يضعون اعلانتهم على مدار العام دون خوف من الرقابة

يضعون اعلانتهم على مدار العام دون خوف من الرقابة

تظهر بين الفينة والأخرى إعلانات صارخة عن تخفيضات تجريها العديد من المحال التجارية بمختلف أنشطتها، وتجذب هذه الإعلانات كثيرا من المستهلكين الباحثين عن سلع تلزمهم بأقل الأسعار.
والسؤال الذي يلقيه الكثيرون إزاء ذلك: هل هذه التخفيضات حقيقية؟ وما الذي يضمن لنا مصداقيتها؟ هل هناك رقابة عليها؟
"الاقتصادية" نقلت من خلال جولة ميدانية في بعض أسواق الرياض انطباعات المستهلكين حول هذه التخفيضات إذ يقول محمد الحربي إن كثيرا من هذه الإعلانات التي تعلق على واجهات المحال ليست إلا فخا لاصطياد الزبون الذي بمجرد أن يدخل المحل يقع في فخ البائع الذي لن يدعه يخرج من محله إلا وقد باعه سلعة من سلعه.
ويبدي خالد بن علي استغرابه من التخفيضات الشديدة التي تجريها بعض المحال، ويقول إنه يشعر بأنه وقع ضحية لإحداها، إذ إنه اشترى ذات مرة معطفا بـ 150 ريالا ليكتشف بعد فترة أنه يباع في موسم تخفيض بـ150 ريالا، ويتساءل خالد قائلا: كيف استطاع التجار بيع المعطف بهذا السعر؟
من جانبه قال أبو صالح إنه وقف بنفسه على حالة تحايل واضحة، إذ مر على محل قد علق لوحة كبيرة تعلن عن تخفيض بنسبة عالية ولما دخل المحل وسأل عن سعر إحدى السلع فوجئ بأنها غير مخفضة، وبسؤال البائع قال له إن اللوحة قديمة وقد انتهت مدة التخفيض منذ فترة، وعندما سأله عن سبب عدم إزالتها قال: نسينا!
المستهلكون الذين قابلتهم "الاقتصادية" أجمعوا على أن كثيرا من التخفيضات "صادقة" لكن البعض يستغلها في التلاعب على الناس، وطالبوا الجهات المسؤولة بتكثيف الرقابة على المحال المعلنة عن تخفيضات، خصوصا أن أمر كشفها سهل ويسير، فـ "بعض لوحات التخفيضات "اصفرت" وبهت لونها من طول مدة بقائها.. فأين الرقابة؟".

طرق التلاعب

أصحاب المحال والعاملون فيها أكدوا استغلال البعض لـ "لوحات التخفيضات" في التلاعب، إذ يقول أسعد حامد سليم –مدير معرض أحذية - إن ذلك وارد، وعن طرق التلاعب يقول: "من الممكن أن يبيع العامل للزبون سلعة مخفضة دون تخفيض ويأخذ الفرق لنفسه، وسبق أن كشفنا أحد الباعة لدينا يقوم بهذا الفعل فتم إلغاء عقده مباشرة، أيضا من الممكن أن يعلن محل عن تخفيضات غير حقيقية، بعض المحال تعلق لوحات كبيرة عن تخفيضات مما يوهم الزبون أن التخفيضات على جميع بضائع المحل وبعد أن تجتذب اللوحة الزبون يكتشف أن التخفيض على جزء من البضاعة وليست كلها، والمفروض أن يكون الإعلان واضحا".

ويضيف أسعد أن للمستهلك دورا كبيرا في حماية نفسه من التلاعب، إذ من حقه أن يطلب من المحل المعلن عن تخفيضات تصريح الغرفة التجارية لهذه التخفيضات، حيث إن أي تخفيضات لا يتم الإعلان عنها إلا بعد أخذ تصريح من الغرفة التجارية، وفي الأساس تطلب الغرفة التجارية من المحال التي تجري تخفيضات تعليق التصريح في مكان ظاهر للمستهلكين، وهذا التصريح يحدد البضاعة التي يتم عليها التصريح ومدته، وإذا استمر التخفيض بعد انتهاء المدة فهناك مخالفة على ذلك.
كما أن على الزبون أن يأخذ فاتورة بكل ما يشتريه لتكون له مستندا موثوقا في حال شكواه.

وعن مواسم التخفيضات وأوقاتها يوضح أسعد أنها تتم في بداية المدارس وفي العطلة الصيفية وفي الأوقات التي يكون فيها ركود في السوق لترويج البضائع وعند بداية إجازات المدارس، حيث تنزل إلى السوق بضائع جديدة، فيتم الإعلان عن تخفيضات على البضاعة القديمة بنسبة تبدأ من 15 في المائة في بداية الموسم وتصل تدريجيا إلى 60 في المائة في آخره.
وعما ذكره بعض المستهلكين من أن التخفيض يكون على مقدار ربح المحل وليس على السعر الإجمالي للسلعة أكد أن ذلك غير صحيح، فالتخفيض –على حد قوله- يكون على السعر الإجمالي ويعلل ذلك بقوله: "في فترة من فترات العام وعند تراكم البضاعة القديمة نضع عليه تخفيضات تصل إلى 70 في المائة من قيمتها الفعلية، ونضحي بالربح نهائيا حتى لا يتسبب بقاء البضاعة في التضييق على البضاعة الجديدة وحتى لا نفقد في النهاية قيمة السلعة كليا، ونظرا لأن محالنا لها أكثر من 50 فرعا في المملكة فإن لدينا القدرة على تعويض هذه الخسائر،
-مثلا- كان لدينا نوع من الأحذية الجيدة سعره في الجملة 125 ريالا وبعناه في موسم التخفيضات بـ 50 ريالا، وفي مدة قصيرة نفدت البضاعة"، ويضيف: "أبيعها بمبلغ زهيد أفضل من عدم بيعها نهائيا".

