الحسابات البنكية للسعوديات تستغل في عمليات مشبوهة.. والمرأة في غفلة!

كشفت ندوة نظمتها "الاقتصادية" عن تزايد استخدام الحسابات المصرفية للسعوديات من قِبل أبناء وإخوة وأزواج وغيرهم في عمليات نصب واحتيال وتمرير أموال غير نظيفة، وهو ما يضع المرأة صاحبة الحساب تحت طائلة المسؤولية، بينما هي في الغالب تجهل ما يترتب على استخدام حسابها الشخصي من قِبل الآخرين. ودعت المشاركات في الندوة إلى ضرورة الإسراع في إلزام جميع المواطنات باستخراج بطاقة الأحوال للحد من الوكالات وتلاعب المعرفين، إضافة إلى أهمية وجود تكامل بين المحاكم والقضاء ومؤسسة النقد لحماية الحقوق المالية للمرأة.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

قبل ثلاث سنوات كانت نسبة تحكم الرجال من أبناء وإخوة وأزواج وغيرهم في أرصدة الحسابات البنكية لقريباتهم مرتفعة جدا، فهناك من قدرها في حينه بأن نحو 70 في المائة من الحسابات المصرفية للنساء في البنوك المحلية مستغلة بشكل أو بآخر، لكن إصدار بطاقات الأحوال النسائية تراجع بهذه النسبة بشكل لافت، إلا أن هذا الاستغلال بأوجهه المتعددة لا يزال موجودا ومنتشرا، وهو ما تؤكده مصرفيات ومتخصصات اقتصاديات، وهو في بعض الحالات يتم لأغراض غير شرعية مثل غسل الأموال وتمرير أموال غير نظيفة أو تمويل عمليات مشبوهة، الأمر الذي يضع المرأة صاحبة الحساب تحت طائلة المسؤولية القانونية، بينما هي في الغالب تجهل ما يترتب على استخدام حسابها الشخصي من قبل الآخرين.
خلال ندوة "استغلال حسابات السيدات البنكية" التي نظمها القسم النسائي في جريدة "الاقتصادية"، تناولت المشاركات في الندوة حالات لسيدات تم استغلالهن من مقربين يضمهم مكان واحد ويؤويهم مسكن واحد!!
ضيفات الندوة اتفقن على ضرورة الإسراع بإلزام جميع السعوديات باستخراج بطاقة الأحوال للحد من تحكم الرجال في الحسابات النسائية وما يحيط به من شبهات قد تجعل المرأة محل اتهام بمخالفات وتجاوزات لا علاقة لها بها.

"الاقتصادية": هل هناك استغلال لحسابات السيدات البنكية وما أوجه الاستغلال؟
عبير العفالق: بحكم أنني أعمل في مجال المصرفية منذ يزيد على 11 عاما, تنقلت فيها بين أكثر من بنك, فإن ما نراه كمصرفيات من بعض حالات استغلال حسابات السيدات وإقحام المرأة في قضايا مشبوهة دون علمها أو بسبب جهلها أو عدم إلمامها بمدى المسؤولية التي تقع على عاتقها يعد من الأمور المؤسفة جدا, ودورنا كمصرفيات ليس استقطاب الودائع البنكية وزيادة عملاء البنك وربحيته فقط ولكن توعية هذه السيدة بالمخاطر التي تترتب على أي إجراء تقوم به كفتح حساب أو إيداع مبالغ لا يعرف مصدرها في حسابها أو تحويل مبالغ من وإلى حسابها أو عمل وكالة بنكية لشخص تفوضه للقيام بعملياتها البنكية نيابة عنها.
أما أوجه وأشكال استغلال حسابات السيدات فهي كثيرة ولكن من المشكلات الأكثر شيوعاً محاولات استغلال حساب السيدات في غسل الأموال والوكالات البنكية, وهنا أحب أن أوضح التعريف العلمي لعملية غسل الأموال الذي هو عملية يستخدمها المجرمون لإخفاء المنشأ غير المشروع للأموال الناتجة عن نشاطات إجرامية مثل المخدرات, الغش, والتزوير مبيعات الأسلحة غير المشروعة السرقة والسطو والتعذيب والكسب غير المشروع بمختلف أشكاله, وغسل الأموال يتضمن الحصول على أموال غير مشروعة وتوظيفها من خلال سلسلة من العمليات لتصبح في النهاية أموالا مشروعة ونظيفة عن طريق التحويل والتعاملات المالية. فغاسل الأموال يسعى إلى إضفاء الشرعية على أمواله وإخفاء مصدرها واستخدامها بحرية. وهي قضية عالمية, ولكن, ولله الحمد, نحن في المملكة لا نزال أقل من المجتمعات الأخرى لكن هي مشكلة موجودة ويجب تثقيف السيدات بالأخطار وأهداف غسل الأموال, وهذه الجريمة أصبحت نشاطا تجاريا على مستوى العالم يصل حجمه إلى المليارات. أما العقوبة التي تترتب على قضايا غسل الأموال, فهي السجن لمدد تصل إلى عشر سنوات ومصادرة جميع الأموال والمتحصلات ويغرم الشخص ما يصل إلى خمسة ملايين ريال, فالجريمة ليست بسيطة.
كذلك التوكيل البنكي وما يترتب عليه من إعطاء الصلاحيات بالتصرف في حساباتها, الذي هو عبارة عن تفويض للقيام بعملياتها البنكية نيابة عنها, وهذا الإجراء يعرضها لخطر كبير.

