مسكين يا راعي الغنم!

مسكين يا راعي الغنم!

ماني باميرٍ مير طيّب جماعة
سيفٍ لربعي.. بالمواجيب مسلول
إن قدموني لابتي صرف ساعة
قدمتهم مقدار خمسة عشر حول
الأبيات للعظيم شعرا وإنسانية "سعد بن هتيل الدوسري" – رحمه الله – ضمن قصيدة قالها قبل أكثر من 60 عاما، هذا البدوي الذي عاش في بيئة بدوية قاسية، الفخر لديه يعني ما تكسبه "يمناه" لا بما ورثه من أجداده، من جاه أو مال أو حتى شعر!
أعرف نماذج كثيرة من كبار السن، ممن عاصروا تلك المرحلة التاريخية قبل حياة التمدن وشوارع الإسفلت، ينظرون إلى الفخر كعامل ثانوي يجب ألا يكون دون "فعل" شخصي، و"يستحون" من التفاخر بأمور – قد تكون عظيمة فعلا – "فعلها" أجدادهم أو حتى عناصر من قبائلهم، لا ينطقونها ولا يريدون الحديث عنها، وإن سألهم أحد عنها أجابوه باقتضاب وعدم اهتمام، لأنه يرون أن "الطيب" فعل يجب أن يكون مستمرا يتكيف مع البيئة ولا يتصادم معها، لا يجب أن يكون تأريخا يتوارثونه ويتفاخرون به في مجالسهم، ولو شذ كثيرون!
شعراء هذه الأيام يظنون – للأسف – أن تكوين قاعدة جماهيرية يجب أن يكون بذكر أمجاد الأجداد، يبدأون القصيدة بالحديث عن صهيل الخيل وغبارها أثناء المعركة، ويتغنون بصليل السيوف واصطفاف أجدادهم في المعارك، أحدهم "يهايط هياطا" مستخدما كل وسائل الحماسة في قصيدته، وهو "لو نبح كلب بجنبه نز"! أغلبهم الشعراء الشباب – للأسف – لا يجدون من الفخر إلا أنه "ابن شيخٍ من روس قومه"، وهو الأمر الذي يدعو للتساؤل فعلا.. والراعي؟ هل يمكن أن تكون شاعرية أحدهم مخدوشة عام 2008 لأن جده كان راعي غنم! أي منطق هذا؟ تخيل أنك تحضر أمسية ما لشعراء شباب تتفاءل بهم خيرا لتسمع الشعر، فتفاجأ أن الأمسية تحولت لسرد السير الذاتية لأجداد الإخوة الشعراء! ما هو شي يقهر؟!

الأكثر قراءة