الشعر في خدمة الشعب!
لم يكن الشعر في يومٍ من الأيام بمعزل عن الحياة بكل جوانبها، ففي كل منحى له مريدوه وحافظوه ومرددوه، وفي كل زمانٍ ترنح الشعر وكاد أن يسقط ثم وفي اللحظة الأخيرة نهض وعاد للمشي بخطواته الساحرة الواثقة، إلا أنه تخلى عن القيادة في هذا الزمان، ففيما سبق كان يجبر القارئ على محاولة فهمه والارتقاء معه وفي هذا الزمان الذي طغت عليه فكرة التسويق بات الشعر مادةً تسويقية والقارئ مستهلك نهم، إمّا أن تقدم له ما يسهل عليه فهمه وكتابته في رسالة نصية غرامية وبعثه للأحباب وإلاّ فإنه سيتخلى عنك ويبدأ في البحث عن شاعرٍ آخر وبالتالي ستتخلى عنك الصحف والمجلات والفضائيات وتبحث عن شاعرٍ مسوّق أمّا أنت فعليك تدوين قصائدك لزمنٍ قد يأتي وقد لا يأتي، زمنٌ تعود فيه الواجهة والوجاهة للشاعر الذي يكتب الشعر للشعر، فاليوم ليس الشعر أكثر من سلعة في كثير مما يكتب، اليوم ليس الشعر بأكثر من زينة كالشماغ والثوب والخاتم والعطر، اليوم الشعر ماركة، لذا فهو يباع بقيمة عالية، اليوم الشعر يقتنى، اليوم الشعر تقام له المسابقات التي يتفانى الأغبياء في الترويج لها ولمنظميها، وفي النهاية يفوز شاعر واحد بالمبلغ ويفوز الراعي الرسمي بالملايين وتفوز الشركة المنتجة والمنفذة بعشرات الملايين ويخرج البوق مبحوحاً وكأنه نايٌ من قصب! كثير من المطبلين لم ينتبهوا حتى هذه اللحظة أنهم لم يكسبوا من بيع ضمائرهم أكثر من فتات حازه بكل سهولة وكرامة شاعرٌ شارك بكرامة وخرج بكرامة، ما المكسب إن أنت قلت في كل همزةٍ ولمزة أنك تعرف فلان وتعرفت على فلان وقابلت فلان من ذوي المناصب والوجاهات الاجتماعية والاقتصادية؟.. ما الطائل وأنت الآن في خانة الصوت المرتفع بلا عقل، بلا عاطفة بلا كرامة ؟!.