القارئ المُرشح لجائزة نوبل!

القارئ المُرشح لجائزة نوبل!

يُعتبر مجرد الترشيح لجائزة نوبل دافعاً قوياً للعلماء والمفكرين والأدباء لمواصلة الإبداع, ما بالك بالحصول عليها, الحائزون على هذه الجائزة اختاروا الانتحار لإنهاء حياتهم, فمنهم من ألقى نفسه بالنهر, ومنهم من اختار أسلوباً أكثر دقة كما فعل أرنست همنجواي الذي فضل الانتحار ببندقيته, ربما لثقته بها, لا أعلم هل للجائزة علاقة بالانتحار أم لا, لكن هذا يبدو تبريراً منطقياً لبني عمومتي العرب للهروب منها! فلم يحصل عليها سوى اثنين إذا لم تخني الذاكرة- ولا أقول الثقافة ـ لا سمح الله- فأول الحاصلين عليها لم يمت انتحاراً, بل أنه قاوم كل الاغتيالات التي تعرض لها, وتوفي بعد سنوات من حصوله عليها - رحمه الله - وكذلك الأخير!, هل قلت الأخير؟
بالطبع أنا أقصد الثاني الذي كان شجاعاً وحصل عليها غير هيّاب من عدوى قتل الجائزة للحائز عليها, ويكفي هذا مبرراً لبقية العرب في أن عدم حصولهم عليها ليس لنضوب الإبداع في العقل العربي, بقدر ما هو خوف من أن تنتقل عدوى الانتحار لمن يحصل عليها فينتحر, وهو بذلك يضرب مثالاً حيّاً بالإيثار والتضحية, فبقاء عقله وفكره للأمة خير عنده من حصوله على جائزة تحرم المجتمع من عبقريته وتهديه الموت, لاسيّما أن الأنهار نضبت كثيراً, وحيازة البنادق قد تسحب الجائزة منه بعد انتحاره تحت قانون الإرهاب!
الغريب أنني لم أسمع عن انتحار أديب عربي, رغم أن كل الصحف العربية من مرّاكش إلى مسقط مروراً "بنا" تطالعنا كل يوم بخبر انتحار مواطن, ومواطن هنا يندرج تحت قائمة "قارئ" أقصد "عزيزاً قارئا" – هل لأن المبدعين والمثقفين العرب لا يطمحون لجائزة نوبل لأجل عيون عزيزهم القارئ؟ ولماذا مات ذلك "العزيز" رغم أنه لم يترشح ولم يحصل عليها.
ولهذا أُطالب بصفتي قارئاً عربياً أن يتم تعديل شروط جائزة نوبل بحيث يحق للشعوب الحصول عليها, وقتها أجزم أنها لن تفلت منّا لمائة سنة قادمة!
وبالطبع من الضرورة تعديل حقول الجائزة, بحيث تكون فروعها متناسقة, كأن تكون جائزة نوبل لفرع الشعب المسحوق, وفرع شعب الكلام, وشعبة للشعب الشاعر, وأُخرى للشعب العاطل, ولا أحد يتوقع ـ لا سمح الله ـ أنني أستعجل نهاية شعوبنا, لكن لنقنع الحضارات الأُخرى أن جائزة عظيمة وثقيلة ولا يستطيع فرد وحده أن يتحملها، وإلا فإنه سيموت حتماً أو يستعجل الموت انتحاراً, أما الشعوب وأقصد الشعوب العربية فهي لن تموت – لم أقل ولن تتطور- وإلا لاقترحنا جائزة لفرع الشعب الصامد مثلا! أو أي اسم يراه مشرعو الجائزة, وهم مؤهلون لاختيار أسماء جميلة كما أقنعونا من قبل بجمال اسم "العالم الثالث" و"القدر ما يركب إلا على ثلاثة" حتى في عصر الأفران الحديثة!

الأكثر قراءة