الجمعة, 25 أَبْريل 2025 | 26 شَوّال 1446


لماذا تتجاهل البنوك المركزية تعيين هيئات شرعية فيها؟

نستكمل في الحلقة الثانية ندوة المصرفية الإسلامية التي أقامتها "الاقتصادية" وطرحنا في حلقتها الأولى ورقتين للدكتور محمد البلتاجي والشيخ لاحم الناصر. واليوم نستعرض مداخلات الخبراء والمختصين الذين تطرقوا إلى غياب الدراسات التقويمية وغياب الدعم الحكومي، وتفعيل المنتجات الإسلامية، ومشكلة الخلافات الفقهية غياب الاعتراف الدولي ، وفرص الاستثمار التعليمي، وفوضى في الفتوى وطرح مؤشرات للمنتجات الإسلامية.
في حلقة اليوم، يتطرق الدكتور عبد الله المعجل مدير الرقابة الشرعية في مصرف الراجحي إلى أهمية تصدي المؤسسات الحكومية لكثير من القضايا في المصرفية الإسلامية، فالسوق ضخمة جدا والقضايا شائكة جدا وعدد المتخصصين قليل جدا. بينما يذهب الدكتور صلاح الشلهوب, عضو هيئة التدريس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن إلى كون أغلب المتعاملين في المصرفية الإسلامية يتعاملون فيها من باب الأخلاق ومن باب الدين، وأن " قليل هم الذين يتعاملون في المصرفية لأنهم وجدوا فيها فرصة، والسبب يعود لعدم تطبيق الصيغ الإسلامية الموجودة في كتب الفقهاء كالسلم والمشاركة".
وهنا رأي آخر طرحه ياسر المرشدي هو أهمية المؤشرات للمنتجات الإسلامية، التي قال إنها ستكون من وسائل التغيير التي يمكن أن تحدد مسارا جديدا للمنتجات الإسلامية، مطالبا ببناء كيانات أو اتحادات بين البنوك المحلية لتسريع عملية التطوير بشكل فاعل. كما شهدت الندوة مداخلات أخرى مهمة .. إلى التفاصيل:

المقرن: التاريخ والنشأة
في البداية تحدث الدكتور خالد المقرن عميد كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة الإمام، عن تاريخ نشأة المصرفية الإسلامية، مشيرا إلى أن المصرفية تسعى منذ بداية تأسيسها في إحدى القرى في مصر، كانت تسعى لتحقيق مبدأ أساسي في قضية المصرفية وهي قضية المشاركة بين الطرفين، الأول يقدم التمويل والآخر يقدم العمل وهي مصدر أساسي في قضية المصرفية، لكن في الوقت الراهن – والحديث للمقرن - انقلبت المسألة تماما وأصبح الاهتمام منصبا على التوسع في الائتمان بمخاطره العالية والتي يدركها الاقتصاديون جدا.
وقال المقرن: هذا الأمر في نظري نتج لأننا نحاكي المعدلات الربحية التي تحققها البنوك التقليدية، فمعظم المصارف الإسلامية ترى أنها منافس من حيث مستوى الربحية، ولا تنظر للعدد الأساسي من دور هذه المصارف، مما أدى إلى خلل لم يظهر للناس بشكل واضح في وقتنا الحالي، لكنه قد يظهر بعد سنوات قليلة مثل ما أصاب الكثير من الدول في قضية التوسع في الائتمان"، وحذر الدكتور من أن تواجه المصرفية الإسلامية مثل هذه الأزمات ولو بعد حين عندما تغفل الهدف الأساسي من إنشاء المصرفية الإسلامية وهي أن تكون قناة استثمارية وليست قناة للتوسع في الائتمان.

غياب الدراسات التقويمية

ويشير الدكتور المقرن إلى غياب الدراسات التي تقوم تجربة المصرفية الإسلامية خلال الفترة التي أنشئت فيها منذ 30 سنة، ويتساءل:" هل هذه التجربة التي مرت بها المصرفية الإسلامية لا تستحق من المختصين سواء في المؤسسات المتخصصة أو المؤسسات الأكاديمية القيام بدراسات لتقويم هذه التجربة". لا شك أننا في أمس الحاجة إلى مراكز لتقويم هذه التجربة حتى تكون هذه المسيرة مستقرة بعيدة عن المشكلات".