الحوالات والإيداعات
منال المزيني: بداية أرغب في تأكيد ضرورة أن يكون هناك وعي عند المرأة السعودية ويجب عليها عدم تمكين أي شخص من استخدام حسابها البنكي بغض النظر عن صلة القرابة، وإن اضطرت يجب أن تتأكد بشكل دوري فيما تستخدم هذه الحسابات, خاصة الحوالات الخارجية والإيداعات. وبحكم تخصصي أرى أن الأوجه التي يمكن أن تستغل فيها حسابات السيدات, هي:
أولا: قبول حوالات أو إيداعات لمصلحة شخص غير معروف بحجة ظروف طارئة, ومن الحالات التي أعرفها سيدة قالت لإحدى العميلات إن بطاقتها معطلة وإنها في حاجة إلى أن تودع مبلغا في حساب العميلة لأنها محتاجة إلى المبلغ, واتضح فيما بعد أن المبلغ كان مسروقا.
ثانياً: فتح حسابات بنكية وتسليمها لأشخاص آخرين ممن لا يسمح لهم بفتح حسابات من باب الثقة أو المعرفة, ولأن المرأة دائما تقدم حسن النية وتثق بدرجة كبيرة فقد تنجرف بتقديم خدمات من باب المعرفة أو المساعدة مثل فتح حساب لسيدات ليست لديهن هويات, يتبرع بعض السيدات بفتح حساب لسيدة أخرى وتسليمها الأرقام السرية للحساب أو للسيدات هوياتهن أو حساباتهن منتهية أو سيدات غير سعوديات غادرن المملكة نهائياً يستخدم حساباتهن أشخاص آخرون.
تحويل لحساب شخص غير معروف بناء على طلب أحد الأصدقاء أو الأقارب بحجة أن ذلك لقريب رصيده لا يكفي, مثال ذلك: تأتي إحدى السيدات لإحدى العميلات وتقول لها رصيدي لا يكفي سأعطيك مبلغا نقداً وأرجو تحويله إلى رصيد زوجي واتضح أن زوجها من المطلوبين أمنياً وخارج المملكة وارتبط حسابها بعمليات إرهابية.
قبول جمع التبرعات على الحساب الشخصي للعمل الخيري والاجتماعي, وهذا من الأشياء المنتشرة لدينا في المملكة, هناك كثير من السيدات معروفة اجتماعياً بعمل الخير فتستخدم حسابها الشخصي للتبرعات عن حسن نية لكن قد يؤدي ذلك لدخولها في مشكلات, ومن وجهة نظري فإن أسباب استغلال الحسابات النسائية يعود إلى الرقابة الشديدة على العنصر الرجالي لذا يلجأون لاستخدام الحسابات النسائية كونها تخضع لرقابة أقل, مع العلم أن الرقابة أصبحت متساوية بين الحسابات الرجالية والنسائية خاصة خلال السنوات الثلاث الماضية وأصبحت تطبق قوانين كانت تطبق على الحسابات الرجالية وأصبح في الوقت ذاته هناك سهولة للمصرفيات والموظفات أن تتحقق وتسأل أي عميلة عن مصدر هذه الأموال في ضوء تهيئة إجراءات سهلة للتعرف على مصدر المال والإدارات البنكية التي أصبحت متعاونة كذلك ولها دور كبير للحد من استغلال الحسابات.

