الإثنين, 5 مايو 2025 | 7 ذو القَعْدةِ 1446


سوق الثميري .. تراث يباع دون تنظيم وخبراء يطالبون بالعالمية

الفرق بين رياض الأمس واليوم شاسع، ومع هذا ما زالت الرياض محتفظة بتراثها وما زال الأبناء متلهفون لمعرفة ما كان عليه الأجداد، ولرؤية ذلك جليا يمكن زيارة سوق الثميري الذي يقع وسط الرياض، حيث يوجد كبار السن الذين ما زالوا متمسكين بالبقاء في السوق على الرغم من دخول العمالة إلى السوق والبيع فيه مع كفلائهم التجار القدامى.
" الاقتصادية" تجولت في سوق الثميري، حيث التقينا فهد بن عبد العزيز العايدي، ابن صاحب أحد أهم المحال التي تهتم ببيع واقتناء التراث بشتى أنواعه، حيث أبان لـ "الاقتصادية" أنه بسبب مرض والده – شفاه الله - بدأ مزاولة المهنة وفتح المحل بشكل يومي، حيث كان في البداية غير مهتم بمتابعة ومزاولة العمل في المحل، ولكن بعد أن أخذ بعض الوقت وتعرف على جيران والده وعرف كواليس السوق وخفاياه أعجبه العمل وأصبح مغرما به وكان لـ "الاقتصادية" هذا الحوار معه.

منذ متى وأنت تزاول مهنة والديك؟
بعد أن مرض والدي وأصبح كبيرا في السن أصبح من الصعب عليه الوجود دائما في السوق والمحل ولهذا قمت بمتابعة المحل، في البداية كان أمرا صعبا ولكن مع الوقت والصبر أصبحت الآن خبيرا في السوق ولي الآن عامان تقريبا في محل والدي.

هل حدثتنا عن البنادق القديمة والمقتنيات الأخرى؟
بالنسبة للبنادق والتي يقال عليها مرشومه ومعنى ذلك أنه يوجد عليها رسم معين أحيانا تاريخ الصنع واسم صاحبها، وبالنسبة لحفر الاسم والصورة كان يأخذ في الماضي الكثير من الوقت فكانت بعض الرسومات تأخذ من شهرين لثلاثة أشهر فبالنسبة للبنادق المرشومه والتي يعرفها الخبراء، وأيضا بعض ذوي الخبرة في سوق التراث فإنها تباع بأسعار عالية جدا تتراوح بين عشرة آلاف و 15 ألف ريال، وبالنسبة للبنادق التي لا يوجد عليها رسومات وغير مرشومة فإنها تباع في الحراج حسب التقدير حيث إن أسعار بعضها تصل لأربعة آلاف ريال.

ما أثمن بندقية مرت عليك في السوق؟
في الحقيقة البنادق القديمة كان يستخدم فيها البارود ونوعية معينه من الذخيرة توضع في البندقية بعد شحنها بالبارود، ومرت علينا في السوق بندقية من هذا النوع كانت من عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن – يرحمه الله – وقد أعطي فيها ثمن كبير وصل لـ 35 ألف ريال فكانت هذه البندقية أغلى بندقية مرت على السوق ومع هذا رفض صاحبها بيعها، وفضل التمسك بها وعدم التفريط فيها، وصورتها ما زالت عالقة في ذهني لأنها كانت متميزة خصوصا أنه قد تم نقش صورة الملك عبد العزيز بطريقة مميزة.

ماذا عن قطع التراث الأخرى؟
بالنسبة للمحاميس والتي كان القدماء يحمسون فيها القهوة فتراوح أسعارها بين 500 ريال وأربعة آلاف ريال حسب قدمها وحسب النقوش التي تكتب عليها فبعضها تحتوي على نقوش توضح التاريخ واسم صاحبها، أما بالنسبة للدروع والتي تستخدم للحماية من طعنات الرماح وضربات السيوف فلدينا في محلنا درع معروض بـ 60 ألف ريال حيث إنه يعود لعهد الملك عبدالعزيز – يرحمه الله – ولكن لندرته وعدم وجود الدروع حاليا أصبحت من النوادر، وهذا ما أدى إلى ارتفاع أسعارها وهي عبارة عن لباس من الحديد للوقاية وقت الحرب.

هل يوجد لديكم وثائق توثق مثل هذه القطع التراثية ؟
القطع الأثرية الموثقة تكون غالية جدا، ولكن الذي لدينا في محلنا أكثرها قطع مقدرة من أصحاب الخبرة ويوجد بعض القطع موثقة ولكنها ليست للبيع حاليا.

هل يمكن التزوير في تجارتكم؟
نعم يوجد بعض القطع التراثية مزورة، فمثلا الدروع التي تستخدم في الحرب للوقاية ترد للسوق قطع مثلها صنعت في الهند وباكستان ولكن الخبراء يكشفونها، أيضا يوجد تزوير في بعض القطع الأثرية الأخرى وبعضها قطع مقلدة ويتم عرضها لنا على أنها فعلا جديدة وهي تباع بأسعار زهيدة جدا.

ماذا عن الزبائن المهتمين بالتراث؟
بالنسبة لزبائن التراث الموثق والذي لا يسمح بخروجه خارج البلاد لأهميته كتراث فغالبيتهم الزبائن السعوديون المحبون للتراث والاحتفاظ به وبالنسبة للأجانب فهم عادة يشترون التحف الصغيرة والنحاسيات مثل التحف الإيرانية والهندية والمغربية والأباريق القديمة.

ماذا عن العملات المعروضة لديكم ؟
توجد لدي أول عملة سعودية صدرت بعد الريال العربي والفرنسي حيث صدرت في عهد الملك عبد العزيز سنة 1373 للهجرة وهي عبارة عن عشرة ريالات وتقدر قيمتها في السوق بين خمسة و سبعة آلاف ريال هذا إضافة إلا عدة عملات من عهد الملك المؤسس – يرحمه الله – وحتى يومنا الحاضر.

خبراء يطالبون بتنظيم بيع التراث
من جهة أخرى، طالب العديد من المختصين والمهتمين بالتراث، بوضع ضوابط لتداول التراث الذي يباع في سوق الثميري وذلك بسبب أن بعض العمالة أصبحت تأخذه وتبيعه على أنه سكراب يعاد صهره وصبه من جديد وهم لا يعرفون ويقدرون قيمته الحقيقية.
وكان من ضمن المطالب التي طالب بها بعض الخبراء أن يحتوي سوق التراث على مكتب خاص لوكالة الآثار والمتاحف يقوم بتنظيم ومراقبة تداول وبيع القطع الأثرية والتي ربما البعض منها مسروق محليا أو خارجياً، أيضا توعية أصحاب المحال التي تبيع التراث وتهتم به بأهمية التراث وتوعيتهم إعلاميا ومحليا داخل السوق بأهمية التراث والمحافظة عليه وتوثيق القطع الأثرية وأخيرا طالب الخبراء بإنشاء مركز يهتم بالمزادات التراثية يكون على مستوى المزادات الدولية ومعلما سياحيا وتنفسا للمهتمين بالتراث والهواة على حد سواء وتكون له أنظمته وقوانينه.

الأكثر قراءة