أهمية تأثير عرب ومسلمي أمريكا في العملية الانتخابية
لم تفلح جهود عدد من الدبلوماسيين الأمريكان العاملين في الشرق الأوسط، عندما حاولوا أن يقنعوا الرئيس هاري ترومان - في اجتماع خاص في البيت الأبيض في عام 1945- بأهمية وفائدة إتباع سياسة منصفة تجاه قضية العرب في فلسطين. بل لقد رد عليهم ترومان بمقولته الشهيرة؛ "أنا آسف يا سادة، لكن لابد من أن أتجاوب مع مئات الآلاف من المتعطشين لانتصار الصهيونية؛ لا يوجد في دوائري الانتخابية مئات الآلاف من العرب".
فعل الرغم من وجود عدد من العرب والمسلمين في الولايات المتحدة في ذلك الوقت، إلا أن تأثيرهم ظل محدوداً؛ خصوصا أنه لم يكن لهم اهتمامات ولا تنظيمات فاعلة في العملية الانتخابية. لكن واقع الحال بدا بالتغير مع بروز بعض التنظيمات الفاعلة والتي بدأت تظهر تباعاً من نهاية الستينيات وحتى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي. حيث بدأ دور تلك التنظيمات في التبلور منذ انتخابات 1984، وهو ذلك الدور الذي استمر في الانتخابات اللاحقة والذي برز واتضح بشكل جلي في انتخابات عام 2000.
لقد رجحت أصوات العرب والمسلمين الكفة في صالح المرشح الجمهوري جورج دبليو بوش، ولاسيما تلك الأصوات التي حسمت المعركة الانتخابية لصالحه في عدد من الولايات والتي كان آخرها ولاية فلوريدا. كذلك شهدت انتخابات ذلك العام عدداَ من التطورات غير المسبوقة والتي كان أبرزها؛ اهتمام مرشحي الرئاسة بأصوات التكتل العربي - الإسلامي؛ حيث قابل كل من بوش و آل جور ممثلي تلك التكتل في أكثر من مناسبة. المقولة نفسها قد تنطبق على انتخابات عام 2004، ولو أن بعض المراقبين أقروا بتأثيرات أحداث 11 سبتمبر والتطورات اللاحقة لها على هذا المسار؛ والتي أتى من ضمنها ذالك التأثير الذي أحدث انحرافاً لصالح المرشح الديمقراطي جون كيري.
لم يتجاهل المرشحان الرئيسيان لانتخابات هذا العام أهمية كسب ود الناخبين الأمريكان من أصول عربية وإسلامية. بل لقد خصص كل من جون مكين وبراك أوباما جزءا من مواقعهما على الإنترنت لهذا الغرض، وقد قام الأخير بتوظيف أعضاء بارزين في حملته الانتخابية من أصول عربية. وهذا بحد ذاته يعتبر إقرارا غير مسبوق بأهمية تلك التجمعات، خصوصاً أن لها إمكانية الترجيح الانتخابي في عدد من الولايات المهمة مثل؛ فلوريدا ومشقن وبنسلفانيا وأهايو. ومن المرجح أن تستمر وتزيد تلك الاستمالة من كل المرشحين خلال الأيام المقبلة.
بهذا فمن المرجح أن يكون هناك تأثير لجماعات الضغط والمصالح العربية والإسلامية على توجه السياسة الخارجية الأمريكية؛ خصوصاً إذا ما زاد تأثير هذه الجماعات في العملية الانتخابية، وفي المناحي الأخرى للحياة السياسية في الولايات المتحدة على مدى السنوات القادمة. وبهذا قد نكون في الطريق الصحيح لإيجاد منافس حقيقي للوبي الصهيوني الذي ظل يسيطر على توجيه – وتوجه - سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط على مدى العقود الماضية.