ما الجديد عند جون ماكين تجاه المنطقة؟
أشار باراك أوباما في أكثر من مناسبة إلى أن جون ماكين لا يأتي بجديد، وأن طرحه لا يختلف عن طرح جورج دبليو بوش. في المقابل حاول ماكين أن ينأى بنفسه في أكثر من مناسبة عن سياسة بوش وإدارته. وما رده في المناظرة الأخيرة - التي جرت في الأسبوع الماضي- إلا دليل على تبرئة نفسه من اتهامات أوباما (ومن القرب من إدارة بوش) عندما قال: "أنا لست الرئيس بوش، إن كنت تريد مواجهة بوش فكان عليك الترشيح قبل أربع سنوات". إضافة لذلك فإن المرشح الجمهوري كرر مقولة أوباما بالتغير نفسها، وحاول أن يشرح أن سياسته المستقبلية - إذا ما انتخب رئيساً للولايات المتحدة - سوف تأتي بالكثير من الجديد. لو افترضنا أن هناك قدراً من الصحة في مقولات ماكين تجاه مجمل القضايا المطروحة في برنامجه الانتخابي التي منها سياسته الاقتصادية؛ فهل لا تزال مقولاته تلك صحيحة فيما يخص سياسته تجاه الشرق الأوسط؟
في الحقيقة أن ماكين لا يأتي بطرح مختلف عن بوش فيما يخص العراق؛ بقدر ما تعد مواقفه أكثر تصلبا من زميله الجمهوري. فلقد صوت بحماس في عام 2002 لصالح الغزو، وما زال يحبذ زيادة القوات الأمريكية هناك، وقد صد في أكثر من مناسبة فكرة وضع خطة زمنية للانسحاب.
القول نفسه ينطبق على خططه تجاه إيران. فالكثير يعدونه مقولة ماكين عندما غنى بهزل "بضرب إيران" bomb,, bomb,, Iran على أنها لا تعد إلا كونها مزحة ذات أهداف مقصودة. فلا يزال المرشح الجمهوري مصراً على فرض المزيد من الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية على طهران، ليس من قبل الولايات المتحدة وحسب، ولكن كذلك من خلال إقناع الدول الأوروبية بالقيام بالمثل. وبعكس أوباما؛ فإن ماكين يصر على أنه لن يفعل الدبلوماسية غير المشروطة مع إيران، وأنه لن يتخلى عن الخيار العسكري.
ولا تعدو خطط ماكين تجاه الوضع في أفغانستان سوى كونها تعزيزا آخر لتوجه الجمهوريين هناك. فمن ناحية فهو يريد أن يطبق تكتيكا عسكريا مشابها لذلك المطبق في العراق، ومن ناحية أخرى يريد تعزيز ترتيبات الجمهوريين السياسية داخل أفغانستان.
اتسمت مواقف جون ماكين تجاه المسألة الفلسطينية بالكثير من التشدد والصلابة. فقد كرر القول العلني بأنه "مناصر ومؤيد لإسرائيل". وأكد ضرورة استمرارية مساندة ومساعدة الولايات المتحدة لإسرائيل، خصوصاً من خلال تزويدها بالأسلحة والمعدات التي تضمن تفوقها العسكري النوعي على كل دول المنطقة. ومع أن ماكين قال باستمرارية عمليات السلام؛ إلا أنه لم يعد بخطط واضحة في هذا الشأن، بل إنه أتى بالمزيد من التعقيد على هذه المسألة؛ بتفضيله نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
بعكس باراك أوباما الذي يأتي بتوجهات تعد في كثير من الأحوال جديدة تجاه المنطقة، فإن جون ماكين لا يأتي بنهج مختلف عن نهج الإدارة الحالية، عدا ذلك الاختلاف المتمثل في المزيد من التعزيز لسياسة الجمهوريين تجاه المنطقة نفسها.