الأزمة تكشف الأسرار: 5 مليارات دولار تعيد بوفيت إلى "جولدمان ساكس"
إن الصفقة التي بلغت قيمتها خمسة مليارات دولار التي أعادت وارن بوفيت إلى عالم المصرفية الاستثمارية بعد عقد من الزمن، وأعطت "جولدمان ساكس" حقنة من رأس المال الجديد، تم إبرازها إلى حيز الوجود خلال محادثة هاتفية أجريت في الساعات الأولى من بعد ظهر يوم الثلاثاء.
وتم التوصل إلى القرار بجلب بيركشاير هاثاواي إلى مجلس الإدارة من قبل جولدمان الذي أصر حتى يوم الاثنين على أنه لا يملك خططاً لجمع الأموال، بسرية تامة بوجود أقل من 20 شخصاً من المعنيين، حسبما يقول مصرفيون مطلعون على الوضع.
لكن عندما تم التوصل إلى القرار في نهاية المطاف بعد أسبوع من المداولات، تم إرسال بيرون تروت رئيس مكتب شيكاغو التابع للشركة، لمهاتفة حكيم أوماها.
ولم يخف بوفيت الذي استثمر في سالومون برذرز في التسعينيات، وأدارها لفترة وجيزة قبل أن يبيعها في عام 1997، امتعاضه إزاء صانعي الصفقات الذين يتلقون أجراً عالياً. غير أنه طالما قام باستثناء فيما يتعلق بتروت. وكتب بوفيت في رسالة العام الماضي التي وجهها إلى المساهمين في شركته الاستثمارية وهو يكيل الثناء لتروت لأنه جلب إليه صفقة جيدة أخرى "إن بيرون مصرفي استثماري نادر الوجود يضع نفسه مكان زبونه".
لم تستغرق مهاتفة تروت وقتاً طويلاً. وتم إقناع بوفيت بمجموعة من الشروط الجذابة، والفرصة للشراء في جولدمان ـ وهي شركة كان معجباً بها منذ أن زار مكاتبها برفقة والده ـ عضو الكونغرس الأمريكي- عندما كان يبلغ من العمر عشر سنوات، والتوقع بأن ينظر إليه كمواطن شركة صالح في فترة الأزمة، وعرض بوفيت الجانب الأخير من صفقته بالأمس عندما قال لمحطة سي إن بي إس إنه في زمن "بيرل هاربر الاقتصادي" للاضطراب الحالي، لديه الثقة التامة بجولدمان، وبالاقتصاد الأمريكي.
وقال بوفيت "بعد خمسة، أو عشرة أعوام من الآن، سننظر إلى هذه الفترة ونقول كان بإمكانك أن تقوم ببعض الشراء الاستثنائي. وإن الاقتصاد الأمريكي سيبلي بلاءً حسناً بعد فترة من الزمن، وكذلك الأمر بالنسبة للأشخاص الذين يملكون قطعة منه" ـ وهو تعليق كان سيسعد هانك بولسون، التنفيذي السابق في غولدمان الذي يدير الخزانة الأمريكية حالياً. بالنسبة لجولدمان، فإن صفقة بوفيت ـ التي ترافقها خمسة مليارات دولار إضافية جمعها من الأسواق ـ تمثل مؤشراً على تصميمه بأن يكون مشترياً فعالاً للأصول المتعثرة في عالم تعتبر السيولة فيه وكأنها الملك.
وتم توضيح التغيير الذي حدث في المشهد في الأسبوع الماضي عندما انقض بوفيت واختطف كونستيليشين إينرجي، بعد أن كتب شيكاً بمبلغ مليار دولار نقداً.
وقال مايو شاتوك الرئيس التنفيذي المسؤول لكونستيليشين، عدة مرات، إن شركته قبلت عرض بوفيت لأنه وفر "السيولة الفورية" يقول أحد الأشخاص المطلعين على المسألة إن جولدمان "كان سيحب حصوله على تلك الصفقة".
وقال تنفيذيو جولدمان بالأمس إن قبول حقن السيولة من بوفيت سيدعم ثقة المستثمرين في قدرته، ليس على البقاء فقط، وإنما أيضاً الازدهار في الأسواق الحالية. وستعطي الصفقة للشركة عائداً على رأس المال من الطبقة الأولى، أي 14.3 في المائة ـ وهذا أعلى بكثير من المتوسط السائد في الصناعة.
بوجود أموال بوفيت في حقيبة جولدمان، فإن بإمكانه أن يرفض صناديق الثروة السيادية مثل سلطة الاستثمار الكويتية، وسلطة استثمار أبو ظبي التي سعت منذ فترة طويلة إلى امتلاك حصة في الشركة، فضلا عن استفسارات شرائية تمهيدية من جانب شركات الأسهم الخاصة.
يقول أحد كبار التنفيذيين في جولدمان "إن وارن بوفيت هو المعيار الذهبي، إذ إنك تقول للسوق إنك حصلت على الرجل الذي يعد أذكى شخص في العالم. والرسالة تقول إنك هنا لتبقى. إنها شكل من أشكال التأمين رخيص التكلفة."
أمّا إلى أي حد كان التأمين الذي حصل عليه جولدمان رخيص التكلفة في واقع الأمر، فإنه أمر يبقى مفتوحا للجدل. إن بوفيت حصل على شروط جذابة في صفقته، الأمر الذي يعطيه ما قيمته خمسة مليارات دولار من الأسهم المفضلة، بنسبة أرباح تبلغ 10 في المائة، والحق في شراء نحو 10 في المائة من الشركة مقابل خمسة مليارات دولار أخرى.
رغم ذلك، فإن علاقة جولدمان الجديدة مع بوفيت ـ وقرار هذا الأسبوع بأن يصبح شركة بنك قابضة للحصول على إمكانية وصول دائمة إلى أموال الاحتياطي الفيدرالي ـ تشير إلى أن الشركة تبحث بشكل فاعل عن استحواذات على أصول وشركات.
وسيعطي هذا الجمع الأحدث لرأس المال دفعة للتخمينات، ويفكر جولدمان في بعض الاستحواذات الجريئة على بنك ما - امتلك في انقضاض وحيد صناديق بتكلفة متدنية، وخطوط تمويل من مجلس إدارة بنك القروض الاتحادي المحلي.
كما أن الميزانية العمومية النظيفة نسبياً لـ "جولدمان"، بوجود ثمانية مليارات دولار فقط من الأوراق التجارية المدعومة بالقروض العقارية، ومبلغ مماثل من القروض بالاستدانة، تعني أنه يستطيع التكيف سريعاً مع الظروف.
"فاينانشيال تايمز" خاص بـ"الاقتصادية"