أسواق المال الخليجية: سنة دراماتيكية في زمن الفرص الذهبية
إنه عالم حر، أهم معالمه حرية نقل رؤوس الأموال عبر الأسواق وتحقيق العوائد لتحقيق الرخاء. لكن هذه الحرية صاحبتها إعادة تعريف لدور المؤسسات، والسياسات النقدية والمالية، والأهم التحرك السريع.
إنها حقيقة لا مفر منها قد يكون عالمنا اليوم أكثر رخاء وأقوى نموا، لكنه بالتأكيد ليس أكثر تحصينا ضد الهزات، وتماما كلعبة الدمى الروسية، كل دمية أكبر قليلا من التي سبقتها. الكساد العظيم (الولايات المتحدة في الثلاثينيات)، أزمة المناخ (الكويت - الثمانينيات)، أزمة صناديق التحوط (آسيا وأوروبا في نهاية التسعينيات)، أزمة النمور الآسيوية (منتصف التسعينيات الصين وبقية دول آسيا وأمريكا الشمالية وأوروبا)، أزمة دين أمريكا اللاتينية (الولايات المتحدة وأمريكا(، أزمة الرهن الأمريكي (كل العالم بما فيه الشرق الأوسط)، كل أزمة نطاقها أوسع من التي سبقتها قليلا.
بعد حديث مطول عن عدم ارتباط أسواق دول مجلس التعاون بشكل مباشر بأسواق العالم، شهدت أسواق الخليج تراجعات عصفت بعوائدها متزامنة مع عواصف هبت على السوق الأمريكية، أبرزها إفلاس مؤسسة ليمان براذرز. هل هناك علاقة مباشرة؟ لا نعتقد ذلك. هنا تقرير أعدته شركة المركز لإدارة الأصول (مقرها الكويت) حول أسواق المال الخليجية في ظل أزمة أسواق العالمية.
قلما تباينت أسباب مثل أسباب تنافر أزمة أسواق دول مجلس التعاون مقارنة بأزمة الرهن الأمريكي، فمعدلات النمو في أسواق دول مجلس التعاون فاقت 10 في المائة أي ما يزيد على ضعف معدلات نمو اقتصاد الولايات المتحدة، والفوائض المالية قياسية، والقطاع البنكي متين.
لكن الاقتصاد العام بحاجة إلى رسم سياسات واضحة تتعلق بتنسيق كامل بين السياستين النقدية والمالية من أجل تحقيق تنمية مستدامة، ومراجعة سياسة التضخم بالنظر إلى معدلات النمو الحالية والمستهدفة، فلا بأس من فروق في التضخم إذا ما تواكبت مع تنمية مستدامة، وسياسة مالية توسعية في المشاريع المنتجة. ويجب إعادة النظر في ظاهرة شح السيولة حتى لا تتحول من ظاهرة أمريكية إلى ظاهرة عالمية، وأكبر درس هو أن لسياسات الدولة الاقتصادية (نقدية ومالية) دورا أساسيا في دعم أسواق المال. نقدم في هذا التقرير خمسة أسئلة – قد تكون دون إجابات، لكنها جوهرية:
انسحاب الأجانب
تأزمت الأمور تماماً بعدما بلغ معدل خسارة أسواق أسهم دول مجلس التعاون الخليجي 17 في المائة خلال أيلول (سبتمبر) الحالي، وهي أعلى خسارة شهرية تشهدها الأسواق في الفترات الأخيرة، وهي بالأحرى خسارة نصف شهرية إذ إن الشهر لا يزال في منتصفة فقط!.
وفي ظل هذه الأجواء المتخبطة، تبرز عديد من الأسباب على خلفية الانحدار الهائل في أسواق الأسهم، يأتي على رأسها خروج المستثمرين الأجانب، الشح في السيولة، المخاوف من انخفاض الأرباح، انهيار الأسواق العالمية، وأسعار النفط المتدهورة. كما يبدو أن ميزة الترابط السلبي أو ضعف العلاقة بين أسواق دول مجلس التعاون الخليجي قد تلاشت على الأقل في الوقت الراهن.
نتساءل هنا, هل تدخلت السلطات النقدية في الوقت غير الملائم؟ وهل أغلقت هذه السلطات منابع السيولة بإحكام شديد وفي وقت مبكر جداً؟ وحده الوقت كفيل بالإجابة عن هذه الأسئلة.