دور المؤسسات الحكومية

أما الدكتور عبد الله المعجل مدير الرقابة الشرعية في مصرف الراجحي فيعتقد أن نظام المصرفية الإسلامية متكامل وليس تطبيقا فرديا يمكن أن يحاكم، حيث يتساءل عن دور المؤسسات الحكومية المسؤولة عن تطوير المصرفية، ويقول:"هناك قضايا كثيرة جدا تحتاج إلى أن تتصدى لها المؤسسات الحكومية، فالسوق ضخمة جدا والقضايا شائكة جدا وعدد المتخصصين قليل جدا فبالكاد تستطيع أن تدرك الأشياء التي تعرض على المصرفية".

كوادر بشرية هندية!

يتحدث الدكتور المعجل عن قضية الكوادر البشرية والتدريب فيقول:" عندما تلجأ إلى التقليد تجد أن المخاطر التي تنشأ من تطبيق العاملين كثيرة جدا، في السعودية مثلا أكثر الكوادر أجنبية بل وغير مسلمة، وهل يتوقع من شخص ليس عنده مبادئ الإسلام التي تحكم هذا العمل أن يقدم المصرفية الإسلامية؟ بل إن الهند قبل عشر سنوات تنبأت باحتياج منطقة الشرق الأوسط لخبراء مصرفيين إسلاميين فهيأت مجموعة لهذا الغرض فلا يستغرب أن تجد الآن في البنوك السعودية نسبة كبيرة من الهند يعملون في هذا الباب".
ويتساءل المعجل عن الابتكار والتجديد، عن أقسام الأبحاث والتطوير المعنية بهذه القضايا وقال: مع الأسف لا يوجد في أي بنك إسلامي إدارة متخصصة في الأبحاث والتطوير".

التوسع خطره أكثر من نفعه

ويرى المعجل أن التوسع وتبني المؤسسات المالية الأجنبية للمصرفية الإسلامية يشكل خطرا كبيرا عليها وليس فرصة، ويعزو ذلك المعجل لكون هذه المؤسسات ستقوم بتأصيل القضايا التي نعتبرها مرحلية، يقول المعجل :" نحن نرى على سبيل المثال أن التورق في الاقتصادية الإسلامية مرحلة احتاجت إليها المصرفية الإسلامية لكي تنتقل من المصرفية التقليدية إلى المصرفية الإسلامية فأجيز لها ذلك، وإلا فهناك خلاف كبير بين الفقهاء في موضوع التورق وخاصة في المعادن، فعندما تأتي البنوك الأجنبية وعندها هذا المنتج وتتوسع فيه 90 في المائة إن لم يكن 99 في المائة من أعمال المصارف الإسلامية سواء كانت أجنبية أو إسلامية صرفة منطلقة من التورق، فتأتي المصرفية الأجنبية التي تتبنى المصرفية الإسلامية وتعمق وتؤصل هذا التطبيق، وتترك الكثير من المنتجات الأصلية مثل المشاركة، والاستصناع ، والسلم ، وغيرها من العقود الأصلية التي نريد أن تطبق، لأنهم ليسوا على استعداد أن يتحملوا تكاليفها ومخاطرها، لأن في التورق الأمر بسيط جدا نصف ساعة وانتهى الموضوع وبقية العقود واتفاقية الشروط ضابطة للعمل مثل التقليدي أما المشاركة فيها متابعة ودراسة متكررة، وتقييم للمخاطر وغيرها من الأمور التي تأخذ الكثير من الجهد والوقت".

