فيصل الشريف: علمناهم الشعر سبقونا على الشاشات!

فيصل الشريف: علمناهم الشعر سبقونا على الشاشات!

فكاهيٌّ بالفطرة ولقصائده الفكاهية وتعليقاته الساخرة جماهيرية كبيرة، لكنه لا يقف عند هذا الحد، فهو في المقابل شاعرٌ مجيد لكل ما يمكن أن يكتب من شعر، دخل الصحافة من بوابة الأدب العامّي وتدرج حتى وصل لمنصب مدير تحرير مجلة "شعبية".. ألقينا بين يديه الأسئلة الأكثر جدلاً حول تجربته فأجاب بأسلوبٍ فكاهي في الكثير من الإجابات إلا أنها لم تخل أيضاً من الرؤية الأدبية والحسّ الصحافي.

شاعر وإعلامي وأعزب.. هل ثمّة كيمياء بين هذه الأقدار الثلاثة؟
هناك كيمياء وفيزياء وحرف مشترك ظاهر بين هذه الأقدار الثلاثة، ألا تلاحظ معي أن حرف العين "حاشر خشمه" في وسط كل قدر منها؟! أعتقد أني غير ملوم وأنا أعيش هذه الأقدار معاً في أن تكون "عيني زايغة"!

ما الممتع في كون المرء شاعراً ؟
هذا السؤال في غير محله إطلاقاً – طبعاً أنا أقصد شاعراً حقيقياً – بغض النظر عن شعراء أبو ريالين الذين علمناهم "الشعر"؛ سبقونا على "الشاشات"!
الشعر: سمو وفن وجمال وأشياء أخرى راقية أغلبها نسبية، الشعر يميزك عن باقي المخلوقات التي تأكل وتشرب وتنام
الشعر: "رحلة فضائية" ينتشل الشاعر فيها نفسه من "دوّامة الروتين"

كتبت الشعر صغيراً جداً.. ونشرته صغيراً.. هل ندمت على هذا التبكير ؟
أبداًَ، أنا مؤمن بقضية المراحل، بصراحة أحب أن أعيش كل مرحلة بتفاصيلها . . بأخطائها بتجاوزاتها. الشاعر المعروف فهد عافت أثنى على مرحلتي هذه وطلب مني التفكير جديّاً في مسألة إصدار ديوان حيث يرى أنه يوثّق مراحل الشاعر كما يقول إنه نفسه نادم جداً على إهماله في هذه الناحية ولا يريدني أن أقع فيما وقع فيه.

الآن.. في السنة الـ 24 من عمرك.. أين هو موقعك من خريطة أحلامك؟
الحمد لله أولاً وأخراً، أنا أعيش حياتي على الأقل من مهلي وفقاً لما نصحني به الأطباء، وعلى ذكر الأطباء أحب أن أستغل هذه الفرصة في أن أقدّم خالص شكري وتقديري إلى جرّاح القلب الدكتور هاني نجم قائد الفريق الطبي الذي قام بإجراء عملية استبدال صمامي الأورطي قبل أكثر من عامين.
أنا أسير في الطريق الصحيح حتى الآن – أو أعتقد ذلك على الأقل –، كان ثمّة صدمات وإحباطات وظروف خارجة عن الإرادة ولكني رغم كل ما حصل ما زلت أرغب في الحياة، ما زلت أرغب في إكمال دراستي في الحصول على وظيفة مرموقة, في الزواج, في الأبوة, في تحقيق جميع أحلامي وأحلام كل من يحب فيصل!

تقلدت أخيرا منصب رئيس تحرير مجلة "شعبية".. كيف كانت مهام العمل الأولى؟
كانت ممتعة جداً، زمالة أستاذ مثل هاني الظاهري "هديّة سماوية" لا تقدّر بثمن، تعلمت أبجديات الصحافة والإعلام على يديه وما زلت .. أفتخر كثيراً بكوني طالبا نجيبا في أكاديمية هاني الظاهري التي سأتخرج منها بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى.

