انهيار تاريخي في بورصة نيويورك .. ماذا يحدث اليوم؟
شهدت بورصة نيويورك انهيارا تاريخيا أمس بعد رفض مجلس النواب الأمريكي خطة إنقاذ المصارف. وفقد "داو جونز" 6.71 في المائة، أي بخسارة 700 نقطة لم يشهدها أبدا من قبل، فيما فقد "ناسداك" 9.41 في المائة. ويتوقع أن تواجه الأسواق الأمريكية والعالمية اليوم مزيدا من الضغوط.
وفي أوروبا التي أغلقت أسواقها قبل إعلان الرفض، أشعلت الشكوك التي استبقت الخطة وموجة من انهيارات البنوك الأوروبية واحداً من أكبر الانهيارات في سوق الأسهم منذ بدء أزمة الانقباض الائتماني. وسجل مؤشر فاينانشيال تايمز 100 ومؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 أكبر هبوط لهما في يوم واحد منذ 21 كانون الثاني (يناير)، في حين أن البورصة الأيرلندية شهدت أكبر هبوط لها في يوم واحد منذ ربع قرن.
على الرغم من حقن كميات هائلة من السيولة من قبل البنوك المركزية في معظم أنحاء الكرة الأرضية، إلا أن السيولة تدهورت في أسواق المال وارتفعت المقاييس الرئيسية للمخاطر. وشعر المستثمرون بالقلق من خطة الإنقاذ الأمريكية في صورتها المخففة، والمصممة لتنظيف الموجودات السامة وسحبها من الأسواق، يمكن أن تخفق في القضاء على الأزمة أو الحؤول دون وقوع كساد اقتصادي عالمي.
في أسواق المال ارتفعت عقود التأمين المتقابة على الائتمان لقروض الليلة الواحدة، التي تعتبر من أفضل مقاييس المخاطر الائتمانية، إلى أعلى مستوى لها في التاريخ، في دلالة على المزيد من الأوضاع العسيرة بين البنوك.
سجل مؤشر أو آي إس OIS لقروض الدولار، الذي يقيس الفائدة الإضافية التي يجب على البنوك دفعها مقابل القروض لأجل ثلاثة أشهر زيادة على فائدة قروض الليلة الواحدة، بمقدار 20 نقطة أساس، لتصل إلى 220 نقطة أساس. يذكر أن هذا المؤشر ارتفع بمقدار 140 نقطة أساس من الأول من أيلول (سبتمبر).
قال دون سميث، وهو اقتصادي لدى مؤسسة آيكاب Icap: "هذا المؤشر يقيس القدر المتزايد من العزوف عن المخاطر، والذي يظل يتقلب صعوداً وهبوطاً كل يوم. وهذا يعقد من مستوى الصعوبة بالنسبة للبنوك".
وأضاف: "كنت أرجو أن يكون يوم الجمعة الماضي هو ذروة المشاكل، ولكن هذا أسوأ يوم حتى الآن بالنسبة لأسواق المال من حيث النشاط منذ انهيار بنك ليمان. وهم يقولون إن أحلك فترات السواد تكون قبل الفجر. فلنأمل أن تتحسن الأمور".
كذلك ارتفع مؤشر آخر في أسواق المال، وهو سعر فائدة ليبور، أي سعر الإقراض بين البنوك في لندن، ليصل إلى 3.8825 في المائة، أي بزيادة مقدارها 12 نقطة أساس. كذلك ارتفع مؤشر تي إي دي للفروق بين أسعر الفائدة، الذي قيس الفرق بين العوائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل ثلاثة أشهر وبين سعر فائدة ليبور على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر، ارتفع إلى أعلى مستوى له فوق 350 نقطة أساس، في الوقت الذي تحول فيه المستثمرون إلى الملاذ الآمن للأوراق الحكومية. يذكر أنه كلما ازدادت الفروق بين أسعار الفائدة، كان ذلك دليلاً على ارتفاع نسبة العزوف عن المخاطر.
في أسواق الأسهم هبط كل من مؤشر فاينانشيال تايمز 100 وفاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بمقدار 5 في المائة، في حين أن مؤشر البورصة الأيرلندية الإجمالي انهار بمقدار 12.7 في المائة، وهو أكبر هبوط له خلال يوم واحد منذ عام 1983، في الوقت الذي شعر فيه المستثمرون بالتوتر الشديد حول وضع سوق الممتلكات في أيرلندا واعتمادهم على التمويل بين البنوك. كما هبط مؤشر بوفيسبا البرازيلي بمقدار 7 في المائة، بسبب الهبوط في سعر النفط. وهبط مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بمقدار 4 في المائة بحلول منتصف اليوم.