تفعيل المنتجات الإسلامية يجلب العملاء

من جانبه, يرى الدكتور صلاح الشلهوب عضو هيئة التدريس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أن أغلب المتعاملين في المصرفية الإسلامية يتعاملون فيها من باب الأخلاق ومن باب الدين، وأن " قليل هم الذين يتعاملون في المصرفية لأنهم وجدوا فيها فرصة، والسبب يعود لعدم تطبيق الصيغ الإسلامية الموجودة في كتب الفقهاء كالسلم والمشاركة، فسنستقطب شريحة أكبر لأن فيها إضافة للمالية أو القطاع المالي".
وحذرمن الاستمرار في خطواتها التي تقترب يوم بعد يوم من المصرفية التقليدية.

صعوبة التغيير

ياسر المرشدي الأمين العام للمجموعة الشرعية في مصرف الإنماء يحاول أن يواجه سيل الانتقادات الذي صبه بقية المشاركين، ويلفت إلى أن المصرفية الإسلامية خرجت من رحم المصرفية التقليدية، وبالتالي فإن تغيير ثقافة العاملين وبناء منظومة متكاملة لا يمكن تغييرها في مرحلة 30 سنة على أوائل التطبيقات "فما بالك بالتطبيقات التي نتكلم عنها المتطورة والحديثة والمعايير التي نشأت سواء في مجلس الخدمات الماليزية في ماليزيا أو هيئة المحاسبة يوفي أو نحوها".
ويوصل المرشدي حديثه:" لابد أن نعطي أنفسنا وقتا للتأكد من صلاحية التطبيق ومواجهة المشكلات لتطبيق المصرفية الإسلامية وتحمل نوع من القصور، نحن نعترف بالقصور ولكن يجب ألا نجلد ذواتنا ولا حتى نكسر مجاديفنا ثم لا نعمل أبدا".

مؤشرات للمنتجات الإسلامية
وقال إن إيجاد المؤشرات للمنتجات الإسلامية، سيكون من وسائل التغيير التي يمكن أن تحدد مسارا جديدا للمنتجات الإسلامية، كذلك بناء كيانات أو اتحادات بين البنوك المحلية سوف يسرع من عملية التطوير بشكل فاعل، فلا يعمل مصرف الراجحي ومصرف البلاد ومصرف الإنماء كل واحد منها في معزل عن الآخر، بل أن يكون هناك نوع من جمع الجهود والاستفادة مما وصل إليه كل مصرف ليكمله المصرف الآخر.

توفير الأجهزة المساندة

وبين أن التحدي الأساسي في الأجهزة التي تدعم الهيئة الشرعية، هو في توفير الأجهزة المساندة التي تكون على قدر من ثقة الهيئة الشرعية وإن كنا نثق بالزملاء في الإدارات المالية خاصة إذا كان عندهم توجه حقيقي في تطبيق المصرفية الإسلامية.

غياب البيئة التشريعية
الدكتور ناصح المرزوقي المشرف على إدارة البرامج التطويرية في المعهد الدبلوماسي أضاف ثلاثة تحديات أخرى لما طرحه المشاركون من بينها "
غياب بيئة تشريعية قانونية على مستوى البنوك المركزية في الدول الإسلامية، كما أن هناك تجاهل من البنوك المركزية للبنوك الإسلامية، كأن المراد به إخضاعها للأنظمة والقوانين الموجودة، وهذه مشكلة كبيرة تدفع البنوك الإسلامية إلى أن تتحايل لذلك نجد أنها الآن تلبس لباسا شرعيا وهي في الأصل أساليب تقليدية وضعية".

فوضى في الفتوى

وقال المرزوقي إن العائق الثاني هو عدم وجود هيئة شرعية مالية في البنوك المركزية لذلك كان من أحسن التوصيات التي أوصى بها مجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة إيجاد هيئة شرعية في البنوك المركزية، فوجود هذه الهيئة مهم جدا لأنها ستكون المشرفة على هيئات الفتوى والرقابة في البنوك الإسلامية، وهذا هو ما نحتاج إليه الآن بسبب التساهل في بعض الفتاوى، والتحايل على بعض المنتجات.

