نجران: زراعة الحمضيات يهددها الجفاف وتدمرها الملوحة واتفاقية دولية لإنقاذها
تسعى وزارة الزراعة من خلال مركز أبحاث البستنة في نجران إلى إنقاذ قطاع الحمضيات الذي تتقاذفه الظروف القاسية من بينها الجفاف والملوحة. وفي هذا الإطار، قال لـ "الاقتصادية" المهندس علي بن عبد الله الجليل مدير مركز أبحاث تطوير البستنة في نجران أن إنتاج نجران من الحمضيات يبلغ سنويا نحو 40 ألف طن، مشيرا إلى أن المركز يقوم بجهود كبيرة لزيادة الإنتاج في المنطقة والمحافظة على الأصناف الجيدة حيث يقوم المركز وباستمرار بعمل العديد من الدراسات على الحمضيات في سبيل إنتاج أنواع جيدة وجديدة من الحمضيات حيث يقوم المركز بعمل دراسة على أفضل الأصول من حيث تحمل الجفاف الذي تعانيه المنطقة وكذلك دراسة أكثر من 80 صنف من الحمضيات وتحديد التي تعطي نوعيات جيدة وإجراء تجارب على الزراعة العضوية وتقليل الاعتماد على المبيدات والأسمدة الكيماوية إضافة إلى تجربة تقدير الاحتياجات الغذائية اللازمة لزيادة إنتاج الحمضيات. وأوضح الجليل أنه يوجد في المركز عدد من الأصناف التي لها مستقبل في المنطقة مثل الحمضيات ذات الثمار عديمة البذور والحمضيات ذات الأصول التي تتحمل الملوحة والقلوية. وعن أسباب تراجع زراعة الحمضيات أخيرا قال الجليل إن السبب يرجع إلى تدني أسعار الحمضيات وتوجه عدد من المزارعين والمستثمرين للاستثمار في زراعة البيوت المحمية والمانجو والنخيل. وأضاف الجليل أن المركز قام بإطلاق تجربة وفكرة جديدة تتمثل في إقامة مهرجان شتوي للحمضيات في منطقة نجران وهو يحظى بحضور ودعم من الأمير مشعل بن سعود بن عبد العزيز أمير منطقة نجران ومن منظمة الفاو العالمية، حيث تم خلال إقامة المهرجان في الأعوام السابقة إقامة عدد من المسابقات لأفضل إنتاج وعمل مجسمات وأشكال جمالية من الحمضيات وذلك للحفاظ على هذه الزراعة كما أن المركز يقوم بمنح خصم يصل إلى 50 في المائة على أسعار الشتلات التي ينتجها المركز وبيعها على المزارعين بأسعار رمزية. وأضاف الجليل أن مركز أبحاث وتطوير البستنة من أهم مراكز البستنة في المملكة حيث يقوم بإنتاج شتلات الحمضيات وتوزيعها على المزارعين داخل نجران وفي باقي مناطق المملكة. وقال الجليل إن مركز أبحاث تطوير البستنة في المنطقة يقوم بعمل الدراسات والبحوث التي تقلق زارعي الحمضيات في المنطقة مثل حشرة صانعة الأنفاق وحشرت السيليدي الآسيوية باعتبارهما أخطر آفتين تصيبان أشجار الحمضيات وتسببان خسائر اقتصادية كبيرة، أيضا يكافح المركز مرض التصمغ على الحمضيات وذبابة الفاكهة. وأكد الجليل أن مركز أبحاث تطوير البستنة في نجران يعد واحداً من أهم المعالم الحضارية البارزة بمنطقة نجران، حيث يقام فوق 160 هكتاراً ويعنى باختيار وإنتاج أجود أصناف وأصول الحمضيات الخالية من الأمراض والتي تتلاءم مع البيئة شبه الصحراوية السائدة في معظم مناطق المملكة، ويعد هذا المركز في مصاف المراكز المعروفة على مستوى العالم العربي في مجال أبحاث وإنتاج الحمضيات و تأسس هذا المركز عام 1982م وحينه لم يكن يعرف سوى أنواع بسيطة من الحمضيات، أما الآن فإن المستهلك يتناول البرتقال واليوسفي والقريب فروت والليمون بأصناف متعددة، وبنوعيات ممتازة، وذات مواسم نضج مختلفة، تمتد لفترة ثمانية أشهر, وقد أحدث المركز خلال التجارب المستمرة في مجال الأصول والأصناف نقلة نوعية في تثقيف المزارعين، ولا سيما بعد إدخال الأساليب الحديثة في الزراعة كنظم الري الحديثة لترشيد استخدام المياه والمعاملات الزراعية والبستانية الصحيحة والعمل على إحلال المكافحة الحيوية بدلاً من الاعتماد على المبيدات الكيماوية وأضرارها الجسيمة على الإنسان والحيوان والبيئة، إضافة إلى إدخال أصناف جديدة من الحمضيات بعد أن أثبتت التجارب نجاحها كماً ونوعاً. من جهته، قال علي بن صالح آل بعتج رئيس قسم الإرشاد والتدريب في المركز إن المركز يقدم للمزارعين والمهتمين بزراعة الحمضيات جميع ما يحتاجون إليه من معلومات زراعية حول الحمضيات وغيرها من أنواع الزراعات وتوزيع المنشورات والمطويات على المزارعين كذلك القيام بعدد من الجولات المكثفة والمستمرة على مزارع نجران وعمل مسح شامل لكل مزرعة وترقيم المزارع وعمل سجل زراعي لكل مزرعة يسهل الرجوع إليها ويسهل للمراقبين الوصول إلى تلك المزارع. وهنا عاد المهندس علي الجليل مدير مركز أبحاث البستنة، ليكشف أن اتفاقية التعاون الفني الموقعة بين المملكة ممثلة في وزارة الزراعة ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) تضمنت مشروع (تقوية مركز أبحاث تطوير البستنة في نجران). وأوضح المهندس الجليل أن الاتفاقية تهدف إلى التعاون في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البستانية من خلال تعزيز القدرات المؤسسية والتقنية في المركز الوطني للبحوث والتنمية البستانية في نجران لتعزيز صناعة الحمضيات وبعض الفاكهة المختارة في المملكة على أُسس دائمة، مشيرا إلى أن الاتفاقية تضمنت أيضا عددا من الأهداف المباشرة والبحثية ومنها تطوير برنامج وطني لشهادات اعتماد الحمضيات وتحسين إنتاج فاكهة الحمضيات وتطوير أساليب تقنية الإنتاج كذلك تقييم إدارة واستخدام المياه وتطوير ممارسات الري المناسبة للمحافظة على المياه، والحرص على التطوير المناسب لصناعة الحمضيات عبر إرشاد المزارعين بالتقنيات والأساليب الفنية اللازمة، إضافة إلى إدخال محاصيل فاكهة أخرى مناسبة لظروف منطقة نجران وتحسين معاملات ما بعد الحصاد والتسويق للحمضيات والفواكه الأخرى.
