حمد الضوي: نحن شعوب موضة وصرعات حتى في موروثنا!

حمد الضوي: نحن شعوب موضة وصرعات حتى في موروثنا!

مثقف وواعٍ بدرجة كبيرة، وقارئ نهم، وهذا ما ينقص ساحة الشعر المحكي، لا يكتفي بكتابة الشعر المحكي بل يدوّن آراءه من خلال جمل قصيرة مكثّفة تقترب في شكلها ومضمونها من الحِكَم التي يأنس بها الإنسان في حياته ويستقوي بها على حيرته، حمد الضوي أكثر من أن يصنف على أنه شاعر محكي.

لنبدأ من إنجازك "العلمي" الأخير.. أولاً نبارك لك وللوطن هذا الإنجاز.. حدثنا عنه يا حمد؟
الله يبارك فيك, والحمد لله, الذي وفقني وما كنت لأحصل على شيء لولا فضل الله سبحانه ثم دعاء الوالدين والقلوب المحبة، لك أن تتخيل يا صديقي أن تكون في مكان لا يوجد فيه مسلم ولا عربي ولا سعودي غيرك أنت!
هل تتخيل معي العبء الذي تحمله على كاهلك؟
كنت في مكان كل من فيه يحملون الجنسية الأمريكية, وعلمت بذلك منذ أول يوم, وحينها قررت ودعوت الله أن أكون خير ممثل للعرب والمسلمين والسعوديين في كل حركاتي وسكناتي../..سعيت جاهدا, ولله الحمد والمنّة تفوقت عليهم جميعا لأني حملت رسالة استشعرت مسؤوليتها منذ خطواتي الأولى في أمريكا، اللهم ربي لك الحمد والمنّة. 

ما فعلت الغربة بحمد .. على المستوى الإنساني بوجهٍ عام وعلى المستوى الأدبي بوجهٍ خاص؟
على المستوى الإنساني كانت من أجمل التجارب الحياتية على الإطلاق..الانخراط في بلد يحمل ثقافة مغايرة ولغة مغايرة تماما أمر ليس بالسهل وانعكاساته خطيرة, ولكن الحمد لله, من كسب الله فماذا أضاع؟ وكانت هذه هي وصية والدي بين ناظري في كل زاوية من زوايا أمريكا (احفظ الله يحفظك يا ولدي) أما الصعيد الأدبي فهو تجربة جافة نوعا ما لانشغالي تماما بالدراسة انصرفت عن الشعر إلا كما قليلا من القصائد والأبيات التي أخفف بها عن قلب غربتي.

هذا الزحام العملي والعلمي الذي تعيشه ألا يقلقك على مستقبل الشاعر في داخلك؟
أقلقني وانتهى، ورب محمد يا صديقي أني منذ فترة ليست بالقريبة وأنا أشك أني سبق أن كتبت بيتا واحدا في حياتي، ولكني أطمئن نفسي بأن الركود حالة صحية لأي شاعر، وأتمنى ألاّ تطول ـ إن شاء الله.

شاركت في أمسيات الشرقية العام الماضي.. وموفنبيك بريدة بمناسبة العيد الوطني هذا العام.. أيهما الأقرب إلى روحك؟ .. وهل وجدت في الأمسيات شيئاً لم تجده في النشر؟
أمسية الشرقية أقرب لأن الحضور فيها كان جبارا ولكني لست راضيا عنها تمام الرضا لأني لم أكن جاهزا فقد تم إخباري قبل الأمسية بليلة فقط ولكن فرصة لمشاركة سالم جخير وعقاب الربع وفي ختام أمسيات الشرقية ودعوة من شخص غال كالأستاذ حسين العبد الوهاب لا يمكن التفريط فيها بتاتا، ولكن, الحمد لله, كان المظهر مشرفا إلى حد كبير وتم الوصول إلى شريحة كبيرة من المتلقين, كما أن جو الأمسيات جو نشوة للشاعر بالتماس ردود الفعل مباشرة وهذا ما لا تجده في النشر، ولكن النشر أيضا له قراؤه وقد يقرأك من لا يبحث عن الشعر ويعجب بطرحك بخلاف الأمسيات التي يحضرها فقط من يريد الشعر.
 
أعطاك الله بجانب الشعر القبول الذي يتمناه كثير من موهوبي الدنيا.. لكنك تعمل بهدوء شديد وبعيداً عن الضوء.. لماذا؟
لأن الضوء يا صديقي يحتاج إلى بعض التنازلات التي لا أستطيع أن أقدمها، أبسطها أن الضوء يجعلك تحرص على التواصل مع فئات معينة من البشر لسبب الظهور وهذا ما لا أطيقه ولا أريده لي، أنا علاقاتي مع وسط الإعلام والصحافة رائعة بعيدا عن الإعلام! لذا أنا مع العلاقات البعيدة عن مصالح الدنيا، أنا أهوى أن أرى مكاني بين القلوب أكثر مما أهواه بين السطور والصحف.
 