الجهات الرسمية: التلاعب موجود

الجدير بالذكر أن وزارة التجارة حذرت في تعميم سابق من تقديم بعض الأسواق المركزية عروضا ترويجية وخصومات على بعض السلع، حيث أكدت الوزارة أن هذه العروض والتخفيضات وبعد متابعة مصداقيتها تبين أنها لا تتفق مع ما هو معلن عنه.
وقالت الوزارة في تعميمها الصادر من الإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري والتقليد والموجه للغرف التجارية أنه لوحظ قيام عدد من الأسواق المركزية بعمل عروض ترويجية وخصومات على بعض السلع والإعلان عن ذلك وتوزيع نشرات ومطبوعات تحوي بيانات خادعة، مضيفة أن هذا العمل يعد خداعاً للمستهلك ومخالفة لنص المادة رقم (1/د) من نظام مكافحة الغش التجاري والخاصة بوصف السلعة خلافاً للواقع أو الإعلان عنها أو عرضها بأسلوب يحوي بيانات كاذبة أو خادعة.
من جانبه يؤكد ماجد جار الله الجار الله مدير عام العلاقات العامة والإعلام بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض وقوع بعض التجاوزات في هذا المضمار، ويقول لـ "الاقتصادية" إنه يلاحظ كثرة المتقدمين للحصول على ترخيص للتخفيضات، وأن نسبتهم عالية من منتسبي الغرفة، مما يشير إلى أن الغالبية العظمى من التخفيضات التجارية أو المسابقات نظامية، لكن الجار الله يستدرك قائلا: " ولكن هذا لا يعني عدم وجود مخالفين يعلنون عن تخفيضات دون الحصول على التصريح اللازم".

وشدد الجار الله على أن يقوم المستهلك بالتأكد من وجود تصريح الغرفة التجارية الصناعية في الرياض لأي منشأة تعلن أو لديها تخفيضات عن سلع معينة ، كما أن على المستهلك الذي يكتشف وجود مخالفة أو تحايل أو تلاعب من قبل المنشآت الاتصال مباشرة على الهاتف المجاني للإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري بوزارة التجارة والصناعة.

شروط التصريح

وحول آلية حصول المنشأة التجارية على تصريح تخفيضات، وشروط ذلك قال مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية إن الغرفة التجارية الصناعية بالرياض ممثلة في إدارة التصاريح تقوم بإصدار تصاريح التخفيضات وفق آلية محددة تمكن الإدارة من التأكد من السعر قبل وبعد التخفيضات، ونسبة التخفيض، وذلك من خلال إرفاق ما يثبت سعر المبيعات قبل التخفيضات للنسبة التي تزيد نسبتها أكثر من 30 في المائة، وبعد تدقيق كافة الأوراق يتم إصدار التصريح، و تنص شروط التخفيضات على أن تكون السلع المراد إجراء التخفيضات عليها ضمن نشاط المنشأة المسجل لدى الغرفة ووزارة التجارة، كما يجب ألا يقل المعدل العام للتخفيضات عن 15 في المائة، وألا تقل نسبة البضاعة الخاضعة للتخفيض عن 50 في المائة من بضاعة المحل، إضافة إلى أنه يجب أن توضع بطاقات على السلع التي يشملها التخفيض تبين بصورة بارزة السعر قبل التخفيض وبعده.
ويوضح الجار الله أن أنواع التخفيضات تنقسم إلى نوعين: الأول هو التخفيضات الموسمية، ويشترط لإصدار تصريح لها ما ذكر سابقاً إضافة إلى تقديم فواتير مبيعات للسلع في فترات مختلفة قبل التخفيضات إذا زادت عن 30 في المائة، وذلك كإثبات بأنه باع بهذا السعر قبل التخفيض، وتقديم قائمة بأنواع السلع التي تسري عليها التخفيضات ونسبة الخصم على كل سلعة، مع تقديم الوثاق والأوراق الخاصة بالمؤسسة، وتنص الشروط إلى أنه لا يجوز للتاجر عمل تخفيضات موسمية أكثر من مرتين في السنة على ألا تزيد المدة في كل مرة على 45 يوما.
والنوع الثاني من التخفيضات: هي تخفيضات التصفية النهائية، ولإصدار تصريح لها يشترط ما سبق ذكره، إضافة إلى توقيع تعهد بترك التجارة أو تغيير نوعها أو إحداث تجديدات شاملة في المحل أو نقله من مكان إلى آخر، كما تنص الشروط على أنه يجوز للتاجر إجراء تصفيه نهائية مرة واحدة في السنة على ألا تزيد المدة على ستة أشهر.

الأكثر قراءة