المخاوف تتركز على ثمن التسوية السياسية مقابل خطة الإنقاذ

المخاوف تتركز على ثمن التسوية السياسية مقابل خطة الإنقاذ

إن تسوية الإنقاذ التي قدمتها بالأمس نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب، تؤكد على الأساس المهم لخطة بولسون، ولكنها تفرض قيوداً من شأنها أن تحد من فاعليتها، وتترك غمامة كبيرة تحلق فوق القطاع المالي، مع ترك المسائل العملية في هذا الشأن دون أي حل.
إن المتطلبات التي جاءت في البرنامج لانتزاع الخسائر، رغم أنها غير واضحة، إلا أنها ستعمل على تعقيد الشكوك بشأن آفاق العوائد المستقبلية للمؤسسات المالية الأمريكية، وتجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لها من حيث الحصول على رأسمال جديد.
اتخذ قادة الكونجرس قراراً تاريخياً بمنح الخزانة أموالاً كثيرة، وقدراً كبيراً من حرية التصرف بشأن كيفية استخدام هذه الأموال. ويتيح التشريع لبولسون، ومن يخلفه، شراء أي شيء من أية جهة بأي ثمن كان – ويشير إلى القروض، والأسهم، والضمانات، فضلاً عن الأصول.
غير أن الإشراف الدقيق، رغم أنه يمثل إجراء حماية مهما لدافعي الضرائب، من شأنه أن يؤخر التجريب الضروري. وعلاوة على ذلك، اختار الكونجرس تحرير المبلغ المقدر بنحو 700 مليار دولار على مراحل، مع الاحتفاظ بالحق في إجراء تصويت ثانٍ على المبلغ الأخير المقدر بنحو 350 مليار دولار.
من حيث التدفق النقدي، فربما لا يعني ذلك كثيراً. ولكن من شأنه أن يذكي مخاوف المستثمرين من احتمال أن تنفد الحكومة من الذخيرة المالية قبل انتهاء المهمة، الأمر الذي يمكن أن يتسبب في أن تعود أسعار الأصول إلى مستويات متدنية تصل إلى أقل من تكلفتها.
في حين أن القيود على رواتب التنفيذيين لا تشكل عائقاً عملياً، إلا أن الطلب من البنوك المشاركة أن تصدر ضمانات إلى الحكومة يعتبر خطأً خطيراً على الأرجح.
إذا تم تطبيقها، فربما تعني أن البنوك الضعيفة فقط ستشارك، الأمر الذي سيقلل من أهمية هدف تأسيس مجموعة جديدة من الأسعار للأصول المتعثرة، اعتماداً على السعر الذي يستطيع عنده البائعون غير المتعثرين بيعها إلى مشترٍ ليس لديه اجتناب حاد للمخاطر، وقيود على السيولة (الحكومة). ويقول دوغ إلمندورف، رئيس مشروع هاميلتون في المؤسسة الفكرية، بروكنجز: "أخشى من أن النقاشات حول القضايا الإضافية كانت أكثر من النقاشات حول كيفية إنفاق مبلغ الـ 700 مليار دولار".
لم يحدد أي من الخزانة أو الكونجرس كيفية إدارة البرنامج بالضبط، أو كيفية تحفيز مديري صناديق القطاع الخاص. لا تعطي اتفاقية الأمس أية مؤشرات بشأن الحد الأعلى الذي سيصل إليه التمويل الحكومي لسلسلة التورقة المالية من أجل أن تصبح ائتماناً مهيكلاً ومنتجات مشتقات أكثر تعقيداً. فيما يتعلق بالتسعير، فإن التشريع يشير باتجاه آليات السوق حيثما أمكن. ويعتقد المسؤولون أن المزادات العكسية يمكن أن تنجح في حالات تكون فيها فئة وحيدة من أوراق مالية معينة، كبيرة ومنتشرة على نطاق واسع.
تستطيع الحكومة على سبيل المثال، أن تعرض الاستحواذ على مائة مليون دولار من فئة الأوراق المالية البالغة قيمتها 500 مليون دولار والمصنفة AAA، لتجّمع معين من القروض العقارية، وتوافق على العرض الأرخص ثمناً.
غير أن معظم الخبراء يعتقدون أنها تستطيع الاستحواذ على 20 إلى 30 في المائة، دون التسبب في التواطؤ من جانب البنك البائع – وحتى أن ذلك يفترض أن الفئة مملوكة على نطاق واسع. والعديد من الأوراق المالية المسببة للمشكلات (على الأخص تلك التي انبثقت خلال عامي 2006 و2007) غير مملوكة على نطاق واسع.
لم تكن هناك أية مناقشات على الأغلب بشأن متى، وكيف، سوف تبيع الحكومة الأوراق المالية التي امتلكتها إلى السوق مرة أخرى. وما زال من غير الواضح إلى أي حد ستكون الحكومة قادرة على زيادة ممتلكاتها لتعزيز إعادة الهيكلة الأكثر كفاءة للقروض العقارية المتعثرة، وتقليل عمليات حبس الرهن إلى الحد الأدنى.
وحاولت مؤسسة تأمين الودائع الاتحادية أن تضع نموذجاً بإعادة التفاوض بشأن القروض المتعثرة التي يمتلكها البنك الذي أخفق، أندي ماك. غير أن أندي ماك استمر في تقديم الخدمات بشأن أصوله، بينما سيتعين على الحكومة أن تتعامل مع مقدمي الخدمات من القطاع الخاص، فضلاً عن المالكين المشتركين للائتمانات ذاتها. وإذا حاولت الحكومة، ونجحت، فمن شأنها أن تتسبب في جعل المقترضين الذين قد يتأهلون لإعادة التفاوض، ولكنهم يقومون بالسداد حالياً في كافة الأحوال، أن يتوقفوا عن سداد قروضهم العقارية.
علاوة على ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت عمليات الإنقاذ المستقبلية للمؤسسات المالية المختلفة ستتم بواسطة التمويل الجديد – ثمة افتراض بأن ذلك سيحدث. ولكن حدوث أزمتين إضافيتين بحجم أزمة "إيه آي جي" – التي اقتضت الحصول على قرض بقيمة 85 مليار دولار من أجل أن تستقر – سوف يستنفد المبلغ المبدئي البالغ 250 مليار دولار بسرعة.