الشاعر قَلِقٌ بطبعه.. هل أنت مطمئن للعمل الصحافي .. كوظيفة؟
الشاعر أيضاً "لا مبال" عظيم، هذه اللامبالاة تسبب قلقا كبيرا لكل من يحبني ويهتم لأمري. عموماً أنا الآن في طور إكمال دراستي الجامعية في علوم الحاسب الآلي، بمعنى أن عملي في السنوات المقبلة غالباً سيكون في مجال تقنية المعلومات لكني لا أجزم بذلك فقد تكون فرصتي في الإعلام أفضل، الصحافة والإعلام بالنسبة لي؛ إثارة ومتعة. أنا بطبيعتي أعشق الإعلام ولا أنسى أن أوضّح نقطة قد تغيب عن الكثير ألا وهي أن العمل الصحافي يختلف من مؤسسة لأخرى كما يختلف من شخص لآخر، هناك من لا يجني شيئاً وهناك من يحظى ببعض الطمأنينة وهناك من يضاهي راتبه رواتب وزراء الدولة.

هل أفقدك العمل الصحافي شيئاً من شاعريتك؟
عندما تكون خارج الساحة تكون أكثر اهتماماً بنصوصك وطريقة ظهورك لكن عندما تكون في المعمعة تختلف اهتماماتك كليّاً؛ حوارات وأخبار وترتيب مواد وتقفيلة عدد وإخراج.
طبعاً يختلف تأثير الصحافة على الشاعر من شخص لآخر، هناك من تنهيه الصحافة شعرياً، هناك من تعزز الصحافة مسألة حضوره كشاعر وهناك من يكون بين بين، بالنسبة لي أعتقد أنني أمسكت بالعصا من الوسط.

تقدمت للمشاركة في برنامج شاعر المليون في النسخة الأولى ولم تتأهل.. ما الذي حدث معك ؟
التأهل لم يكن قضيتي مع شاعر المليون، قضيتي كانت مع اللجنة، أعتقد أن اللجنة خصوصاً أنها كانت في بدايتها كانت تخشى من إدارة البرنامج الأمر الذي جعل حمد السعيد يطلب إيقاف التصوير عندما لم يستطع الأخ تركي المريخي أن يرد على ما قلته له.
كان المريخي – عفا الله عنه – يقول: "شكلك ما تعبت في القصيدة"، قلت: من متى فيه معيار بهالاسم؟ ما تعبت فيها؟ ياخي فيه واحد يكتب في خمس دقايق درة لا أنت ولا غيرك يكتب زيها وفيه واحد يجلس سنة على قصيدة ولا يطلع بشيء، فهد عافت كتب "لعب عيال" في ست دقائق وهو جالس في مكتب المجلة (وقت عمل)، جب لي واحد يكتب زي "لعب عيال" في سنة، طبعاً لم يملك المريخي وقتها خيرا من الصمت وطلب السعيد إيقاف التصوير وقال: "سمّعنا قصيدة ثانية"، وبصراحة أنا حامت كبدي من أسلوبهم وقلت: "تصبحون على خير" ومشيت.

مجلات الشعر الشعبي وملاحقه الصحافية وفضائياته ومسابقاته.. هل لها "شعبية" حقيقية تبرر كثرتها ؟
الشعر الشعبي أصبح مطلبا جماهيريا في كل قناة وفي كل إذاعة وفي كل جريدة وفي كل مجلة وفي كل مهرجان، موضة المسابقات الشعرية التي اندلعت في الفترة الأخيرة تدل على أن هناك "شعبية" و"قضايا" تتعلق بأرباح التصويت الجماهيري عبر الرسائل النصية التي يسيل لها لعاب كل صاحب قناة فضائية.

قلت عن الشعر النسائي أنه "حبة فوق وحبة تحت" هل لا يزال على "الوزنية ذاتها"؟
لا، بصراحة الحبة الفوقانية تترنح من فترة، بعد رحيل عابرة سبيل التي كانت شاعرة حقيقية فعلاً وفي ظل غياب الشاعرة غيوض التي ارتقت بالنص الشعبي النسائي إلى آفاق إبداعية لا تضاهى.
النصوص النسائية تكتب بأسلوب رجالي ندركه جميعاً، لا أعتقد أن هناك ثمة اسم يعوّل عليه في الفترة الحالية باستثناء هتون الشريف التي أراهن على شاعريتها بغض النظر عن اشتراكنا في هذا الاسم العظيم أقول: هتون شاعرة حقيقية نادرة.