مشكلة الخلافات الفقهية

ويرى الدكتور ناصح أن مشكلة الخلافات الفقهية يمكن حلها بالرجوع إلى المجامع الفقهية، ويقول:" بذلت المجامع الفقهية جهودا كبيرة جدا في هذا العصر في المسائل الاقتصادية والمالية، ولو انطلقوا في مثل هذه الجهود لخفت الإشكالية لأن هذه المجامع مرجعية على مستوى العالم الإسلامي كله سواء في لندن أو ماليزيا أو المملكة أو أي مكان في العالم الإسلامي، فلو انطلقنا منها لهان الأمر, لكن الإشكال في عدم المتابعة لما يصدر من هذه المجامع ومحاولة ترجمتها ومحاولة استنباط منتجات إسلامية من القرارات أو الفتاوى التي صدرت، فهي في الحقيقة فتاوى رصينة ومعتدلة ليست متساهلة ولا متشددة ومن الممكن الانطلاق منها، و من شأنها أن تقوم العمل".

لا يوجد اعتراف

الشيخ الدكتور عبد الله بن وكيل الشيخ العضو في هيئة التدريس في جامعة الإمام وعضو الهيئة الشرعية في مصرف الإنماء، عارض من يرون أن الفترة التي قضتها المصرفية الإسلامية للتوائم من الوضع الحالي غير كافية وأنه يجب إعطاؤها الفرصة وقال "أعتقد أن الـ 30 سنة الماضية التي تعتبر عمر البنوك الإسلامية يمكن أن تحسب لها، بل ربما ثلاثة أرباع هذه الفترة ممكن أن تحسب عليها، ففي تلك الفترة كانت تعيش حالة عدم اعتراف بل لا تزال حتى وقتنا هذا في كثير من الأماكن لا تحظى بالاعتراف الكامل، وكونها لم تبن أنظمة تتناسب مع هذه المصرفية الجديدة يدل على أن هناك إشكالية، وليس أمامها مساحات واسعة من الممكن أن تتحرك فيها وتنتج شيئا كبيرا.

الاستثمار التعليمي

وعن كون المصرفية تحتاج إلى 30 ألف شخص لصناعة الكوادر البشرية، يرى الدكتور عبد الله أن هذا يوجه الحاجة إلى دخول استثمار تعليمي في هذا المجال، لهذا من المفترض أن تكون إحدى الجهات التي تجري دراسات تغري من يريدون أن يستثمروا في هذا المجال حتى ينتجوا هذه الكوادر البشرية المتخصصة في المصرفية الإسلامية نظرا للحاجة الماسة إلى هذه الأعداد الكبيرة، فهناك بالفعل فقر كبير جدا لمثل هذه الكوادر التي يمكن أن تحقق الرؤية الشرعية في هذه المنتجات.

القوة في تصحيح المسار

ويرى الدكتور عبد الله أن البنوك الإسلامية "ينبغي أن تساق إلى الحق سوقاً" بمعنى أن تكون هناك جهة تفرض على هذه البنوك تصحيح مسارها، وأن تكون أكثر مما ينبغي أن تكون هي عليه، ويقول" مثلاً لو كان هناك هيئة تصنيف وطنية أو هيئة تصنيف على مستوى العالم الإسلامي، هذه الهيئة هي التي تعطي المعايير لهذه البنوك، لا تعتمد على مسألة حجم الربح الذي تحققه في السنة وإنما تعتمد على المعيارية التي تنظر إلى دقة هذه المنتجات الشرعية, وتنظر إلى حجم هذه المنتجات الشرعية في هذه البنوك، وحينئذ أعتقد أن كثيرا من جمهور المسلمين سيتوجهون إلى كثير من هذه البنوك لا لأجل الربحية وإنما لأجل النوعية التي يمكن أن تسوق الناس إلى أن يساهموا فيها أو أن يبتعدوا عنها".

السباق إلى عاصمة المصرفية

وقال إن التسابق الدولي أن تكون هذه الدول هي عاصمة المصرفية الإسلامية يمكن أن يدفعنا إلى ضرورة الظفر بهذا المركز المتقدم، وحينئذ نحن بحاجة إلى تجهيزات تنظيمية وإدارية كبيرة جداً، من أجل أن نصبح العاصمة الاقتصادية التي يمكن أن تكون مركزاً للبنوك الإسلامية.