ومع ذلك، فإنه من الواضح جدا أنه تمت معاقبة أسواق الأسهم على الرغم من وجود أساسيات قوية جداً وعمليات تقييم منطقية. فعلى الرغم من أن نمو الأرباح لم يكن قياسيا، إلا أن أسهم الشركات الكبرى استمرت بتحقيق نمو جيد جداً في صافي أرباحها.
من يجيب عن تلك الأسئلة؟
نطرح في بحثنا هذا بعض الأسئلة التي قد تدور في رؤوس المتعاملين في الأسواق الخليجية: ما مدى سوء الوضع؟ ما الخطأ الذي تم ارتكابه؟ ما الدور الذي تلعبه الاقتصادات في هذا السياق؟ لماذا يتم تجاهل الأساسيات؟ وما السبل لتغيير الوضع الراهن؟ من خلال محاولتنا للإجابة عن الأسئلة السابقة, تكشفت لنا حقيقة وجود كثير من الأسئلة الأخرى التي لا يمكن الإجابة عنها في الوقت الحالي. ما مدى سوء الوضع؟ المصدر: أبحاث المركز ما التغير المفاجئ الذي طرأ على الأسواق في عام 2008 مقارنة بالعام الماضي؟
الأسواق العالمية
انهارت الأسواق العالمية بعد سلسلة من الأخبار السيئة، التي بدأت بأزمة رهون الأفراد العقارية في أمريكا التي أدت إلى إعلان بنوك استثمارية كبرى إفلاسها واحداً تلو الآخر، آخرها بنك ليمان برذرز
بينما عرض "ميريل لينش" نفسه للاندماج مع بنك أوف أمريكا بعملية يمكن وصفها على أنها اندماج ضخم جدا بين عملاقين.
من جانبه انحدر مؤشر "ستاندارد آند بورز 500" الأوسع نطاقاً بمقدار 15 في المائة لهذا العام فعندما تصاب الأسواق الأمريكية بالزكام تصل العدوى إلى بقية أسواق العالم مباشرة، خصوصاً الأسواق الناشئة، التي انخفضت بشكل كبير حتى الآن بمعدل 30 في المائة وحلت الصين في المقدمة، إذ تجاوزت خسائرها 60 في المائة. ولم تكن سوق الهند استثناءً عن هذه الموجة فقد انخفضت بمقدار (-38 في المائة). وسجلت الأسواق الناشئة ثلث خسائرها في النصف الأول من أيلول (سبتمبر) فقط!.
ويتشابه المشهد العام لأسواق دول مجلس التعاون الخليجي تماماً مع ما حدث في الأسواق الناشئة، إذ مُنِّي بخسارة مقدارها 36 في المائة منذ بداية العام وحتى منتصف أيلول (سبتمبر). وكانت السوق السعودية التي تعد أكبر الأسواق هي صاحبة أكبر حصة في الخسارة أيضاً منذ بداية العام وحتى الآن بنسبة 36 في المائة، تتبعها سوق دبي الخاسرة بمقدار(-32 في المائة) وأبوظبي بمقدار (-18 في المائة).
وما يثير الفضول هو أن معظم الخسائر وقعت خلال أيلول (سبتمبر) الحالي الذي لا يزال في منتصفه. ولعل السوق السعودية جديرة بالملاحظة مقارنةً بالأسواق الخليجية الأخرى، إذ خسرت منذ بداية الشهر الجاري وحتى الآن 18 في المائة. ومع ذلك أثبتت السوق الكويتية أنها السوق الأقل تقلبا بين أسواق دول الخليج الأخرى حيث بلغت خسائر السوق الكويتية منذ بداية أيلول (سبتمبر) وحتى الخامس عشر منه 13 في المائة.
أي يمكننا القول إن الأرباح التي تم جنيها خلال أول ثمانية أشهر من العام تم استهلاكها ومحقها في خمسة عشر يوما فقط. والجدير بالذكر أن أداء السوق القطرية كان ثابتاً في معظم أجزاء السنة. ومع ذلك فقد خسرت 22 في المائة خلال النصف الأول من هذا الشهر لتبلغ محصلة خسارتها السنوية 15 في المائة. أي يمكننا وصفا لوضع بإيجاز بأنه في غاية السوء!.