علاقة مباشرة للوكالات
سحر المرزوقي: هناك أوجه للاستغلال وسلب حقوق المرأة المادية من قبل الرجل, سواء في التقاعد أو الإرث حيث لاحظت كثيرا من الرجال يأخذون وكالات من أقاربهن النساء ويرغمونهن على التوكيل على حساباتهن, ومن الأمثلة الأخرى تدخل الأزواج في حسابات زوجاتهم حيث نواجه اتصالات من رجال يستفسرون عن أرصدة زوجاتهم أو رواتبهن, وهناك من يجبر زوجته على الحصول على قرض أو تمويل شخصي, وكثير من حالات الطلاق والمشكلات الأسرية ناتجة من محاولة سلب الرجل لمدخرات زوجته, ومن المؤسف جدا أن هناك سيدات يحضرن بحالة نفسية سيئة وبكاء شديد بسبب تسلط الرجل على مدخراتها.
ومن الحالات التي أعرفها فقد حضرت سيدة ومعها معرفين ترغب في سحب رصيدها بالكامل ولاحظت الفارق العمري ما بين تاريخ الميلاد الموثق في دفتر العائلة وشكلها وعرفت أنها ليست صاحبة الحساب وقمت بالاتصال على السيدة صاحبة الحساب, التي أكدت أنها في البيت وطلقت من زوجها قريباً ولا ترغب في سحب الحساب, واتضح أن الرجل أرسل أخته من خلال دفتر العائلة لسحب حساب زوجته بعدما طلقها.

المجال الخيري
منال المزيني: تستغل حسابات المرأة العاملة من خلال عدة طرق أولها استغلال حسابات العاملات في المجال الخيري ويتم ذلك من خلال تمرير عمليات على حسابها بحجة سهولة الإجراءات, كما أن هناك استغلالا لحسابات العاملات في المحاسبة والإدارة المالية ومندوبات المبيعات بحيث يطلب الأشخاص المستغلون للأموال من هؤلاء العاملات أن يضعوا في حساباتهن فترة معينة من الوقت وتكون أغلب تلك الأموال غير نظامية, وقد يكون الاستغلال عن طريق العملاء الذين لديهم أرصدة بنكية عالية بحيث يطلب هؤلاء الأشخاص من موظفي البنوك عمل بعض الخدمات بحجة أنهم رجال أعمال, وفي حال رفض الموظف ذلك يبدأ العميل في استخدام أساليب أخرى كأن يهدد بسحب رصيده إذا لم تتم الاستجابة لطلبه, مع العلم أن هذا الأمر غير نظامي ولكن الموظف يضطر إلى تلبية طلب العميل خوفا من خسرانه.
أما عن العقوبة التي تنص على مستغلي الحسابات البنكية واستخدامها في غسل الأموال فإن المنصوص عليه في نظام
مكافحة غسل الأموال ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 167 بتاريخ 20/6/1424هـ تعد من أخطر الجرائم المالية المؤثرة في اقتصادات الدول والتي يستخدم استغلال الأجهزة المصرفية لتنفيذها, فقد أجمعت كل الدول على اعتبار غسل الأموال جريمة يعاقب عليها القانون ونص النظام السعودي على اعتبار أقصى عقوبة تفرض على كل من يرتكب أو يساعد في ارتكاب جريمة غسل الأموال أو يخفي معلومات عن ذلك بعقوبة السجن التي تصل إلى 15 عاما وغرامة مالية سبعة ملايين ريال, لذا فإنه يتعين على الجميع عدم تمكين أي شخص من استخدام حساباته الشخصية أو السماح لأي شخص بتمرير عمليات على حسابه دون معرفة والتأكد من المصادر والغرض منها.

عبير العفالق: كما ذكرت سابقا فإن دورنا كمصرفيات ليست زيادة الودائع وبيع المنتجات البنكية فقط بل توعية عميلاتنا بحجم المسؤولية الذي يتحملنه عند فتح حساب أو إجراء أي عملية بنكية. نحن نلاحظ أن السيدة تتعرض لهذه المشكلات بجهل منها, فالسيدة لها ذمة مالية مستقلة تجعلها مسؤولة عن أي إجراء تتخذه, ولا بد أن نشرح ونوضح للعميلة مخاطر عملية تقوم بها, فعلى سبيل المثال, عند فتح حساب لا بد أن تتعرف الموظفة على العميلة حيث تسألها أسئلة مفتوحة تفهم من خلالها وضع السيدة الاجتماعي والمالي والنفسي, ومن الإجراءات التي تلزم مؤسسة النقد البنوك السعودية بتطبيقه اعرف عميلك .Know your client (KYC)
عند قيامها بعمل وكالة بنكية لا بد أن نشرح لها ماذا يترتب على هذه الوكالة ويجب أن نلزمها بالاطلاع والتأكد من أنها قرأت أي ورقة قبل التوقيع عليها.