الزكري: إثراء للفقه الإسلامي

وتحدث عبد المحسن الزكري الأستاذ المشارك بالدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود وجامعة نايف عن الجانب الشرعي في قضية الاختلاف الفقهي في حل أو حرمة والتوسع في بعض المجالات وقال "أنا أعتبره إثراء للفقه الإسلامي الاقتصادي ولا يمكن قصر الناس على منهج واحد، فاحتياجاتهم تختلف، وهذا يترك مجالا وحرية للهيئات الشرعية والبنوك الإسلامية في التطوير في حدود نصوص ومقاصد الشريعة ويكون مقصدها الحقيقي هو أيضاً تطبيق الاقتصاد الإسلامي. وقال في "الغرب الآن يتوجه إلى المصرفية الإسلامية لأن هدفه تجاري، وهناك دراسات تشير إلى أن الذي سيحرك العالم في الحقيقة هو الإيديولوجيات الدينية، سواء كان صراعا سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا أو غيره، وإحصائياتهم السكانية في الديموغرافية في غالب دول الأوروبية بعد 50 و30 سنة تقريبا سيكون نصفها من المسلمين.

ادخار

واستطرد: ما نشاهده من نسبة نمو الأسر في العالم الإسلامي كبير جدا، فأنت عندما تخاطب شخصا لديه سبعة أو ثمانية أطفال يختلف عندما تخاطب شخصا لا يوجد لديه إلا طفل واحد أو لا يوجد لديه أطفال, فنسبة النمو لديهم بلغت 1.2 في المائة, بينما متوسط النمو في الدول الإسلامية 5 في المائة أو أكثر, فكل شخص لديه أسرة كبيرة والقوة الشرائية لديه كبيرة مقارنة بالقوة الشرائية لدى الأسرة في الغرب لقلة أفراد الأسرة لديهم، لذلك فإن العالم الإسلامي والأسر المسلمة هي المستهدفة الآن للاستفادة من مدخراتها وتنظيمها الاقتصادي, فالبنوك الإسلامية أولى للمبادرة في تقديم هذه المنتجات.

غياب التأهيل

الأمر الآخر كما يقول عبد المحسن الزكري نعيب على الهيئات الشرعية أنها تركز على بعض الأسماء، لأنها تريد المشهور، تريد المعروف لدى الناس، والمفترض أن تقوم هي بتأهيل الكوادر من طلبة العلم المتخصصين المؤهلين علمياً وأكاديمياً, وتعطيهم الخبرة والتدريب، وتطورهم وتثري المجتمع.

مرجعية للنظام

الدكتور يوسف الزامل الأمين العام للهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل يقول:" يجب أن تكون هناك مرجعية للإفتاء وسن القوانين حتى لا تكون هناك فوضى, وهذه الأنظمة يتفق عليها سواء بين دول أو مجموعات من ناحية المناقشات الفقهية, ولا شك أن حرية الرأي مقبولة , لكن ينبغي ألا تؤثر في عامة الناس لأنهم سيتخبطون, هذا سيقول حرام وهذا سيقول حلال, فبالتالي لابد من مرجعية إلى نظام معين, وهذا الذي عملت عليه الأمة الإسلامية عبر عصورها المختلفة.

توسع في القبول

وفيما يتعلق بتوفير الكوادر المؤهلة يقول الزامل إن كلية الاقتصاد في جامعة الإمام قبلت في هذا العام الدراسي 1500 طالب، بتوسع في القبول بنسبة 700 في المائة، ويعود السبب إلى أننا أدركنا أننا بحاجة إلى مثل هذه الكوادر, وأضفنا إلى التخصصات القائمة في الكلية قسمين لهما ارتباط وثيق بالمصرفية الإسلامية, أحدهما في أعمال المصرفية الإسلامية, والآخر في التمويل والاستثمار, ونتوقع أن تتخرج الدفعات قريباً وهذا يعد سبقا لجامعة الإمام كونها بدأت بالاقتصاد الإسلامي قبل 30 سنة.