كذلك شعر المستثمرون بنذر الخطر الشديد بسبب إنقاذ أربعة بنوك أوروبية، بما فيها بنك برادفورد آند بنجلي البريطاني، وبنك فورتيس، واستحواذ بنك سيتي جروب على العمليات المصرفية لبنك واكوفيا، في الوقت الذي تعاظمت فيه مشاعر القلق من أن المشاكل في القطاع المالي ربما تعمق من سوء الآفاق الاقتصادية العالمية وتفرض القيود على المزيد من الإقراض.
قال تيري لاكراز، وهو محلل استراتيجي لدى شركة بيكتيت آند كومباني: "الخوف هو الذي يحرك أسواق المال اليوم. ولعل هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها الأزمة المصرفية تضرب أوروبا بصورة مباشرة على صورة تعسر وضع بنك فورتيس وبنك برادفورد آند بينجلي، في حين أن خطة الإنقاذ الأمريكية لا تبدو جيدة في أعين المستثمرين كما ظننا في البداية".
هبط النفط إلى ما دون مستوى 100 دولار للبرميل، وسط مخاوف حول آفاق الاقتصاد العالمي. وهبط سعر خام غرب تكساس المتوسط إلى مستوى متدن هو 98.15 دولار للبرميل، أي بهبوط مقداره 8.74 دولار أثناء اليوم.
ارتفعت العقود المتقابلة على تأمين القروض، وبسببها تعرضت أيرلندا للضغط في الوقت الذي تم فيه تأميم واحد من أكبر البنوك الأيرلندية، وهو بنك جليتنير. وارتفعت نسبة التأمين على الأوراق المالية المدعومة بالموجودات، وهو نوع من التأمين ضد الإعسار عن تسديد فوائد السندات، بمقدار 23 نقطة أساس، أي أنها ارتفعت بمقدار 2300 يورو لكل عشرة ملايين يورو من السندات، لتصل إلى 390 نقطة أساس. وارتفع سعر التأمين بمقدار 130 نقطة أساس عن السعر الذي كان سائداً في مطلع الشهر.
وقد وصلت الآن تكلفة التأمين ضد إعسار بنك جلينتنير إلى مستوى قياسي هو 1450 نقطة أساس، أي تقريباً ضعف المستوى الذي كانت عليه يوم الأول من أيلول (سبتمبر) عند 850 نقطة أساس.
ارتفعت النسبة على التأمين ضد إعسار بنك فورتيس، الذي تم إنقاذه على يد حكومات بلجيكا وهولندا ولوكسمبورج، لتصل إلى 640 نقطة أساس، بعد أن كانت 116 نقطة أساس في مطلع هذا الشهر. وارتفعت تكلفة التأمين على بنك برادفورد آند بينجلي لتصل إلى 1681 نقطة أساس، بعد أن كانت 424 نقطة أساس في مطلع الشهر.
استفادت السندات من جميع الأنواع بسبب الملاذ الآمن والهبوط الكبير للعائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار 19 نقطة أساس، ليصل إلى 3.65 في المائة، في حين أن العائد على سندات الخزانة لأجل سنتين هبط بمقدار 22 نقطة أساس ليصل إلى 1.86 في المائة بحلول منتصف اليوم. كما هبط كذلك العائد على السندات الحكومية الألمانية القياسية.
ارتفع الدولار في مقابل اليورو والاسترليني في الوقت الذي تحول فيه مستثمرو العملات في مخاوفهم من القلق حول صفقة الإنقاذ الأمريكية إلى القلق حول القطاع المصرفي الأوروبي. كذلك ارتفع سعر الين على اعتبار أنه انتفع من هروب المستثمرين نحو الملاذ الآمن.
وتضررت الأسواق الناشئة وسط عمليات البع المتزايدة لفئات الموجودات الأكثر خطورة. وقد ارتفعت الفروق في مؤشر إيمبي Embi+ بين العوائد على السندات السيادية لبلدان الأسواق الناشئة والعوائد على سندات الخزانة الأمريكية بمقدار 32 نقطة أساس لتصل إلى 403 نقاط أساس، أي بارتفاع يزيد نحو 100 نقطة أساس عن الأسبوع السابق.