تصوير سعادة المدير!
احترت كثيراً وأنا أتأمل الصورة التي نشرتها صحيفة الوطن أمس الأول لسعادة مدير الشؤون الصحية بمنطقة الرياض وهو ممد على السرير الأبيض في طواريء مستشفى شقراء العام, حيث ذكر الخبر المرافق للصورة أن سعادته فاجأ العاملين في المستشفى متقمصاً دور مريض مصاب بنوبة قلبية للتأكد من جاهزية طاقم الطوارئ.
وسر حيرتي يكمن في أنني عجزت عن التوصل إلى إجابة لأسئلة مهمة دهمتني دون استئذان وهي: (من المصور الذي التقط تلك الصورة الاحترافية لسعادته بينما كان الطبيب يكشف عليه؟ وكيف واصل الطبيب عملية الكشف دون التفات وهو يرى الفلاشات موجهة صوبه؟ ثم لماذا تم انتاج وإخراج تلك اللقطة في مستشفى شقراء العام تحديداً؟ وهل أقسام الطوارئ في مستشفيات مدينة الرياض تتمتع بجاهزية فريدة من نوعها صرفت نظر سعادته عنها؟).
ولأنني لم أتوصل إلى أي إجابة واضحة لتلك الأسئلة قررت أن أقتدي بسعادته واتصلت هاتفياً بأحد الأصدقاء - وهو من المصورين الفوتغرافيين المحترفين- طالباً منه أن يحمل الكاميرا ويرافقني إلى مستشفى الشميسي ليلتقط لي عدداً من الصور وأنا أقوم بدور مريض مصاب بمغص حاد أو انهيار عصبي أو أي حالة مرضية يمكنني التظاهر بها دون أن يُكشف أمري, نظراً لكوني لا أتقن تمثيل دور المصاب بنوبة قلبية ولا أعرف الأعراض التي تصاحب هذه الحالة, وهذا ليس مهماً.. فالهدف هو التأكد من جاهزية قسم الطواريء في المستشفى كواجب وطني وإنساني, وكمساعدة مني للسادة المسؤولين في وزارة الصحة الذين قد لايملكون الوقت الكافي لممارسة أدوار المرضى في كل المستشفيات!
ولا أخفيكم أنني لم أفاجأ أبداً من رد فعل صديقي الذي اقتصر على ضحكة طويلة قال بعدها: (أغلق الخط يا صاحبي وسأتصل بك بعد دقائق), ولكم أن تعلموا أنه لم يتصل حتى الآن ولن يتصل أبداً, فقد علمت من صديق مشترك بيننا أنه تحدث معه متهماً إياي بـ (التنسيم) وهو مصطلح شعبي دارج مرادف للجنون, مضيفاً أنه ليس بحاجة إلى مزيد من الأصدقاء المجانين, خصوصاً أنه بات مصوراً متعاوناً مع إحدى وكالات الأنباء العالمية, مما يلزمه بتحري الدقة في اختيار الأصدقاء!
طبعاً لم يكن بوسعي إلا أن أفوض أمري لله, وأتنازل عن فكرة التمثيل في أقسام الطواريء, فلا يمكنني بصراحة أن أتقمص دور مريض دون أن يرافقني شاهد إثبات ومصور في الوقت نفسه ليتدخل في اللحظة الأخيرة ويخبر الأطباء بأنني أمزح معهم, فأنا رجل لا أضمن أن يتم تدبيسي في عملية جراحية أو أن يتم ترحيلي إلى مستشفى الصحة النفسية, وتشخيص حالتي على أنها اضطراب عقلي أو (شيزوفرينيا) لاسمح الله, وليس في هذا أي مبالغة, فلي تجربة قديمة مع أحد مستشفياتنا الحكومية كدت أفقد فيها زائدتي الدودية السليمة, لولا رفضي التوقيع على تعهد تحمل مسؤولية العملية الجراحية وخروجي من قسم الطواريء لا ألوي على شيء متوجهاً لمستشفى آخر شخص حالتي تشخيصاً آخر وصرف لي بعض المسكنات وانتهت الحكاية!
وعود على مشهد سعادة المدير وهو ممد على السرير الأبيض, آمل من كل من يملك إجابة عن أي سؤال من الأسئلة التي أوردتها في بداية هذا المقال أن يتكرم بإرسالها لي على البريد الإلكتروني في موعد أقصاه يوم الخميس المقبل, نظراً لأنني أنوي إرسال الإجابات إلى سعادته بداية الأسبوع المقبل ليتجنب كل ما يمكن أن يُفسر بخبث نية خلال زياراته المقبلة لأقسام الطوارئ !