المؤشر الإسلامي

وتولى الدكتور البلتاجي فيما بعد الرد على مداخلات الخبراء والمتخصصين الذين ناقشوا الورقتين فتطرق إلى المؤشر الإسلامي فقال: بالنسبة للمؤشر الإسلامي سوف نشهد مؤشرا إسلاميا في القريب العاجل, وهذه البداية بدأت منذ بداية مكونات الاقتصاد والمعاملات مع البنك الإسلامي للتنمية كندوة عن هذا الأمر حيث تطورت كلجنة وقامت بالكثير من الأعمال, وسيظهر قريباً مؤشر إسلامي بديل لـ"لايبر" للبنوك الإسلامية إن شاء الله.

أساس المصرفية الإسلامية

وحول القول بأن البنوك الإسلامية خرجت من رحم البنوك التقليدية يقول البلتاجي: اعتقد أن هذا غير موجود, فالبنوك الإسلامية نشأت أساساً في السعودية قبل 30 سنة حيث تم إنشاء مجلس التنمية مختلف عن البنك التقليدي من خلال الدكتور أحمد النجار ومجموعة من العلماء.

قرب صدور هيئة التصنيف

وحول هيئة التصنيف قال إنه توجد هناك هيئة للتصنيف تابعة للمجلس العام للبنوك الإسلامية ستصدر خلال الأشهر القادمة، وهي خاصة بتصنيف المنتجات فقط وليس لها أخذ أجر على ما تقوم به لكنها تقوم بتصنيف البنوك والمنتجات بما يتوافق مع المقاصد والمآلات الشرعية في الواقع العملي.

التفاؤل بالمستقبل

وختم البلتاجي بتعقيب حول الهندسة المالية حيث قال إن المشكلة تتمثل في أن الكثير من الذين يقومون بالهندسة المالية هم أصلاً يعملون في البنوك التقليدية, لذا فهو يحاكي ما يعرف وهذه ليست مشكلته في الأساس, فالمشكلة أنه لا يوجد لديهم متخصص بهذا الأمر إلا العدد القليل, وقال "أقدم هذا الحديث إلى الموارد البشرية الذين سيخرجون دفعتهم الأولى من كلية الاقتصاد مع الباحثين في البنوك الإسلامية, وقد يظهر من يستطيع أن يوائم بين التطبيق العملي والناحية الفقهية، وقد يكون في الناحية الفقهية جيدا, لكن إذا أتينا إلى الاعتماد المستندي أو غيرها من الحاجات التي لا يحمل تصورا كاملا عنها، عندها هل يستطيع أن يطبق أو لا".

الموافقة على الهياكل

وحول الاتهام بأن الهيئات الشرعية ليس لديها الوقت لتوافق على الهياكل في كثير من الأحيان قال البلتاجي أعتقد أن هذا "خلل وليس نوعاً من المدافعة عنهم, بالعكس أيدت الهجوم عليهم, فإذا كانت الفتوى تصدر على أن الهيئة رأت ووقعت ورأت العقود ووافقت على الأنظمة, فهكذا تكون الفتوى, فالفتوى لا تقول إن الهيئة اطلعت على الهياكل ووافقت عليها وتقف, بل اطلعت الهيئة الشرعية على العقود والهياكل والتنظيمات ورأت أنها موافقة لأحكام الشريعة الإسلامية, وترى أن هذا المنتج موافق لأحكام الشريعة الإسلامية, ثم يذهبون ليوزعوا هذا الختم في كل مصرف، وأنا أتكلم عن الوضع الموجود في السعودية.