ما الخطأ الذي تم ارتكابه ؟
وقفت جملة من العوامل وراء هذا الانهيار السريع، نوجزها كالتالي:
- خروج المستثمرين الأجانب.
- برز خروج المستثمرين الأجانب كسبب في سقوط أسواق دول مجلس التعاون الخليجي. ويقال إن المستثمرين الأجانب، وعلى رأسهم صناديق التحوط قد راهنوا في بداية 2008 على عاملين رئيسيين وهما فك ربط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي وأسعار النفط القوية. وفي حين ثبتت صحة رهانهم حتى الآن على أسعار النفط القوية, إلا أن رهانهم على فك الارتباط بالدولار الأمريكي منذ البداية قد باء بالفشل.
وتسبب ربط حكومات دول مجلس التعاون الخليجي عملاتها بالدولار فيما عدا الكويت، بدفعها ثمناً لذلك جاء على شكل تضخم بسبب ضعف الدولار الأمريكي. ومع ذلك صرحت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي بوضوح أنها غير مستعدة لفك ارتباط عملاتها بالدولار الأمريكي.
علاوة على هذا، فقد شهدت أسعار النفط هبوطا من 146 دولاراً أمريكياً للبرميل الواحد إلى 95 دولاراً أمريكياً للبرميل الواحد وذلك بالتزامن مع حركة تصحيح أسعار السلع.
المستثمرون الأجانب
تدور بعض الشائعات حاليا حول أن عديدا من المستثمرين الأجانب فقدوا اهتمامهم بأسواق المنطقة على المديين القصير والطويل، وقرروا الخروج من أسواق دول مجلس التعاون الخليجي بحثاً عن فرص في أماكن أخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن المستثمرين الأجانب لا يزالون لاعبين ثانويين في الوقت الراهن، خاصةً أنهم انتقائيون جداً حيال الأسواق مثل سوق دبي. وربما انتقل الهلع الذي أصاب المستثمرين الأجانب إلى المستثمرين المحليين أيضاً.
انخفاض السيولة
إن ارتفاع نسبة التضخم في ظل ارتباط العملات الخليجية – ماعدا الكويتية - بالدولار الأمريكي، يضع البنوك المركزية أمام خيار واحد وهو التحكم بنمو السيولة فقد وصل التضخم إلى نقطة انحناء في المنطقة وعلى مستوى العالم لا يمكن السماح له بالالتفاف عليها وتجاوزها وإلا ترتبت على ذلك مضاعفات سياسية. لذلك فقد بدأت البنوك المركزية ضمن جهودها للإبطاء من نمو السيولة بتقييد معايير الإقراض وفرض قيود على إقراض المستهلك والذي عادة ما يجد طريقه إلى أسواق الأسهم. وذلك إضافة إلى سيل الاكتتابات العامة الأولية وزيادات رؤوس الأموال التي أدت إلى شفط مزيد من السيولة من السوق.
مخاوف من الأرباح
بعد أعوام من النمو المذهل، قد تستعد الشركات الخليجية لمواجهة فترة من انخفاض الأرباح خلال هذا العام. وكان معدل نمو مكاسب الشركات بلغ 7 في المائة فقط خلال النصف الأول من 2008 مقارنة بـ 28 في المائة لعام 2007. ويشير تقييم المركز المالي الحالي عن الكويت إلى أن نمو أرباح الشركات يصل إلى 0 في المائة مقارنة بنسبة 86 في المائة سجلت في 2007. ويعود سبب هذا الانحدار في الأرباح إلى الخسائر التي مُنيِّت بها البنوك نتيجة أزمة الرهون العقارية، والمخصصات العالية في دفاتر القروض، إضافةً إلى انخفاض دخل الرسوم تبعاً لانحدار سوق الأسهم. علاوة على هذا يواجه قطاع الاتصالات أيضاً مشكلة انعدام فرص النمو العضوي، تحاول تعويضها بالاتجاه لتحقيق هذا النمو عبر عمليات استحواذ خارج المنطقة. من جانبه، قد ينخفض نمو قطاع البتروكيماويات على خلفية هبوط أسعار النفط حالياً لذلك فإن التوقعات لنتائج الربعين الثالث والرابع من هذا العام ستكون في أفضل الحالات راكدة إن لم تكن نتائج سلبية.