نقاط رئيسية في الصفقة

الإشراف
كانت إحدى أكثر القضايا إثارة للجدل هي السلطة غير المقيدة التي منحتها الخطة الأصلية إلى وزير الخزانة لشراء الأصول المتعثرة التي كان يعتبرها ضرورية.

ينص تشريع التسوية على تأسيس مجلس إشرافي لديه السلطة لتوجيه، وربما تقييد، حرية تصرف وزير الخزانة. ومن المحتمل أن يضم ثلاثة رؤساء من وكالات اتحادية (حالياً، الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، هيئة الأوراق المالية والبورصة، مؤسسة تأمين الودائع الاتحادية)، ومديرين يعينهما الكونجرس. وسيضع ضوابط على تضارب المصالح للشركات الاستثمارية التي تعينها الخزانة لتقديم المشورة بشأن البرنامج، وتأسيس مديرية تفتيش جديدة ضمن الخزانة لمراقبة، والإشراف على، استخدام الأموال، ويقتضي وضع جميع العمليات على الإنترنت لضمان الشفافية، وجعل العمليات تخضع للمراجعة القضائية.

تقديم المساعدة لمالكي البيوت
منذ بدأ الجدال، أصر الديمقراطيون في الكونجرس على أن تساعد الصفقة مالكي البيوت مباشرة، فضلاً عن مجرد إنقاذ المؤسسات المالية التي قدمت القروض لهم.
وأعطاهم المقترح فرصة لتقديم خطط لمراجعة لائحة الإفلاس من أجل مساعدة مالكي البيوت الذين يواجهون تهديد حبس الرهن.
وفي الواقع العملي، تم التوصل إلى تسوية تستطيع الخزانة وفقها استخدام سلطتها كمالك للقروض العقارية (والأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية) تقليل عدد عمليات حبس الرهن، بما في ذلك بواسطة تقليل رأس المال أو معدل الفائدة على القروض العقارية، أو إطالة فترة السداد. ولم تصل المقترحات الأخرى إلى التشريع النهائي، مثل المقترح لتعديل القانون من أجل السماح للقضاة بفرض تخفيض قيمة القرض العقاري على السكن الأساسي في حالة الإفلاس.

رواتب التنفيذيين
مع الانتقادات الموجهة إلى التنفيذيين في "وول ستريت" التي عمت أرجاء الولايات المتحدة، وفقاً لاستطلاعات الرأي، كانت هناك مشاعر قوية بأن كبار المديرين الذين قاموا بالإقراض والاستثمار على نحو متهور، يجب ألا يستفيدوا من التحسينات المنبثقة عن عملية الإنقاذ الحكومي المتعلقة بإجراءات تمويل شركاتهم.
يسمح التشريع للشركات المشاركة في بيع الأصول بأن تخضع لقوانين تعويضات التنفيذيين. وبداية، فإن القوانين تنطبق على الشركات التي لديها أكثر من مجرد قيمة أولية للأصول – تم الاقتراح بأن يكون مبلغ 100 مليون دولار هو نقطة البداية – التي اشترتها الخزانة بموجب علمية الإنقاذ.
تحد القوانين من التعويض المقدم إلى الرئيس التنفيذي، لكي تحبط اتخاذ المخاطر المفرطة، وتمنع دفعات "المظلة الذهبية" للتنفيذيين.

حماية دافع الضرائب
كانت إحدى المخاوف التي انبثقت عن الخطة الأصلية هي غياب المنافع الناتجة عن الصفقة لدافعي الضرائب. وفي حين أن الخزانة يمكنها أن تخسر الأموال إذا اتضح أن قيمة الأصول أقل من المبلغ الذي دفع بشأنها، فإن دافعي الضرائب لن يستفيدوا من المكاسب في أسعار الأسهم في المؤسسات.

يسعى المقترح إلى السماح للخزانة بأخذ الضمانات بشأن الأسهم التي لا تتمتع بحق التصويت من الشركات المشاركة في المزاد.
ويتضمن أيضاً نصاً بشأن التكلفة الكلية للبرنامج، لكي تتم استعادتها من صناعة الخدمات المالية إذا تكبدت الخسائر. كما أن التفاصيل مبهمة، ولكن إذا تكبد البرنامج خسارة بعد خمس سنوات، فسوف يقدم الرئيس خطة لاسترداد الخسارة من الشركات التي استفادت.

"فاينانشيال تايمز" خاص بـ "الاقتصادية"

الأكثر قراءة