ذمة مالية مستقلة
"الاقتصادية": كيف تتعاملون عند الإحساس باستغلال الحساب أو وجود أموال مشبوهة في حساب السيدات, وهل تحاسب المرأة حتى لو كانت مستغلة من قبل الغير؟

منال المزيني: في السعودية المرأة لها ذمة مالية مستقلة, وهذا يؤكد دور العاملات والمصرفيات لحماية السيدة من الاستغلال وتوعيتها بالمخاطر لأنها ممكن أن تستغل من الزوج, الابن, والأخ, وهذه المشكلات في الغالب لجهلها بالخطر الذي يمكن أن تتعرض له.
وأركز على أهمية دور الموظفات اللاتي يتولين فتح الحسابات في البنوك لأن مؤسسة النقد وجهتنا بمبدأ (اعرف عميلك) معرفة كل ما يتعلق بالعميل وضعه المالي, مدى وعيه بالأنظمة والقوانين المصرفية وعلينا في البنك دور في توعيتها. وفيما يتعلق بالوكالة يجب على المرأة أن تكون على دراية ببنود الوكالة وما يترتب عليها وتعريفها بالصلاحيات المطلقة التي قد تعطيها للشخص الذي سينوب عنك أمام البنك، ونفضل أخذ الإجراءات القانونية لأن المرأة تتحمل مسؤولية حسابها وغالباً عندنا الشروط معروفة ومكتوبة, ففي نموذج فتح الحساب وحتى لو كانت العميلة أمية ولا تعرف الإجراءات، فإن الموظفة تشرح للعميلة وتوقع على نماذج البنك بأنها فهمت الشروط فيخلي البنك مسؤوليته حيال ذلك.

المرأة مسؤولة
عبير العفالق: المرأة في مجتمعنا مسؤولة ومحاسبة وتتحمل مسؤولية أي إجراء تقوم به. لأن لها ذمة مالية مستقلة, أما الإجراء الذي اتخذه عند إحساسي بوجود أي محاولة للتلاعب هو تحويل الموضوع للجهة المختصة داخل البنك لمراقبة الحساب والتأكد من إن كان هناك أي محاولات غير قانونية واتخاذ الإجراء اللازم.
ومن خلال خبرتي في هذا المجال فإن السيدات اللاتي يقعن في مثل هذه المخالفات يكون هناك رجل يوجهها ويشرح لها المميزات والأرباح ولكنه يغفل المخاطر والعقوبات.
سحر المرزوقي: أنا ضد التعريف من قبل الرجال وقد تركت عملي المصرفي بسبب التعريف لأني كثيراً ما اكتشف عمليات نصب واحتيال بحجة التعريف أو دفتر العائلة ويجب أن يكون هناك صورة تعرف على السيدة فقط حتى لا نترك مجالا للمعرفين.
منال المزيني: لا بد أن تصدر الجهات المعنية قرارا يلزم جميع السعوديات باستخراج بطاقة الأحوال, خاصة أن تلك الجهات منحت السيدات مرحلة اختيارية استمرت على مدى ثلاث سنوات تقريبا, حيث إن 95 في المائة من المشكلات المصرفية التي تواجه السيدات بسبب عدم وجود بطاقة الأحوال الشخصية. ومن الأسباب المؤدية إلى استغلال أولياء الأمور لرصيد السيدات هو أن بعض السيدات نشأن في بيئة معينة تعودت من خلالها المرأة أن الزوج هو المتحكم في الأمور المالية للمنزل ولقناعتها بأنه هو الأقدر منها على ذلك".
سحر المرزوقي: هناك ثلاثة أساليب يستطيع الزوج من خلالها أن يتحكم في رصيد المرأة, فإما أن يكون ذلك بأسلوب التهديد أو عن طريق استدرار العاطفة باعتبار المرأة حنونة مهما كان المنصب الوظيفي للمرأة, كما أن هناك أسلوبا ثالثا وهو الثقة.
منال المزيني: هناك جانب مهم يقع على عواتق مديرات الفروع البنكية كذلك, فعند التشكيك في حساب أي سيدة تلزم المديرة المصرفية في هذه الحالة بالقيام بزيارة إلى تلك العميلة في مقر عملها والهدف من تلك الزيارة هو تقييم مدى تناسب الإيداعات البنكية مع حجم المشروع ويتم ذلك بناء على خبرة مديرة الفرع الطويلة في العمل المصرفي.
عبير الشعيبي: يجب أن يكون هناك تكامل بين الجهات الخاصة بإصدار التشريعات كالقضاء ومؤسسة النقد لحماية الحقوق المالية للمرأة السعودية نظرا لأنها تجهل التشريعات التي تؤدي إلى نتائج سلبية قد تعرضها للخطر.