أيضاً قلت ذات مرة إنك لا تكتب الغزل بقدر ما تكتب القصائد "الوجدانية".. ما الفرق؟ .. وهل ما زلت على القناعة ذاتها؟
"عينها عين حر وعنقها عنق ريم" هذا الشطر غزلي جداً بينما "جرحتني جرحين في وقت واحد" لا أستسيغ إطلاق صفة الغزل على هذا الشطر، أعتقد أنني وضّحت الفرق بالمثالين السابقين وأقول إنني ما زلت على القناعة ذاتها, وأعتقد أنك والكثير من القراء الآن تشاطرونني هذه القناعة.

أنت واحد من الشعراء الموجودين بكثرة في مواقع الشعر على الإنترنت.. هذا الوجود اليومي ألا يصيبك بالملل؟
هذا الكلام قبل أكثر من ستة أشهر أما الآن فلا أجد وقتاً للمنتديات، بصراحة أصابني ملل منقطع النظير يصل لمرحلة "القرف"، كل ما يطرح مكرر، كل ما يحدث مجاملة، كل ما يستجد قديم.

مشاريع الشعراء عادة " ديوان مقروء" و "ديوان مسموع" و "موقع شخصي على الإنترنت" .. ما الذي أنجزته من هذه المشاريع ؟
قد أنجزها جميعاً بحلول 2010، لدي الآن مسودة ديوان شعر شعبي يشمل كل قصائدي وأبياتي تقريباً، بالنسبة للمسموع أنتظر عرضا مغريا للشروع في عملية انتقاء القصائد والتسجيل، أما الموقع الشخصي أعتقد أنه سيكون المرحلة الأخيرة بعد الديوانين المقروء والمسموع.

يعرف الشاعر فيصل الشريف بأنه "صاحب نكتة" إن كان في الحديث العادي أم في الشعر.. من خلال تجربتك.. هل يجذب الشعر الساخر جمهوراً من خارج الدائرة الشعبية ؟
يسعدني هذا الأمر كثيراً، طبعاً أنت تقصد التلاعب بالمفردات وما يسمى بالذكاء اللغوي أثناء الحديث العادي وفي الشعر أيضاً، الشعر الساخر صعب جداً يشبه إلى حد كبير اللعب بالنار، سأتحدث عن تجربة "على محامل أخرى" بصراحة فوجئت بتواصل أشخاص هم أبعد ما يكونون عن الشعر الشعبي ويمثلون نخب ثقافية وعلمية لكنهم وجدوا متعة فيما كنت أقدمه من خلال تلك الزاوية، ربما أن كبسلة واختزال قضايا عديدة وتقديمها في قالب شعري بسيط لا يتجاوز الأبيات الثلاثة كان له دور كبير في فتح شهيتهم للمتابعة.

هل من "لذعات ساخرة" جديدة ؟
طبعاً، على قولة المثل: "بيت الذيب ما يخلا من العظام"، أهدي قراء بالمحكي ثلاثة مقاطع ساخرة ولا أنسى أن أشكر الشاعرين والإعلاميين حيدر الجنيد وياسر الكنعان اللذين دعما فكرة زاوية "على محامل أخرى" التي بدأت في "بالمحكي" وحرصوا عليها حتى أصبحت بصمة لها طابع خاص في مسيرتي الشعرية.

(1)
حبيبي أفرح لين سجّل دخوله
لو ما لي من هرجه يا كود الحكاكة
يا زين هاياته ويا زين لوله
ويا ما أكثر بربه ويا قل باكه

(2)
هذا الزمن:
زمن غبن!
لا صرت ما تآكل ربا؛
تآكل تبن!

(3)
الله وأكبر ما على الله كايد
هذا أنت طالع سوبر ستار يا الشين
أول تروّش لو بصابون تايد
والحين صرت تعرف عودان الأذنين

الأكثر قراءة