المصادقة على خطة الإنقاذ لا تعني نهاية مشكلات النظام المالي العالمي
تشير التقارير إلى قرب التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة الحكومة الأمريكية المقترحة البالغة 700 بليون دولار والخاصة بشراء أصول المؤسسات المالية المتعثرة. ووفقاً لما أدلى به أعضاء كبار في مجلس الشيوخ الأمريكي فقد تم الاتفاق على الخطوط العريضة بشأن الصفقة وهناك تفاؤل بأن التفاصيل النهائية سيتم حسمها اليوم. وتظل الأسواق المالية في حالة ترقب لما ستسفر عنه محادثات اليوم كما يتعين أن تشهد سجالاً قوياً يوم الإثنين في حال التوصل إلى صفقة.
وقال تقرير أعده بــراد بورلانــــد رئيس الدائرة الاقتصادية بشركة جدوى للاستثمار، إن تعافي الأسواق خلال الأيام التالية يتوقف على تفاصيل الخطة، حيث إن كلاً من حزبي مجلس الشيوخ يضعان الانتخابات المقبلة نصب أعينهما وخصوصا أن خطة إنقاذ المؤسسات المالية الكبيرة لا تحظى بقبول واسع بين الناخبين في وقت تتصاعد فيه معدلات البطالة وتتراجع فيه أسعار العقار. وتهدف الكثير من التعديلات قيد البحث إلى جعل الخطة أكثر قبولاً بين الناخبين. لكن إذا ما حدث وقررت الأسواق أن الخطة المجازة غير كافية لتوفير الحيز المطلوب لالتقاط النفس الذي يسمح بتعافي النظام المالي (مثل عدم توافر الموارد المالية بصورة سهلة وسريعة) فستتواصل الضغوط.
عدا ذلك، تتواصل المحادثات بشأن مصير ثلاث مؤسسات مالية تعرضت لضغوط هائلة يوم الجمعة، وحسب التقارير يبدو أن الحكومة الإنجليزية بصدد تأميم شركة الإقراض العقاري برادفورد آند بينغلي Bradford & Bingley رغم استمرار المفاوضات مع مشترين محتملين من القطاع الخاص، وستكون بذلك الشركة الثانية التي تؤول لملكية الدولة هذا العام عقب مصرف نورثرن روك Northern Rock الذي آلت ملكيته للدولة في شباط (فبراير) الماضي. أما البنك البلجيكي الهولندي وشركة فورتيس للتأمين فتتركز جهودهما حالياً على وضع خطة لبيع بعض الوحدات فيهما من أجل تعبئة الموارد المالية اللازمة لتقليل المخاوف بشأن أوضاع السيولة. ولم ترد أي أخبار بشأن المفاوضات التي يجريها واكوفيــاWachovia سادس أكبر بنك في الولايات المتحدة مع المشترين المحتملين.
وكانت الأسواق العالمية مغلقة أمام التداول أمس، لكن مؤشر تاسي لسوق الأسهم السعودي تراجع لليوم الخامس على التوالي إلى ما دون مستوى 7000 نقطة للمرة الأولى منذ تموز (يوليو) 2007. وتتأثر أسواق الأسهم الإقليمية بحالة عدم الاستقرار التي تسود أسواق المال العالمية رغم أن هبوط أسعار أسهمها كان شاملاً في القطاعات كافة. وقد تراجعت أسهم القطاع المصرفي بنحو 2 في المائة متمشياً مع هبوط السوق ككل بصورة عامة، رغم تراجعها بنحو 14 في المائة على مدى الأسبوعين الماضيين مقارنة بتراجع مؤشر تاسي بمعدل 11.8 في المائة خلال الفترة نفسها.
التداعيات:
ليس بالضرورة أن المصادقة على الخطة الأمريكية تعني نهاية المشكلات بالنسبة للنظام المالي العالمي، حيث يستدعي الأمر اختبار الخطة عند دخولها حيز التنفيذ الفعلي خصوصاً أن نشوء أعراض جانبية غير مرغوبة يظل احتمالاً كبيراً. إضافة لذلك، لا يحق للمؤسسات المالية في بقية دول العالم، التي تتعرض للضغوط بسبب الأزمة الاستفادة من التسهيلات الأمريكية كما أن عملية استعادة الاستقرار في القطاع المالي تتطلب التعاطي معها على أساس كل دولة على حدة. لذا سيتطلب الأمر سنوات عديدة قبل استعادة الثقة في النظام المالي العالمي بالكامل.
لا تحتفظ البنوك السعودية إلا بنسبة ضئيلة من الأدوات المالية ذات الصلة بأزمة الرهن العقاري، التي هي أصل كل المشكلات الحالية لذا من الصعب تبرير التراجع الحاد في مؤشر تاسي خلال الشهرين الماضيين، حيث لا تزال معطيات السوق الأساسية قوية ويبلغ معدل السعر إلى العائد المتأخر (مكرر الأرباح) لمجمل السوق نحو 14.5 في المائة، أي ما يقارب أدنى مستوى له في أربع سنوات. وستعود أحجام التداول إلى مستوياتها المعتادة عقب عطلة العيد كما نتوقع أن تأتي نتائج الشركات للربع الثالث جيدة رغم عدم معرفتنا بمدى تأثير ذلك في إنعاش السوق المحلية حيث كانت استجابة السوق المحلية ضعيفة لمستوى من النمو في إيرادات الشركات فاق 20 في المائة خلال الربع الثاني.