أسعار النفط
إن الهبوط في أسعار النفط من 146 دولاراً للبرميل الواحد إلى 95 دولاراً أمريكياً للبرميل الواحد حالياً يشكل عاملاً مثبطاً من الناحية النفسية.
ولن يكون لهذا الانخفاض تأثير يذكر على وقع الاقتصاد الشامل، ولن يتجاوز كونه مجرد صدمة نفسية تبعاً لتصور الأمور المقبلة.
باختصار، ما حدث كان عبارة عن مجموعة من العوامل التي التقت معاً في الوقت ذاته.
ما الدور الذي تلعبه الاقتصادات؟
تقع مشكلة شح السيولة في صلب المشكلة، إذ كان لتوافر الأموال الميسرة بشروط سهلة المحور الرئيس في فترة صعود أسواق الأسهم، حيث جاءت قروض المستهلكين من النظم المصرفية ولو على شكل قروض استهلاكية بهدف الاستثمار في أسواق الأسهم.
وكانت أسعار النفط المحرك الرئيس للسيولة. وكان على صانعي السياسات النقدية مواجهة الاقتصاد المشتعل الذي حرك النمو الائتماني بفضل أسعار النفط. وبينما نمت الودائع بمعدل نمو مركب 17 في المائة خلال الأعوام الستة الأخيرة، نما المعدل الائتماني للكويت بنسبة 21 في المائة. والجدير بالملاحظة أن هناك ارتفاعا كبيرا في النمو الائتماني خلال الأعوام الثلاثة الماضية مقارنة بالفترة السابقة.
وبصرف النظر عن الأسباب الأخرى، كان النمو الائتماني المفرط مساهما مهماً في التضخم. وتسبب ارتفاع معدل التضخم إلى نحو عال في كثير من اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بفقدان الثقة والاستياء العام.
وقد أسهمت مجموعة من العوامل المحلية والخارجية (كربط العملات بالدولار) في التضخم.
فبينما لم تتمكن السلطات من التحكم بالتضخم المستورد لعدم رغبتها بالمخاطرة في فك ربط عملاتها بالدولار (إذ تعتقد أن الضعف الذي يمر به الدولار مؤقت)، تحاول هذه السلطات الآن التحكم على النطاق المحلي بالتضخم الناتج بمساهمة النمو الائتماني والإنفاق الحكومي.
في حين أن التضخم المستورد يقع ضمن نطاق السياسة النقدية، يقع العامل الثاني تحت نطاق السياسة المالية. وبما أن التضخم المحلي ناتج عن فجوة بين العرض والطلب، ما يؤدي إلى أسعار متزايدة للسلع، فإن فرض القيود على النمو الائتماني سيتحكم بمسألة الطلب. إضافةً إلى أن تباطؤ الإنفاق الحكومي على المشاريع والبنية التحتية بإمكانه هو الآخر تخفيض معدل الطلب. إلا أن هذين المقترحين سيعملان بشكل معاكس لنمو الاقتصاد. إذ إن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تعتمد في نموها بشكل كبير على سلعة واحدة وهي النفط. وفي حال انخفضت أسعار النفط بحدة لسبب ما فإن النمو سيتأثر على نحو موجع بالتأكيد كما حدث في السابق.
وعلى عكس ما شهدته الولايات المتحدة من تضخم ركودي (تضخم+ركود في النمو الاقتصادي)، فإن دول مجلس التعاون الخليجي ستواجه نمواً قوياً جداً حتى بوجود التضخم.
وبينما يهيمن التضخم على المسائل الراهنة، إلا أن النمو هو خيار استراتيجي على المدى الطويل. ويعد النمو الاقتصادي القوي مطلبا أساسيا لتعزيز البنية التحتية ومعايير معيشة المواطنين. ويصبح النمو غالياً جداً عندما يتأثر بصعوبة بتقلب أسعار النفط.
إذاً المعضلة هي بين النمو الاقتصادي مقابل التحكم بالتضخم. ولهذا تصدى صانعو السياسة للتضخم من خلال إعاقة النمو الائتماني وتخفيض السيولة. وكان سوق الأسهم أول ضحية هذه العملية لأن السيولة هي المنقذ للسوق.
باختصار، تلعب الاقتصادات النقدية والمالية دوراً كبيراً في الاضطرابات الحالية.
