رهون أمريكا تخدش سمعة بريطانيا .. تأميم "برادفورد آند بنجلي" يؤسس بنكا رديئا
هل يمكن أن يؤدي تأميم بنك برادفورد آند بنجلي من الناحية الفعلية إلى إنشاء بنك بريطاني رديء قادر على استيعاب أي بنك أو جمعية بناء تمنى بالفشل في المستقبل؟ وكان ذلك هو السؤال الذي تردد على ألسنة بعض المحللين يوم أمس حيث بدا أن حكومة المملكة المتحدة مستعدة للاطلاع بسجل قروض الرهن العقاري التابعة لبنك برادفورد آند بنجلي الذي يشتمل على قروض خطرة غير مكفولة في مجال الرهن العقاري وعلى قروض الشراء بهدف التأجير تبلغ قيمتها جميعاً 42 مليار جنيه استرليني.
وتساءل كثير من المحللين عما إذا كان القرار يؤسس من الناحية الفعلية لإيجاد بنك رديء تكون موجوداته من النوعية الرديئة، يمكن استخدامه لاستيعاب البنوك الأخرى وجمعيات البناء المتعثرة عندما يتأكد أنها ستواجه المصاعب. ولكن ما حدث يختلف كثيراً عن برنامج إنقاذ الموجودات المتعثرة في الولايات المتحدة، لأن حكومة المملكة المتحدة ستشتري فقط كامل موجودات الرهن العقاري لبنك واحد متعثر. وفي المقابل، فإن ما تقترحه الولايات المتحدة هو برنامج ضخم تقوم فيه أداة عملاقة ترعاها الحكومة بشراء الموجودات السامة في النظام المالي بدلاً من شراء البنوك الفاشلة بكاملها.
ويرمي برنامج إنقاذ الموجودات المتعثرة إلى شراء الموجودات السامة المدعومة بالرهن من البنوك القائمة القابلة للبقاء. إن من شأن هذا أن يعيد الثقة إلى النظام المصرفي وذلك عبر تشجيع هذه البنوك نفسها على معاودة إقراض بعضها بعضا. ومن المتوقع أن يكون بمقدور البنوك البريطانية التي لها بنوك تابعة في الولايات المتحدة مثل "رويال بانك أوف سكوتلاند"، و"باركليز وإتش إس بي سي" أن تستخدم برنامج إنقاذ الموجودات المتعثرة وذلك لكي تودع فيه الموجودات المتأصلة في قروض الرهن عديمة الملاءة المالية.
على أنه يعتقد أن من غير المرجح أن تؤسس المملكة المتحدة تسهيلات على غرار برنامج إنقاذ الموجودات المتعثرة، لسبب رئيسي هو أن ميرفن كنج، محافظ بنك إنجلترا، يقف دائماً ضد أي إجراء ينتج عنه خطر أخلاقي. بيد أن ما حدث مع بنك برادفورد آند بنجلي ترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية قيام الحكومة مستقبلاً باستخدام بنك برادفورد آند بنجلي الرديء لاحتواء المؤسسات الفاشلة الأخرى. وقال أحد البنوك يوم أمس "إن هذا سيساعد الثقة".
واقترح بعض المصرفيين أن بالإمكان نقل القروض رديئة النوعية لبنك نورذرن روك إلى بنك برادفورد آند بنجلي.
وإذا كان سيتم استخدام هذا البنك بهذه الطريقة، فسيكون أشبه بشركة Resolution Trust التي تم تأسيسها في عام 1939 لإدارة الموجودات الضعيفة التي تعود لآلاف مؤسسات الادخار والإقراض الفاشلة في الولايات المتحدة. ويقول كيث سكيوتش، الرئيس التنفيذي لشركة ستاندارد لايف انفستمنتس التي تعد واحدة من كبريات شركات التأمين في المملكة المتحدة إن على المملكة المتحدة أن تعمل بشكل من أشكال برنامج إنقاذ الموجودات المتعثرة. "هذا بالضبط هو الشيء الذي ينبغي أن نفعله في المملكة المتحدة. إنه يشبه عملية بناء الجراج بجانب البيت. وأنتم تعرفون ماذا نضع في الجراج".
وقال أيضاً إن هذا هو البديل الواضح والأفضل لتوسعة برنامج السيولة الخاصة الذي يعمل به بنك إنجلترا بهدف مساعدة البنوك عن طريق تحسين السيولة.
فقد قال: "إذا لم تكن راغباً في سلسلة التوسعات قصيرة المدى لبرنامج السيولة الخاصة، فهذه هي الوسيلة التي يمكن بها تحسين الهندسة المالية لنظام المملكة المتحدة. إنها عملية إصلاح جيدة لمرة واحدة".
يشار إلى أن المملكة المتحدة لديها أصلاً آلية للدعم ربما كانت أقل خطورة على دافعي الضرائب من إنشاء شركة Resolution Trust بريطانية، أي برنامج السيولة الخاصة الذي يعمل به بنك إنجلترا الذي يسمح للبنوك بمبادلة قروض الرهن غير القابلة للتداول بالذهب لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. لقد زاد حجم هذه المبادلات أصلاً – فقد كشف وزير المالية أليستير دارلنج الأسبوع الماضي أنه تمت مبادلة أكثر من 100 مليار جنيه استرليني، وهذا يعادل ضعفي التوقعات الأصلية. كما تم تمديد العمل ببرنامج السيولة الخاصة لمدة ثلاثة أشهر، أي إلى 30 كانون الثاني (يناير). وقد أمن البرنامج سيولة أكبر للنظام. ولكن الحكومة لم تعلن حتى الآن عن الآلية التي ستحل محل برنامج السيولة الخاصة. فقد قال أليكس بوتر المحلل في كولينز ستيورات إن إحدى المسائل الرئيسية بالنسبة لجميع البنوك البريطانية هي القدرة على تخفيض نسب القروض إلى الودائع لأنها مازالت عالية نسبياً. يقول: "إذا كانت البنوك تستطيع التخلص من كافة محافظ القروض، فإن ذلك سيساعدها في تخفيض نسب القروض إلى الودائع.
"فايننشيال تايمز" خاص بـ "الاقتصادية"