وأسمعت كلماتي من به صمم !
لا يختلف اثنان على دور الشعر في توثيق الأحداث التاريخية عبر الأزمنة .. كما هو دوره في التعبير عن خلجات النفس عبر الإفصاح عن المشاعر والأحاسيس في قالب ومحتوى جميلين، وقد كان ولا يزال الشعر هو لسان الأجيال لمن يأتي من بعدهم من أجيال متعاقبة عبر العصور، ومن هنا أتت فكرة ترجمة الشعر إلى لغة الإشارة الخاصة بالصم لكي يتمكنوا من متابعة ما يدور حولهم من أحداث قد لا يوثقها إلا الشعر، وكذلك القدرة على التعبير عن مشاعرهم لمن يحبونهم بطريقة أقل ما يقال عنها إنها ثرية بلغة الإشارة، فرغم كثرة الإشارات الوصفية المتعارف عليها إلا أن استخدام الأصم لهذه اللغة لا يتجاوز40% وذلك لكي يتعامل مع محيطه الخاص به، كيف يعبر الأصم عن حبه للوطن وللوالدين وللمحبوبة وللبنين وللصديق المخلص إذا لم يكن لديه المخزون الكافي من المفردات .. وقبل ذلك الأسلوب الأمثل للتعبير عن المشاعر التي تراوده، في الجانب الأخر كيف يمكن لمن وهبهم الله نعمة السمع التعامل مع الصم إذا لم يكن لديهم بعض المصطلحات الإشارية .. وقد تكون ترجمة القصيدة دافع فضولي لدى العاديين لتعلم هذه اللغة الخاصة بالصم .. كما أنها أرض خصبة للمفردات الجديدة والأساليب المبتكرة للتعبير عن مشاعر الصم وتطلعاتهم.
من الصعب ترجمة الشعر إلى لغة الإشارة وهذا يعود إلى طبيعة الشعر التي تعتمد على الوزن والقافية في المقام الأول وكذا اعتماد الشعراء على العديد من الأساليب الشعرية المختلفة من جناس وطباق وتورية وسجع ورمزية إلى غير ذلك من الفنون المختلفة في عالم الشعر .. ولكن - ما لا يدرك كله لا يترك جله - .. وهذا يعني انه إذا لم نستطع إيصال كل ما يقوله الشاعر في قصيدته إلى الأصم فلا يمنعنا ذلك من إيصال الفكرة والمشاعر والأحداث التي حوتها القصيدة..
تجربة ترجمة الشعر تجربة بكر .. ولا زال ينتظرها المزيد من النجاحات.. ولاسيما إذا وجدت الدعم الكافي والتخطيط المناسب .. لأن الصم جزء من المجتمع ولا يجب إغفالهم في شتى الجوانب وفي المناشط كافة.
خبير لغة الإشارة