استخدام منتج التورق

وبالنسبة لأن البنوك الأوروبية استخدمت منتج التورق، قال "في الحقيقة أن التورق نشأ من هذه البلاد, وانتشر في العالم الإسلامي كانتشار النار في الهشيم, وأصبح هو الأداة الوحيدة المطبقة في المصارف الإسلامية وللأسف, سواء من أخذ الودائع أو من ناحية التمويل, وهذه مصيبة من المصائب لأن المصارف الإسلامية كانت ولفترة قريبة تأخذ الودائع بأسلوب المضاربة والآن تأخذه بأسلوب المرابحة المعكوسة.

التراجع في المصرفية

وحول تطوير لمنتجات المصرفية الإسلامية قال هناك تراجع، وأكبر دليل على التراجع مثل ما ذكرنا هو انتشار التورق بهذه الصورة وهو أكبر دليل على التراجع, فقد كانت المصرفية الإسلامية في فترة من الفترات تعقد المؤتمرات لمناقشة المرابحة مع الوعد بالشراء, ويعقدون مؤتمرات طويلة عريضة هل تجوز أو لا تجوز ويخرجون بتوصيات فيها, الآن لم تصبح مرابحة, الآن هي تورق منظم, مغلق الدائرة بحيث إن العميل لا يشتري ولا يبيع ولا يرى أي شيء, كل الذي يراه هي أموال تنزل في حسابه.

تفريط في بعض الفتاوى

وقال البلتاجي بعض الفتاوى من بعض الهيئات الشرعية فيها تفريط واضح, أذكر أنه في بنك من البنوك أعلن في جريدة أن هذا المنتج موافق عليه من الهيئة الشرعية ووضع الختم في الإعلان والهيئة الشرعية لم تره ولم تدر عنه, فقام المراقب الشرعي وأخبر الهيئة الشرعية بذلك, لكن الهيئة الشرعية لم تقم قائمتها إلا بعد إعلان المراقب الشرعي استقالته!

إقرار الهيئة الشرعية الموحدة

ووافق البلتاجي ما طرحه ناصح المرزوقي حول وجود البيئة التشريعية والقانون في البنوك المركزية فقال" أنا أوافقه في ذلك وكتبت عن هذا مقالات كثيرة"، و"أنا من الداعين للهيئة الشرعية الموحدة، لأنها ستزيل الكثير من أسباب الخلاف لأننا في بيئة تنظيمية مؤسساتية نحتاج إلى النظام. وحول الاتهام بوجود " فوضى في الفتوى" قال البلتاجي: هناك اختلاف واسع بين الحلال والحرام , فهناك من يحلل وآخر يحرم, فمن يفصل في هذه المسائل ويحقق الاستقرار والنمطية هو وجود هيئة شرعية تفصل في هذه القضايا وبالتالي يصدر عنها قرارات تعتبر رافعة للخلاف, وكما يقول العلماء إن اختيار الإمام يرفع الخلاف, خصوصاً في المسائل التي تذهب للقضاء, فأنا عندما آخذ بالإيجار المنتهي بالتمليك, وأذهب للقضاء يمكن يقول لي القاضي هذا عقد باطل, وأنا أخذته بفتوى شرعية، إذا لابد من وجود أنظمة تحميني وتحمي المؤسسة المالية.
الهيئة الشرعية للتصنيف موجودة أنشأها البنك الإسلامي والمجلس العام وبين: أعتقد أنها تحتاج إلى أن تنشيط في المجال بقوة وتؤسس لمنهج معين, أما وجودها كهيكل دون نشاط معين ومن دون ترسيخ مصداقية أمام الناس فهذه مشكلة.

المراجع الشرعي
وحول المراجعين الشرعيين قال البلتاجي: أعتقد أنه لا يمكن أن يسمى مراجعا شرعيا وهو محاسب، في اعتقادي أن المراجع الشرعي هو خريج كلية الشريعة الذي لديه فقه المعاملات وإلا لا يعتبر مراجعا شرعيا, لأن الفقه من أدق العلوم والعقود من أدقها, ويمكن أن تمر على المشائخ أو على المطبقين لكنها لا تمر على المراجع الشرعي إذا كان فقيها, أو على الأقل لديه علم شرعي ويعرف أساسيات العقود ومصطلحات الفقهاء.

الأكثر قراءة