نقص السيولة يحرك "القروض الدوّارة" بين الشركات والبنوك حول العالم

نقص السيولة يحرك "القروض الدوّارة" بين الشركات والبنوك حول العالم

حين تلاطمت الموجة الأولى للأزمة الائتمانية بقوة في صيف 2007، نظر إليها بعض المصرفيين على أنها بروفة لما يمكن أن يكون سيناريو أكثر مدعاة للقلق بكثير من ذلك.
كان القرار المفاجئ من قبل المستثمرين بوقف شراء الأوراق المالية المدعومة بالأصول، وبالأخص تلك المرتكزة على الرهون العقارية الأمريكية، صعباً بالنسبة للنظام المصرفي. وإن يمكن أن يكون أسوأ من ذلك على أية حال، هو إذا لم تعد الشركات قادرة على إصدار الأوراق التجارية.
إن سوق الأوراق التجارية للشركات بمثابة نوع من تسهيلات السحب على المكشوف قصير الأمد بالنسبة إليها، حيث يسمح للمؤسسات الكبيرة، وذات الرسملة الجيدة بالاقتراض من يوم واحد حتى ثلاثة أشهر من خلال إصدار ورقة تُشترى من قبل المستثمرين مثل صناديق أسواق المال. ويصف أحد المصرفيين هذه السوق "بأنها المرادف بين الشركات للإقراض الداخلي بين البنوك".
ومثل أسواق ما بين البنوك، فإن سوق الأوراق التجارية جفت بصورة ملحوظة خلال الأسبوع الماضي. وتفيد بيانات من جانب الاحتياطي الفيدرالي أن الشركات تصارع من أجل إصدار ورقة تجارية بفترة استحقاق أطول، وهي مرغمة على الاعتماد على فترات زمنية أقصر.
يبدو أن سبب التحول هو الانسحاب المفاجئ من السوق عن طريق صناديق أسواق المال نتيجة للاضطراب الذي سببه انهيار بنك ليمان براذرز، وإنقاذ المجموعة الأمريكية الدولية، والشك في خطة الخزانة الأمريكية لإنقاذ البنوك.
يخشى المصرفيون من أن تبدأ الشركات، إذا ما تدهور الوضع أكثر، بالاعتماد على خطوط الائتمان لديها مع البنوك، حيث من شأن ذلك أن يفرض ضغوطاً جديدة على النظام المصرفي. ولكن يمكن أن يكون له تأثير بنقل الأزمة الائتمانية إلى قطاع الشركات.
وقال مارتن أودونوفان، وهو مساعد مدير، في مجال السياسة والتقنية، إنه طوال الأزمة الائتمانية خلال العام الماضي "شهدنا سيولة قوية في الأوراق التجارية. ولكنني أتفهّم تغيّر ذلك بصورة دراماتيكية تماماً خلال الأسبوع الماضي، أو نحو ذلك".
"لا تزال السيولة موجودة في أسواق أخرى، وسندات الخزانة، وأسواق الشركات. وبسبب ذلك، شهدنا طلباً قوياً على الأوراق التجارية، ولكن تسلل نوع من الهلع إلى السوق خلال الأسبوع الماضي، حيث تجد الشركات أن الاقتراض أصبح أقل سهولة، أو أن عليها أن تقترض لأمد قصير جداً".
وفي العادة لا تعتمد الشركات بصورة منفردة على سوق الأوراق التجارية، وتحافظ عموماً على خطوط ائتمان احتياطية مع البنوك الملتزمة، حيث يلتزم البنك قانونياً بالإقراض. أما المشكلة بالنسبة للبنوك، أن تلك الخطوط تكون ملتزمة في العادة على افتراض أنه لن يتم سحبها جميعاً مرة واحدة.
ويقدّر المحللون في سيتي جروب أن الحجم الإجمالي لقروض الشركات غير المسحوبة، وهي تشمل خطوطاً احتياطية للأوراق التجارية، وتسهيلات القروض الدوارة، بما يعادل نحو ستة تريليونات دولار.
"نتوقع أن نشهد تدفقاً مستمراً من الشركات التي تسحب احتياطاتها عن طريق (تسهيلات القروض الدوارة) بسبب نقص السيولة في أي مكان آخر"، كما قال مات كينج، استراتيجي في الائتمان في "سيتي جروب". "نحن لا نتوقع أن يتم سحب كافة الستة تريليونات دولار، ولكن ربما نحو تريليون دولار على مدار العامين المقبلين".
وذلك احتمال أقل من مرحب به للبنوك التجارية التي تواجه فعلياً معدلات رأسمالية متوسعة، ومشكلات تمويلية خاصة بها.
ويشير بعض المصرفيين إلى أنه إذا تم سحب الأموال من صناديق أسواق المال، فمن المرجح أن يُعاد تدويرها في النظام المصرفي على شكل ودائع. ولكن من المحتمل أن يكون أي انتقال مؤلماً.
هنالك إلى الآن أمثلة قليلة على شركات تسحب تسهيلاتها الائتمانية بأعداد ضخمة.
وعلى الرغم من ذلك، وفي دلالة على الهلع بشأن تكاليف الاقتراض، قالت ديلي ميل آند جنرال ترست، يوم أمس، وهي شركة كبيرة لنشر الصحف في المملكة المتحدة، إنها قامت بتجديد تسهيلاتها الملتزمة برغم أن التسهيلات القائمة فعلياً لا يزال أمامها عام للانتهاء. وقال بيتر ويليامز، المدير المالي فيها: "لم نكن ننوي المجازفة بالاحتمالات، بل كنا نريد اليقين".

الأكثر قراءة