منال المزيني: هناك دور توعوي كبير كذلك يقع على عواتق موظفات البنوك والمصرفيات بشكل عام خاصة تجاه السيدات اللاتي يجهلن حقوقهن في إدارة حساباتهن وحسابات أبنائهن، مفسرة ذلك بقولها:" لا بد أن تحرص موظفة البنك على تقديم النصح والإرشاد إلى بعض السيدات اللاتي يتقدمن للبنوك ويعملن صك ولاية لشخص آخر بهدف إدارة أموالها وأموال أبنائها, حيث إن فئة كبيرة من هؤلاء النسوة يجهلن أن بإمكانهن الاستغناء عن هذا الشخص بحيث تقوم هي بذاتها بهذا الدور دون الحاجة, حيث إنها لا تحتاج إلا لاستخراج بعض الأوراق الثبوتية من المحكمة حتى تتمكن من إدارة الحسابات البنكية الخاصة بها وبأبنائها وتستطيع في الوقت ذاته أن تجنب رصيدها النتائج السلبية التي قد تقع فيها جراء الاستغلال غير الشرعي دون علمها, ومع الأسف أن بعض النساء يجهلن تلك الأفكار وقد يكون ذلك الجهل ناتجا من البيئة التي تعيش فيها المرأة والتي ترى من خلالها أن الرجل فقط هو من يستطيع أن يدير الحسابات رغم أن قدرتها على إدارة أموالها وأموال ذويها تجنبها كثيرا من المشكلات.

بطاقة الأحوال أولا
عبير العفالق: كل المشكلات التي تتعلق بالتلاعب بالحسابات ومشكلات الإرث كلها إلى مشكلة استخدام دفتر العائلة والمعرف وأنه لا بد من استخراج بطاقة الأحوال الشخصية وجعلها إلزامية لا تستطيع أي سيدة القيام بأي إجراء بنكي من دونها, وذلك لكي تتجنب المرأة كل المشكلات وقالت: وجود هوية واضحة للمرأة هي الخطوة الأولى والمهمة لنتجنب استغلال حسابات السيدات البنكية, إضافة إلى الدور الكبير الذي يقع على المصرفيات, والذي يشتمل على التوعية بالمخاطر وليس تحقيق الأرباح فقط.
سحر المرزوقي: لا بد أن تكون جهود البنوك ومؤسسة النقد والقطاعات الإعلامية متكاملة في سبيل توعية المرأة السعودية.
منال المزيني: عملية الاكتتاب تعد من الأسباب التي دفعت المرأة السعودية إلى معرفة حقوقها, فالفائدة التي جنتها من هذا الجانب جعلتها امرأة واعية.