لماذا يتم تجاهل الأساسيات؟
إن التدافع لبيع الأسهم في الأسواق الخليجية وكأنه لا يوجد غد اقرب ما يكون لعملية تجاهل الأساسيات القوية والتي تجعل من المنطقة مختلفة تماماً عن بقية دول العالم.
ويبدو أن دول مجلس التعاون الخليجي في طريقها لتحقيق عام آخر من النمو المفترض العالي من خلال أسعار النفط القوية (انظر إلى الجدول). لقد خلقت عوائد البترودولارات موجة سيولة لم تشهدها المنطقة من قبل. ومما لا شك فيه أن المنطقة مرت بفترات ازدهار نفطي في السبعينيات والثمانينيات، لكن هناك أشياء كثيرة تختلف بين الازدهار النفطي والوضع الحالي. فخلال فترات الازدهار السابقة، تم استثمار كثير من الأموال المتولدة آنذاك في أوراق الخزانة الأميركية وسندات أوروبية.
لكن القصة هذه المرة تختلف كثيراً عن سابقتها للأسباب التالية:
باتت دول مجلس التعاون الخليجي الآن أكثر استراتيجية من حيث كيفية وضع استثمارات البترودولارات.
تنفق الدول مليارات الدولارات على بنيتها التحتية في المجالات كافة.
الاستثمارات المالية الهائلة في الدول المتطورة.
وصل حجم استثمار دول الخليج في الصين والهند وخاصة إفريقيا إلى مستويات قياسية.
استفادت دول مجلس التعاون الخليجي بشكل رئيس من عجز الحساب الجاري الأمريكي. من جانب آخر تم حساب المستوى العالي من الإنفاق الذي تدعمه الحكومة على أساس افتراضات ميزانية متحفظة لأسعار النفط. وفي معظم الحالات، لم يكن متوسط السعر المفترض لأهداف الميزانية أكثر من 40 دولاراً للبرميل، في حين أن السعر الفعلي يقارب الآن 95 دولاراً للبرميل. ويمكن للفوائض الهائلة التي تراكمت في الأعوام القليلة الماضية أن تظهر جلية حتى لو انخفضت أسعار النفط ووصلت إلى المستويات التي كانت عليها في عام 1998، وبلغ حينها سعر برميل النفط عشرة دولارات. باختصار، الأساسيات قوية جداً لكنها متجاهلة كلياً.
ما السبل لتغيير الوضع الراهن؟
هل ستخيم الأوضاع المتشائمة دائماً على المشهد العام للسوق؟ حسناً، ليس بالضبط، إذ إن التغير المفاجئ في المزاج العام والتراجع ليسا سمة اعتادتها المنطقة من قبل. فكما هو الحال الآن، كنا قد شهدنا في عام 2007 أيضاً تغيراً دراماتيكياً في سلوك الأسواق. وكما يلاحظ في الرسم البياني، سجلت الأسواق في الربع الثالث من عام 2007 ارتفاعاً مهماً نتج عن أداء سنوي قوي جداً. وتم تقييم أسواق الأسهم في دول التعاون بنسبة 24 في المائة خلال الربع الرابع وهو يماثل تقريباً نصف أداء العام ككل.
ما الذي يمكن أن يغير سلوك السوق؟
- استقرار أسعار النفط: في حال استقرت أسعار النفط عند المستوى الحالي، بإمكانها عندئذ أن تعيد الثقة الإيجابية المطلوبة بشكل كبير جداً في السوق.
- مفاجآت الأرباح: قد تفاجئ البنوك الأسواق بأرقام جيدة للربع الثالث والربع الرابع، إلى جانب قطاعات أخرى. وقد يشكل النمو عن البنوك الإسلامية التي قدمت أداء قوياً جداً خلال النصف الأول من العام رافعة أخرى.
- قوة الدولار: قد يكون النمو المستمر للدولار علاجاً مرحباً به لدى صانعي السياسة، إلى جانب تخفيض تأثير التضخم المستورد.
- دعم صناديق الثروات السيادية: قد يتم حث الصناديق السيادية لدعم الأسواق، خاصة أن عمليات التقييم مغرية جداً إلى جانب امتلاك هذه الصناديق كمية عالية من السيولة.
- العلاج النقدي: أخيراً، قد تتخلى السلطات النقدية عن خطتها في التحكم بالتضخم لبعض الوقت.