النساء يشاركن في صنع قرارات "بلدي مكة" ويطرحن مطالب جادة ومحددة
في مبادرة هي الأولى من نوعها على مستوى المجالس البلدية، دخلت المرأة المكية أخيرا شريكة في صنع القرار، من خلال اللقاء الذي عقده المجلس البلدي في العاصمة المقدسة ممثلاً في دائرته الرابعة في قاعة ماربيا بحضور نحو 150 امرأة تفاعلن مع قرارات المجلس وتداخلن في الحوار بمقترحات قد تكون غلبت في أهدافها تلك التي تقدم بها الرجال، حيث كانت تهدف المرأة في مطالبتها إلى تحسين الواجهة الأساسية للبنية التحتية وإنشاء الخدمات والمرافق، فيما طالب الرجال ببعض المطالبات التي تخدم شريحة بسيطة من المجتمع، وهو أمر قد يوحي بمطالب مستقبلية لدخول المرأة في صراع انتخابات المجالس.
المداخلات النسائية واستحواذها للجزء الأكبر من المداخلات بشكل عام، أسهمت في خلق رؤية واضحة عن فكر المرأة، الذي وصف بالاستراتيجي والهادف، بعيداً عن تلك الغمزات والهمسات التي أشارت في بداية اللقاء إلى أن دخول المرأة في صناعة قرارات المجلس وهي غير ملمة بأعماله لن تكن مجدية، كما اتهمن حينها بذوات الفكر السطحي.
على الرغم من كثرة المداخلات إلا أن الرجال تفرغوا للخطابة في مداخلاتهم وإلقاء الأشعار و "الحلمنتيشات"، بينما وجهت المرأة مطالبها بشكل عاجل، وكأنها حازمة الرأي راغبة في تحقيق مطالبها، إذ كانت مطالبهن محددة وواضحة، وتهدف إلى خدمة الشرائح العظمى من المجتمع المكي.
وأوضح الدكتور عدنان شفي عضو المجلس البلدي مرشح الدائرة الرابعة أن المجلس اجتهد من خلال لجنة التواصل لسد الفجوة بين المجلس والمواطنين، وكي يتمكنوا من إيصال رسالة المجلس لهم وإيضاح ما تم اتخاذه من قرارات مع توضيح خطة المرحلة المستقبلية، مشيراً إلى أن الهدف من اللقاء هو بناء جسر التواصل بين المواطنين والمجلس والاستماع إلى الآراء ومناقشتها والسعي بشكل جاد لتحقيق أكبر عدد منها، كما أن المجلس سعى خلال الفترة الماضية لبناء كيان يمكن المواطن من رفع صوته، وهو الأمر الذي يتطلب البناء للأمد البعيد، لافتاً إلى أن المجلس أصدر نحو 230 قراراً تمثل احتياجات المواطن، ومنها حملات الارتقاء بالحدائق والتنسيق مع الجهات الحكومية فيما يتعلق بالشكاوى التي ترد إلى المجلس من المواطنين ولا تتعلق بأعمال المجلس الرئيسية والمتعلقة بالخدمات البلدية.
من جهتها، طالبت شادية غزالي الباحثة الاجتماعية في مركز التنمية بوادي فاطمة بضرورة أن يتبنى المجلس البلدي موضوع الأسر المنتجة وخصوصاً فيما يتعلق بفتح أكشاك في المنطقة المركزية المحيطة بالحرم المكي الشريف يعمل فيها ذوو الحاجة من الأسر الفقيرة، والتي تدار في الوقت الحاضر من قبل العمالة الوافدة، كما دعت إلى أن يتم تعيين عنصر نسائي في البلديات يقمن بمهام الرقابة على الأنشطة النسائية عوضاً عن قيام الرجال بها.
كما ارتكزت طلبات النساء حول إقامة دورات مياه في الطرق الرئيسية وفي المرافق العامة وأن يتولى المجلس البلدي رقابتها والإشراف على نظافتها، متمنين إقامة نشاط تعاوني يجمع جميع شرائح المجتمع المكي بعنوان "خطط للمستقبل" ويعنى بالعمل التطوعي، والذي سيعمل أيضا على تأصيل المعرفة بالعمل وفقاً للقران والسنة، وأن من المفترض أن تكون مشاريع مكة مبنية على مقترحات تقدم لجامعة أم القرى ومن ثم يتم دراستها من قبل الأقسام المعنية وحتى تكون بذلك مستوفية لجميع الشروط ومواكبة لطبيعة مكة ومكانتها الإسلامية، وطالبن بإنشاء معرض دائم للصناعات الوطنية يكون في المنطقة المركزية حتى يتمكن من استقطاب أكبر عدد من الزوار والعمار، والاستفادة من العمالة الموجودة في مكة من الجنسيات البرماوية وغيرها بدلا من الاستعانة بعمالة من الخارج مرتفعة التكلفة.
وكانت مطالب الرجال تتمحور حول الخدمات الفندقية ورداءتها ومواعيد عمل المحال التجارية ومدى ملاءمتها للأحياء التي تقع فيها، وكذلك عن ظاهرة التفحيط وارتفاعات المباني وبيع الدخان في المحال التجارية، وموقع مقاهي الشيشة التي وصفوا بأن وقوعها على مداخل مكة له تأثير سلبي في نفوس مرتاديها.
وأوضح الدكتور عبد المحسن آل الشيخ رئيس المجلس البلدي إلى أن المجلس ينظر في جميع المقترحات المقدمة من قبل المواطنين من خلال اللجان المنبثقة عن المجلس والتي بدورها تقوم بدراسة المقترحات ومن ثم الرفع بتوصياتها للمجلس، ليتمكن بعد ذلك أعضاء المجلس من التصويت على المقترحات وإصدار التوصيات حيال المقترحات التي لا تدخل ضمن مهام المجلس والرفع بها للجهات المعنية، وإصدار القرارات حيال التوصيات المتعلقة بالخدمات البلدية ومن ثم الرفع بها لأمانة العاصمة المقدسة، ولفت إلى أن الفنادق بحاجة إلى مزيد من الرقابة الصحية ورقابة الأسعار، وأن المجلس يطالب بالتنبيه حول أي قصور في عمليات الرقابة البلدية حتى يتمكن المجلس من مخاطبة الجهات المعنية.