الهيجان الشمسي والكوارث الإنسانية والطبيعية
الشمس هي أقرب النجوم من الأرض، وهي نجم عادي جدا، رغم أهميتها الحيوية بالنسبة لنا، فإنها واحد من بين آلاف الملايين من هذه الأجسام في مجرتنا، ولو تغيرت الكمية الإجمالية للإشعاع الشمسي بقدر قليل جدا، فإن الحياة البشرية كما نعرفها تصبح مستحيلة، فالشمس جسم غازي تماما، فالغاز قرب المركز مضغوط جدا وكثيف جدا، بينما تكون المناطق الخارجية خفيفة جدا أو منخفضة الكثافة.
لا تدور الشمس الغازية كما يدور أي جسم صلب بل تدور بحركة رحوية فالمواد القريبة من خط استواء الشمس تكمل دورتها في حوالي 25 يوما، بينما عند الخط 40 درجة شمالا أو جنوبا تكون الدورة 27 يوما ونصف، بينما 24 يوما تقريبا عند القطبين. يظهر هذا الاختلاف بوضوح في حركات البقع الشمسية على السطح.
الطاقة المنبعثة من الشمس ناتجة عن تفاعلات نووية تتم في جوفها ويقوم هذا التفاعل على أساس دمج الذرات ويتولد عن ذلك مشاهد مختلفة تنتشر فوق السطح والتي يرى بعضها على شكل بقع أو كلف وبعضها الآخر لا يرى إلا عن طريق الأجهزة الحساسة كأشعة أكس خاصة عند هيجان الشمس وسطح الشمس دائم الصخب والاضطراب. ومن الملاحظ أنه عند فترة الهيجان الشمسي تنتاب الأرض ومناخها وكذلك الإنسان القاطن فوقها أثارا تتصف بالسلبية في كثير من أحوالها مما جعل العلماء يكتشفون أن هناك علاقة وطيدة بين فترات الهياج الشمسي وتعرض البشر إلى حدوث نوبات وأمراض عصبية ونفسية وإلى حالات من أمراض الربو وضيق التنفس والآم مفصلية.
وفترة الهياج تحدث في دورة متوسطها 11 سنة حسبما جاءت بعد عمليات الرصد التي خضعت للمراقبة التي قام بها علماء مختلفون على مدى 209 سنوات وذلك فيما بين أعوام 1760 و 1969م علما بأنه لوحظ خلال ذلك حدوث دورات شاذة قصيرة لم تزد مدتها على سبع سنوات ودورات أخرى شاذة وطويلة بلغت مدتها 17 سنة وعلى مدى 11 سنة تظهر الشمس سلوكاً غريباً حيث تزداد أعداد البقع الشمسية (الكلف) الناتجة عن الانفجار الهائلة، ويؤثر ذلك في النشاطات البشرية بشكل عام. وكلما هبت العواصف المغناطيسية خلال تلك الدورة الناتجة من فترة الهياج الشمسي تأثرت الأرض بها. وفي بداية هذه الدورة يكون الهيجان الشمسي ضعيفا ولا توجد بقع أو ظواهر شمسية أخرى على سطح الشمس ثم يزداد هذا الهيجان بظهور بقع شديدة السواد على وجه الشمس وبعد مرور أربع سنوات ونصف من بداية الدورة يصل الهياج الشمسي إلى ذروته ثم يبدأ في الانخفاض على مدى ست سنوات ونصف سنة وهكذا, وفترة الهياج ظاهرة معتادة لكن يختلف مستواها من دورة لأخرى, وقد كـانت أكبر دورة حدثت تلك التي بلغت ذروتهـا في عـام 1958 والمعـروف أن الرصد المنتظم للبقع الشمسية بدأ منذ قرنين ونصف قرن من مرصد زيوريخ.
ومن ذلك أن الفترات التي كانت تصادف أوج الهياج الشمسي والتي حدثت خلال السنون الماضية وهي (1905-1917-1928-1937-1948-1952-1958-2001).
ومن الملاحظ على هذه التواريخ مصاحبتها لحدوث ثورات اجتماعية انتابت العالم ومن أهمها الثورة الأمريكية والثورة الفرنسية والثورة الروسية والثورة النازية والثورة المصرية والثورة العراقية والثورة الباكستانية والثورة السودانية وآخرها حوادث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) التي نعيش الآن داخل مضمار آثارها السلبية.
ومما ينبغي التنبيه إليه أن الحوادث التي لم تقع في فترة الهياج الشمسي وقعت في وقت قريب منها أو بعيد بعض الشيء أي أنه كمقدمات لذلك الهياج أو تال له وقد عزوا ذلك إلى الإشعاعات التي تنشط لدرجة كبيرة أثناء هيجانها والتي يصل بعضها إلى الأرض خلال دقائق من بدء ذلك الهياج بينما يصل بعضها الآخر بعد عدة ساعات أو أيام.
والإشعاعات السريعة تقطع المسافة بين الشمس والأرض في غضون ثماني دقائق، إذ إنها تسير بسرعة الضوء المقدرة 300 ألف كلم في الثانية الواحدة.
وإضافة إلى ما يصيب الإنسان من أمراض في فترة الهياج الشمسي تبيّن أن هناك أحداثا طبيعية كثيرة توافق فترة الهياج تلك ومنها (ازدياد عدد الزلازل المدمرة) و(الثورات البركانية المتلاحقة) و(العواصف الكاسحة) و(الفيضانات الجارفة) و(الأمطار الغزيرة أو التي هطلت في غير مواسمها) و(الجفاف الذي تعرضت له مناطق من العالم) و(الرطوبة الزائدة والتي حدثت في مناطق جافة من العالم).
الباحث الفلكي