الاعتبارات الأخلاقية.. نطاق وحدود المسؤولية الاجتماعية للشركات
ديفيد فوجيل
ترجع ظاهرة مبادئ وممارسات المسؤولية الاجتماعية للشركات إلى نحو قرن مضى، إلا أن الاهتمام العالمي الحالي بها لم يسبق له مثيل في التاريخ. يقدم الكتاب تحليلا شاملا للحركة المعاصرة الخاصة بالمسؤولية والنشاطات الاجتماعية للشركات في كل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، والعديد من الأماكن الأخرى حول العالم.
يلاحظ المتتبع لسلوك الشركات أن الوعي بهذه الحركة قد زاد كثيرا بين الناس في الفترة الأخيرة، ويظهر هذا جليا في نمو الاستثمارات الاجتماعية والأخلاقية والمعايير الاجتماعية التطوعية لإدارة الشركات، والتقارير الذاتية للشركات عن الممارسات والأنشطة الاجتماعية والبيئية.
يظهر اهتمام الناس العميق بهذا الموضوع في حركات المقاطعة أو المظاهرات ضد منتجات أو شركات معينة تقوم بممارسات تضر بالبيئة مثلا أو تسبب الضرر لبعض فئات المجتمع، كما يظهر أيضا في الزيادة الكبيرة في عدد المؤسسات التي تراقب وتتابع الأداء الاجتماعي والبيئي للشركات.
يقدم مؤلف الكتاب ديفيد فوجيل، وهو خبير في العلاقات بين الشركات والحكومة، تقييما متوازنا محايدا للإنجازات التي حققتها والإخفاقات التي منيت بها حركة المسؤولية الاجتماعية للشركات.
يتناول الكتاب بالتحليل الإنجازات التي حققتها الحركة، وخصوصا في مجال العمالة وحقوق الإنسان والاشتراطات البيئية للأنشطة الصناعية في الدول النامية. يستعرض الكتاب قدرات حركة المسؤولية الاجتماعية للشركات على إحداث تغييرات جوهرية في سلوك الشركات، ويؤكد أن هذه القدرات محدودة ومبالغ فيها.
على الرغم من أن هذه الحركة يمكن أن تكون أداة قوية التأثير بالتعاون مع القوانين والتنظيمات، إلا أنها لا تحل محلها بأي حال من الأحوال. يستكشف الكتاب المدى الذي يمكن للتحسينات في إدارة واتخاذ القرارات بالشركة أن تصل إليه لصالح حركة المسؤولية الاجتماعية دون تشريع المزيد من القوانين في الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأقصى والدول النامية.
وبمعنى آخر، يحاول الكتاب الإجابة عن السؤال: ما الإمكانيات بعيدة المدى للتنظيمات الذاتية للشركة التي تقوم بتفعيل مسؤوليتها الاجتماعية؟ يؤكد الكتاب أن التطورات المتوقعة أقل بكثير مما تشير إليه الكتابات المعاصرة لحركات المسؤولية الاجتماعية للشركات.
في كثير من الأحيان تتعرض الشركات للوقوع في مطب الاختيار بين ما يبدو صوابا من الناحية الأخلاقية وما يعدها بالربح والتقدم، وحيث إن الشركات مقامة أساسا بهدف ربح المال، ولأن النظام الرأسمالي وحاملي الأسهم يطالبونها بهذا، فغالبا تميل الشركات إلى اتخاذ القرار باختيار ما يزيد من أرباحها دون التوقف كثيرا أمام الاختيارات الأخرى.
في النهاية يخلص الكتب إلى أنه لا يمكن إنكار وجود وتأثير الاعتبارات الأخلاقية على الشركات، إلا أن تفعيل هذه الاعتبارات ووضعها قيد التنفيذ أمر مرهون بالتكاليف المادية للسلوك المؤسسي المسؤول.