وبين الجليل أن الاتفاقية تضمنت المحافظة على المواد الأساسية للحمضيات (المجمع الوراثي)، مجمع الأمهات والمشاتل الخالية من الفيروسات وشبه الفيروسات وغيرها من الأمراض، كذلك (تطوير برنامج وطني لشهادات اعتماد الحمضيات)، كذلك تجهيز وحدة زراعة الأنسجة بالمعدات وإنشاء مجمع وراثي للحمضيات (المواد الأساسية) تحت شبكات عازلة للحشرات (مشاتل مغطاة بالشبك)، تقييم الحالة الصحية للأشجار في المركز ومزارع نجران مع التركيز بشكل خاص على كل من مرض التدهور السريع، والاخضرار والتقرح البكتيري وتوزيع مواد زراعة الحمضيات المعتمدة للمزارعين.
وقال الجليل إن الاتفاقية تضمنت عمل خرائط واقتراحات لتطوير المياه الجوفية وكيفية ترشيد استخدامها والتحذير فيما يخص المحافظة على المياه والتوسع غير المدروس، كذلك تحديد المقننات المائية لأشجار الحمضيات في المنطقة وجدولة الري، إضافة إلى اختيار أنظمة الري وأنسبها للمحافظة على المياه ومراقبة مستوى الماء الأرضي ونوعيته من خلال الآبار التي يشملها المسح، والعمل على استدامة مصادر المياه الجوفية وكيفية استعمالها من خلال الإدارة الناجحة للماء وبحث مصادر بديلة للتعويض وتقديم النصح للمزارعين بالمواقع المناسبة لزراعة الحمضيات والإرشاد في توفير المياه وإعادة تغذية المياه الجوفية عبر وسائل الإعلام العامة والتوعية الإرشادية، ومراقبة أثر الملوحة في الجذور في مربعات الحمضيات في مزرعة مركز أبحاث تطوير البستنة في منطقة نجران، وتقدير الاحتياجات المائية لأشجار الحمضيات الكاملة تحت ظروف نجران وتشغيل وصيانة محطة الأرصاد الزراعية ومقارنة أنظمة الري وأيها أجدى لحفظ المياه ومراقبة مستوى الماء الأرضي ونوعيته من خلال الآبار التي يشملها المسح، والعمل على استدامة مصادر المياه الجوفية وكيفية استعمالها من خلال الإدارة الناجحة للماء وبحث مصادر بديلة للتعويض.
وقال الجليل إنه سيتم من خلال الاتفاقية تحديد المعوقات الرئيسية التي تواجه عمليات التسويق والتوزيع للحمضيات وإيجاد الحلول المناسبة لها وتقييم إمكانية تصدير إنتاج بعض الفواكه، والتوصية بأنسب الأنواع والأصناف للأسواق المحلية وتليها أسواق التصدير.
كما أشار الجليل إلى أن الاتفاقية تشمل برنامج التدريب والرحلات التعليمية والدورات التدريبية التي تشمل رحلات دراسية في الخارج للدول المتقدمة في صناعة الحمضيات (أبحاث، إنتاج، إرشاد، وقاية) ضرورية للموظفين السعوديين لمستويات الدراسات العليا، الخريجين، والفنيين وذلك بهدف الإلمام بأحدث التقنيات والتشجيع على حضور الندوات الإقليمية والدولية، المؤتمرات، وورش العمل وغيرها.
كما تشمل الاتفاقية برامج الدراسات العليا وهي دراسة الماجستير في العلوم لثلاثة أو أربعة أشخاص. تمنح الأولوية لتخصصات أمراض النباتات (الأمراض الفيروسية وشبه الفيروسية، التعرف على الأمراض، الكشف على الأمراض بنباتات حساسة، الكشف عن طريق ELISAوPCR، كذلك تربية الحمضيات إضافة إلى تخصص الفاكهة الاستوائية وشبه الاستوائية.