإبداع؟
بالتأكيد هي دافع مهم , قال أبو الطيب في كافور:
كأن كل سؤالٍ في مسامعه
قميص يوسف في أحضان يعقوب
فما كان الدافع رأيك؟ لكن أين ذلك النبيل ذماً قبل بذل المثوبة! لكنها بالطبع لن تصنع مبدعاً.

عدم تواصلك مع الإعلام هل هو عدم اهتمامك بإيصال صوتك أم أن الإعلام لم ينصفك؟
الشاعر الحقيقي نرجسي مغرور يمنعه كبرياؤه من عرض نتاجه على الإعلام, لكنه إن دعي سيستجيب في الغالب.

يؤخذ على شعراء المحكي بعدهم عن هم الشارع وكأن لا قضية للمجتمع إلا الحب, هل تعتقد أن ذلك عائد لسذاجة الشاعر أم تنازلاً منه لمسايرة ذائقة النسق؟
عدم اختلاطي بشعراء الحب سيكون بسبب تناقضي معك، رؤيتي أن الشعر المحكي أصبح اللغة الرسمية لشارع البؤساء.

بصدق يا سعد عندما تظمأ ذائقتك للشعر أين تبحث عنه؟
لكل حالة شاعرها ويبقى نزار شاعر الحالات أجمع..ألم يقل:
الحب في الأرض بعض من تخيلنا
لو لم نجده عليها لاخترعناه!

وجودك في مدينة بعيدة نوعاً ما عن الحراك الثقافي والفكري مقارنة بالمدن الأُخرى, ما تأثير ذلك في نتاجك الأدبي؟
بالنسبة لي أنا مبتعد حتى عن الإنترنت , ذلك الشيء الذي ألغى دور الجغرافيا في التواصل, وهذا الابتعاد والعزلة من إيجابياته خلق صفاء ذهني ينعكس على تفرّد التجربة, ولا سلبية تذكر سوى أنك تكون بعيدا عن الإعلام.

في جيلنا على الأقل هناك ارتباط بين الرياضة والشعر, في رأيك هل الشاعر المبدع هو مهاجم ينهي الهجمة, أم لاعب وسط يمرر للقارئ فكرةٍ ما ويجعله ينفرد أمام المرمي وينتهي دوره, أم أن الشاعر لا بد أن يجيد جلافة المدافعين؟
الشعر رياضة فردية لا توجد فيها مراكز, والشاعر المتمركز في رأيي هو شاعر سيئ!

قصيدة للأغنية, قصيدة للأمسية, قصيدة للنخبة.. هل تؤمن بهذه"الخصخصة الكتابية للشعر" وإلام تطمح من السيدة قصيدتك؟
لن أتكلم عن الآخرين, عن نفسي كل ما آمله من قصيدتي نقل حرجي ووهني وشعوري على طريقتي.

إلمامك ببحور الشعر العامي وتأصيلها عروضيا, كيف يكون تأثيره في تلقيك نصا جميلا لشاعر نجم خلط بين بحرين متقاربين؟
ليس إلماماً أو علماً أكاديميا بقدر ما هو حس موسيقي عال أظن أنني أملكه لأكتشف بمجرد استماعي للنص خلله.

سنترك لك هذه الورقة البيضاء والقلم فارتكب ما شئت..
أتشرف بإهداء هذه الصفحات بيتين من قصيدة لم تكتمل بعد:
وهمومي اللي بصدري حلّن عْصير
ما لومهم كانهن وسطه تناحن
ما كان مقصودهن بس المقادير
جن ولقنّه مشرّع واستراحن

أشياء قالها على هامش اللقاء وأثناء انفعاله بهجمات مباراة الاتحاد الأخيرة!
* هذا أول لقاء يُجرى معي.. وأول نصوصي نشرتها في "بالمحكي".
* مسابقات الشعر أخذت حيزاً من التداول أكبر من تداول أخبار فراغ كرسي الرئاسة اللبناني!

الأكثر قراءة