في حائل .. "المقاولات" تغتال "الشعر"!

في حائل .. "المقاولات" تغتال "الشعر"!

جرت العادة أن يكون الشعر عنصراً أساسيا في مهرجانات الصيف, وحائل ذاتها مدينة تقول الشعر وتجيده, لكن المأساة السنوية تكررت هذا العام بوطأة أشد إرباكاً, قدر هذه المدينة أن مهرجاناتها "محتكرة" من قبل رجل أعمال, أو لنقل شركة واحدة تفرض ما تشاء وتمارس وصاية على ما يريده السائح, والسائح هنا هو المواطن البسيط الذي يعتبر مشواره من منزله لمنتزه "المغوّاة" رحلة سياحية ممتعة, فالشركة القائمة على المهرجان رغم ما تلقاه مع دعم رسمي كبير إلا أنها تتعامل بجشع سرمدي, فبمجرد الدخول من بوابة المنتزه لابد أن تدفع 30 ريالاً، هذا لمجرد الدخول ويعدها حتى "الحسّابة ما بيتحسبش" فحتماً ستتعطل!
لا أريد أن أعقّد الموضوع بمسائل حسابية فيما لو كان عدد أفراد العائلة تسعة بينهم الأطفال, ولا أريد أن أنوّه بأن المتنزهين "داخلياً" هم أُناس بسطاء ليس لهم من دخل إلا "الضمان الاجتماعي"، ومع هذا نجد من يستكثر عليهم نزهة عائلية!
في حائل تقوم الشركة أو المؤسسة - ولتسخر مني عزيزي القارئ فأنا كاتب في صحيفة تهتم بالاقتصاد ولا أعرف الفرق بين الشركة والمؤسسة!- بتبني مهرجان الصيف على الورق طبعاً ثم بعد ذلك - في الحقيقة - تقوم بتأجير كل فعالية على مؤسسة أو حتى فرد بعد إملاء شروطها التي تقترب كثيراً من نكات صيفنا, فأحد الذين"رست" عليهم مناقصة فعالية "إقامة الأمسيات" أوضح أنه مضطر لعدم دعوة أي شاعر من المنطقة رغم قناعته بإبداعهم! وللأمانة أتمنى أن مقاول الباطن هذا قال ما قال فقط ليتجنب الحرج والتملص من عتب الشعراء, وفي النهاية ككل عام يحاول المنظّم الأكبر استدعاء شعراء كبار- وكبار هذه بمقاييس برامج المسابقات لا بمقياس الإبداع- ولأن إنسان هذه المدينة ليس ساذجاً ففي كل عام تكون الأمسيات بلا حضور ويتم تدارك ذلك إعلامياً من خلال تسجيل الأمسيات وعرضها على القنوات وتركيز الكاميرا على الشاعر الذي يبتسم لـ "اللا أحد" أمامه, كل ذلك في سبيل إتمام الأمسية وأخذ "المقسوم" قبل مغادرته المدينة!
هذه الأيام حدثت ثالثة الأثافي فقد أُلغيت إحدى الأمسيات قبل ساعات من إقامتها وبالطبع بلا أسباب منطقية سوى اعتذار مقاول الباطن أن ذلك تم بضغوط من الشركة الأم المنظمة للمهرجان!
رغم أن الإلغاء قد يكون مشابهاً لإقامة الأمسية بلا جمهور حيث كالعادة لا إعلان ولو حتى بورشورات، إنما الأمر متروك للصدفة ولمن أراد أن يحضر حتى ينتهي أطفاله من ألعابهم في المنتزه, رغم أنني تحدثت مع الكثير من محبي الشعر هنا فرأيت عزوفاً وتكلم بعضهم بمنطق: الشعراء سمعنا كل قصائدهم وهم موجودون في كل قناة ومهرجان.. إذن لم الحضور؟ المساحة توشك على الانتهاء ولا يزال الكثير من الاستفهامات المؤلمة يؤرقني, والصيف في بدايته, هل نطمح إلى فعاليات تحترمنا؟ أتمنى أن أجد جوابا, كما أتمنى أن توجد الهيئة العليا للسياحة رقابة على التنفيذ وألا يكون تقييمها فقط من خلال الورق والتسجيل!

الأكثر قراءة