عبقريات بالأقدمية!
مدخل: (العبقريات لا تؤخذ بالأقدمية!)
أعتقد- والله أعلم- أننا من أكثر شعوب الأرض ترديداً للمقولات المثالية كالمقولة التي سجنتها بين قوسين أعلاه, وأعترف أنني سجنتها بين الأقواس حنقاً وحقداً أكثر منه إعجاباً, فنحن في جُل المجالات لن نُبدع ما لم نحصل على صك غفران من أحد العباقرة الذين لاح الشيب في نواصيهم- وإن أتى صك الغفران/ التزكية ممن لا شيب بنواصيهم بفعل الصلع، فذاك أزكي وأجمل- فبنظرة حتى لو لم تكن فاحصة لكُتّاب الصحف من أصحاب الرأي أو كتّاب الخدمات الذين يقتاتون على معاناة البسطاء فيبلل عموده بدموعٍ تتباكى على أرملةٍ في قريةٍ نائية تسكن بصفيح بارد فتبرع – جزاه الله خيراً- بنقل معاناتها التي وصلته منها شخصياً عبر الإيميل وهو في إجازته السنوية في باريس! ولا أحد يشكك لا سمح الله أن الإيميل كان بمجرد توارد خواطر بين برد باريس وبرد الصفيح, طبعاً هذه القرى لا تستطيع إنجاب كاتب يستطيع نقل معاناة أراملها, وربما إن هذه القرى لا يسكنها سوى أرامل أُميّات لا يجدن الكتابة، فقط يتعاملن بالإيميل - أووووه أعتذر عن هذا الاستطراد المُمل- لنضع علامة الاستفهام أولا (؟) ثم نبدأ بالسؤال: لماذا أصحاب كُتّاب الرأي والرأي الآخر كلهم ممن لديهم أقدمية في العمر- أمد الله أعمارهم – ألا يوجد من العشرين مليون نسمة شاب له رأي في ما يدور حوله, أم أن الكبار ما زالوا يقومون بهمّة التفكير عن الشباب ويكفونهم عناء البحث والقراءة, ويتبنون مشاكل الأبناء عملاً بإعلان تجاري لإحدى الشركات الكبرى يقف منتصباً على مدخل مدننا نصّه (نحن نفكّر عنك)!
ليس الكتابة فحسب بل إننا ما زلنا نذكر – نحن المحكيون- حكاية شاعر مبدع كان يحترق فكراً ووعياً ولم نلتفت إليه إلا بعد أن سمعه الشاعر أحمد فؤاد نجم - الفاجومي ما غيره!- وأثنى عليه في جمع من الصحفيين, رغم أن الفاجومي هذا "شاعر ولا شاعر بحاجة" على رأي أبو روز, أو بدقة أكثر شاعر غارق في البذاءة والسخف، لكن رأيه جعلنا ننصف "رفيقنا" ونلتفت إليه فقط لأن غيرنا مدحه! ولو أتى سائل لينسف ما قلت ليقول: "لا مؤاخذة" لو كان الأمر كما تقول لما وجدنا رأيك هنا، فإنني وقتها سأكون مضطراً للقسم على أن المشرف على ملحق بالمحكي "ليس من بلدياتي"!
مخرج: (العبقريات لاتؤخذ بالأقدمية) إيه هيّن!