دفتر العائلة لا يكفي
"الاقتصادية": ما المشكلات المترتبة على منح المرأة الوكالات البنكية؟ ومتى يجب أن تمنح المرأة أو تمتنع عن التوكيل؟
عبير العفالق: الهدف الرئيس من الوكالة هو تسهيل الإجراءات والعمليات البنكية لكن الوكالة في الوقت ذاته تعد أمرا خطيرا, خاصة أن بعض السيدات لا يقرأن الوكالة, وبالتالي لا يعرفن مدى خطورتها.
المشهد المتكرر مع الأسف والذي نراه بشكل يومي سيدة تأتي للفرع النسائي وتطلب عمل توكيل لزوجها أو أبيها (أو أي رجل آخر) من دون أن تسأل عماذا يترتب على هذه الوكالة أو الصلاحيات التي تمنحها للشخص الموكل.
فنرى حالات كثيرة تستغل حسابات سيدات لتحويلات مشبوهة أو محاولات غسل أموال من قبل الوكيل ورأينا قضايا كثيرة استولى الوكيل عل كل ما تملكه موكلته من دون علمها.
منال المزيني: لا بد أن تحمي السيدة نفسها وأموالها من الضياع, فمن خلال الوكالة تستطيع السيدة أن تحدد مدى الصلاحيات التي ترغب في منحها للوكيل, لذلك لا بد من قراءة بنودها بتمعن وكثير من موظفات البنوك يقمن بقراءة الوكالة للعميلة حتى تجنبها من المخاطر التي قد تقع فيها العميلة إذا جاءت ومعها دفتر عائلة لا يكفي فلا بد أن تأتي ومعها شخصان من معارفها, وهذه الخطوة يقوم الموظف باللجوء إليها لحماية نفسه, وبالتالي حماية الفرع, وفي حال حدوث تزوير حتى بعد هذه الخطوة يتحمل المعرف كامل المسؤولية.
سحر المرزوقي: في السابق كان من ضمن الوسائل التي تتعرف من خلالها موظفة البنك على السيدة الحاملة لبطاقة الأحوال هي مقارنة تاريخ الميلاد بشكل المرأة لكن الآن أصبح من الصعب ذلك بسبب عمليات التجميل.
عبير العفالق: من القضايا التي واجهتها كذلك في موضوع تزوير الوكالات على سبيل المثال سيدة كانت خارج البلاد وفوجئت بوصول وكالة منها لزوجها ومن منطلق ثقتي بأنها غير موجودة راجعت تاريخ الوكالة ووجدتها أنها اتخذت في وقت غياب هذه السيدة واكتشفنا من خلال ذلك عملية التزوير, ويعود التزوير إلى دفتر العائلة, حيث إن زوج هذه السيدة ذهب إلى المحكمة ومعه شاهدين وامرأة يدعي أنها زوجته وتريد أن تعمل له وكالة وبالفعل تم إصدار الوكالة. لذلك نؤكد على ضرورة وجود بطاقة الأحوال لتثبت هوية السيدة أمام المحكمة, والوضع الذي يحدث الآن في محاكمنا من وجهت نظري يزيد ويسهل التلاعب في حسابات السيدات.
منال المزيني: البنوك لا تقبل الولاية والوصاية على شخص آخر مهما كانت قرابته للعميلة إلا بموجب صك ولاية صادر من محكمة شرعية داخل المملكة, وبالنسبة إلى الوكالات فيجوز للمرأة توكيل أي شخص على حسابها الخاص بموجب وكالة شرعية أو نموذج توكيل داخلي وبشرط أن يكون الوكيل سعوديا, أما إذا كان الوكيل غير سعودي فيجب أن يكون من أقارب الدرجة الأولى (الأب, الأم, الأخ, والأبناء)، وبالنسبة للمؤسسة المملوكة للمرأة فإنه يجوز لها توكيل السعودي على حساباتها, أما غير سعودي فلا يمكن توكيله مهما كانت درجة قرابته.

"الاقتصادية": ما دور مركز التدريب النسائي في المعهد المصرفي في تطوير قدرات المصرفيات للحد من هذه الإشكاليات الخطيرة؟
عبير الشعيبي: المعهد المصرفي يقدم الدورات المصرفية الموجهة للقطاع المالي والبنكي بحيث تسير وفقا للتشريعات البنكية التي تقرها مؤسسة النقد، والدورات التي يقدمها مركز التدريب النسائي دورة بعنوان "مكافحة غسل الأموال" التي تهدف إلى الاطلاع على مفاهيم وعناصر عمليات غسل الأموال والأساليب والأنماط المستخدمة فيها والجهود المحلية والدولية لمكافحتها, وتقدم هذه الدورة بهدف الإلمام بكيفية التعامل مع العمليات المصرفية المشتبه فيها على أنها عمليات غسل الأموال, وكذلك تتيح هذه الدورة للعاملات في البنوك معرفة متطلبات التبليغ وحدود المسؤولية على البنوك المحلية وموظفيهم وكيفية التعامل مع قضايا غسل الأموال والإلمام بالمتطلبات والتوجيهات الدولية لمكافحة غسل الأموال, إضافة إلى التعريف بجهود المملكة ومؤسسة النقد العربي السعودي في مجال مكافحة غسل الأموال.