يأوي إليك كثير من أفئدة الشعراء الشباب.. هل ستصبح يوماً ما "عارف سرور"؟
عارف..فضحت بنطقها.. كذبة الليل
والغيم يمّمّ من بياضه يدينه
عارف ويصدح من وقاره..تراتيل
عارف..وتشمس من وجوده سكينه
والصبح ..ما يحتاج له أي تأويل
عارف..وتشرق في ظلوعك مدينه
عارف سرور يا محمد..من الأشياء التي لن تتكرر، عارف البياض في زمن أسود، عارف إنسانيه متجردة من أي شيء غير الإنسانية، أما أن أكون عارف سرور في يوم من الأيام فأنا أقول إن بلغت نصف ما بلغه عارف من حب  فسأكون حينها متصالحا جدا مع ما أملك من بياض نوايا وحب.
بالمناسبة آخر ما كتبت كانت رسالة لعارف الذي يوجد خارج المملكة في مهمة..أرسل لي أنه افتقدنا وأرسلت له:
 

وحناّ عقب هذا البطا فاقدينك
طالع هنا.. وهناك..وهناك..وهناك
نرفع نظرنا للسما / راحتينك
شفت العطا فينا..طلع كف يمناك
نقرى شتات أيامنا في سنينك
نكتب..ونشطب..نرجع نروح نقراك
نزرع بنا حنّا..ويطلع حنينك
نحصد بعضنا حب ونقوم نلقاك
نرقى سلالم من طهر..ما ندينك
قمنا نرتب غيمنا..ما وصلناك
وان كان تبغى الصدق ..مو فاقدينك
حنا فقدنا نفسنا من فقدناك
 
ضاع كثير من "مسجاتك" بين الهواتف ولم يدوّن اسمك عليها.. هل أنت فرح لأنها طافت الدنيا وقلوب العشّاق.. أم حزينٌ لأن كثيرا ممن أرسلها واستقبلها لا يعلم أنها لحمد الضوّي؟

والله إني أفرح لإعجاب أي بشر بأبياتي وأفرح أن تنتشر أبياتي بغض النظر عن اسمي فلا بد يوما ً أن يعرف من قائل هذا البيت وحتى إن لم يعلموا أنها لحمد هذا الأمر لا يعنيني كثيرا ً .
ما يعنيني بحق هو إحساس غيرك وحبهم لما تكتب, هذا هو ما يعنيني كشاعر.
  
تقول " لتكتب قصيدة واعية ما عليك سوى أن تعشق أنثى واعية" هل تنطبق هذه الحكمة على كل أغراض الشعر؟
ارتباط الأنثى بأدبنا ارتباط فيه من المتناقضات ما الله به عليم.
ومن وجهة نظري- إجابة ً عن سؤالك- نعم إلى حد كبير..فالفكرة أنثى والأفكار فيها ما هو واع وفيها ما هو رجعي، والأنثى محرّض كبير للشعر والفكر بتعدد صور هذه الأنثى وأسمى ما أراها بصورة الأنثى الواعية.
 
 
كثيراً يا حمد ما تعمد إلى تدوين اللحظة الشعورية كما هي دون "رتوش" لفظية.. كقصيدة "ديمومة" و"موبايلي" التي ذكرت فيها كثير من ماركات الهواتف .. ما الحكمة ؟

هي ببساطة يا صديقي وتحديدا ً هذان النصان مزحة شعرية على هيئة رسالة جوال أو ما شابه وطرحتها كقصائد لعلمي أن السهولة والتلقائية في بعض النصوص قد تكون سببا كبيرا للقبول والانتشار, وهذا ما حصل تحديدا ًمع موبايلي.
 
يخلط البعض بين "حمد الضوي" و "علي الضوي" هل يضايقك هذا الخلط.. خصوصاً في نسبة الأبيات لغير شاعرها؟
علي الضوّي شاعر كبير وابن عم سبقني في تجربته الشعرية ولا يضايقني الموضوع كثيرا ً لأن المتلقي الجيد باستطاعته التفريق بيننا لأن الأسلوب مختلف تقريبا, وبالمناسبة فقد حدث هذا اللبس مع الصديق الحبيب عدنان الدخيل عندما أعلن اسمي (علي الضوي) في أمسية الشرقية ضحكنا ومازلنا حتى هذه اللحظة نضحك من ذلك اللبس وأخذته بكل صدر رحب ومحبة.. يا صديقي نحتاج إلى الضيق لما هو أكبر من الشعر وأنا من عادتي أخذ الأمور ببساطة وأحسبها مريحة لي على الأقل.
 
امتلأت الدنيا بالشعر الشعبي.. هل هي الحاجة؟ أم الترف؟
نحن شعوب موضة وصرعات مع الأسف حتى في موروثنا ولو نظرنا إلى دائرة أوسع من الشعر لوجدنا أن الانتقال من الجوع إلى التخمة في أي شيء فاصله الزمني قصير جداً هي التقليد والصرعة لا أكثر يا صديقي.
 
 
أخيراً يا حمد.. نطالبك بنص جديد، أو مطالع قصائد لم تكتمل على الأقل ؟
شوف يا صديقي سأعطيك أبياتا متفرقة وإن شاء الله تعجبكم
لا..هوت جيفنشي..ولا كوكو شانيل
هالبيت ودي يسمعه عارف سرور
أنفاس نوره لا انسدل للتعب ليل
كنّك ترتب داخلك باقة زهور
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــ 
 
الللله ياهي غريبة ليلة البارح
سؤال واحد يجول بخاطري واسأل:
معقول ما حسّ بان البعد ذا جارح؟
صحيح..يعني ببساطه صادق بيرحل!!
لامتّ عادي انسني بس بسألك
وشفيك تنساني وأنا حي موجود
 
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قضيت..صمتي في نزال
أسحب.. لك الليل بــ دلو
حبيبتي ..هالوقت طال
لين السهر.. صابه غلو
وانا.. عيوني.. في جدال
ما نام..لا..نام ..الحلو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حلمت فيك..وأزهرت داخلي بيد
والحين..واقع..في حياتي..فديتك
ودي أضمك بــ ايد ..وآوسدك ايد
وارتب ضلوعي حوالين..بيتك
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تدري وش اكبر جرح عندي يا بوسعود..
إني أحب إنسان وادري مهو لي

الأكثر قراءة