يوم هادئ في "وول ستريت" واستمرار حالة العسر في الأسواق
خالفت أسواق المال العالمية أمس توقعات المراقبين والمحللين الماليين الذين كانوا يتوقعون هبوطا مدويا على خلفية رفض تمرير خطة الإنقاذ المالي من مجلس النواب الأمريكي. وصعد مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الأمريكية الكبرى 179.36 نقطة أي ما يعادل 1.73 في المائة ليصل إلى 10544.81 نقطة. وارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 الأوسع نطاقا 2.21 في المائة. وصعد مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 51.86 نقطة أي 2.61 في المائة إلى 2035.59 نقطة.
وأغلقت الأسهم الأوروبية مرتفعة أمس متعافية من أدنى مستويات إغلاق في ثلاثة أعوام ونصف عام التي هوت إليها في الجلسة السابقة وذلك بفضل بيانات قوية مفاجئة لثقة المستهلكين في أمريكا وآمال بإقرار خطة إنقاذ القطاع المالي.
وأنهى مؤشر يوروفرست 300 المؤلف من أسهم 300 شركة كبرى في أوروبا الجلسة مرتفعا 1.81 في المائة إلى 1066.02 نقطة. وأضافت البنوك معظم النقاط إلى المؤشر مع صعود سهم بنك إتش. إس. بي. سي 4.2 في المائة، بينما سجل سهم بنك ستاندارد تشارترد قفزة بلغت 8 في المائة. وسجلت أسهم شركات الأدوية أداء قويا أيضا وفي مقدمتها "سانوفي - افنتيس" و"روش" اللتان صعدت أسهمهما 3.95 و2.9 في المائة على الترتيب.
وفي البورصات الرئيسية في أوروبا، في لندن أغلق مؤشر فاينانشيال تايمز لأسهم الشركات البريطانية الكبرى مرتفعا 1.74 في المائة، فيما صعد مؤشر داكس لأسهم الشركات الألمانية الكبرى في فرانكفورت 0.4 في المائة، وأغلق مؤشر كاك لأسهم الشركات الفرنسية الكبرى في باريس مرتفعا 1.99 في المائة. وقال خبير في شؤون الأسواق المالية في بنك بي. إن. بي باريبا في باريس "إن المشرعين الأمريكيين ربما فوجئوا بحجم الهبوط في أسواق الأسهم أمس الأول.. وربما يضطرون لإجراء مزيد من التعديلات للحصول على الـ 12 صوتا اللازمة لإقرار مشروع القانون"، إلى التفاصيل:
استعادت أسواق الأسهم قدراً من الاطمئنان أمس بعد شبه الانهيار التام في "وول ستريت" يوم الإثنين. ولكن المكاسب لم تكن كافية على نحو يحول دون أن يسجل مؤشر فاينانشيال تايمز 100 أسوأ أداء شهري له منذ انهيار البورصة عام 1987.
كذلك اشتدت حالة العسر في أسواق المال لأنها كانت في نهاية الربع الثالث، الذي يعد من الناحية التقليدية وقتاً يتسم بالضغوط التمويلية الحادة، واستمرت أسواق الإقراض بين البنوك واقعة في قبضة الخوف بسبب المخاطر من العملاء والأطراف الأخرى.
الهلع الذي سيطر على قاعات التداول في أسواق الأسهم الأمريكية يوم الإثنين، بعد الإخفاق في الموافقة على صفقة الإنقاذ الحكومية من قبل الكونجرس، ذهب وحلت محله تداولات هادئة.
قال روب كوين، وهو محلل استراتيجي للأسهم الأوروبية لدى وكالة ستاندارد آند بورز: "كان الخوف عظيماً يوم الإثنين حين أخفق الكونجرس في الموافقة على صفقة الإنقاذ التي اقترحتها الحكومة الأمريكية. ولكن حين حل الهدوء والتعقل، فإن المستثمرين الآن ينظرون إلى الأمور بقدر أكبر من التروي، ويرون أنه لا بد من الموافقة على هذه الصفقة ومن المحتمل أنه ستتم الموافقة عليها. ولعله كان من غير الواقعي أن نتصور أن الكونجرس سيوافق عليها من الجولة الأولى".
رغم أن معظم أسواق الأسهم سجلت مكاسب زيادة عن ذي قبل، إلا أن شهر أيلول (سبتمبر) أقفل باعتباره أسوأ شهر منذ عام 2002 لمؤشر داو جونز للشركات الصناعية ومؤشر ستاندارد آند بورز 500.
هبط مؤشر داو جونز، الذي عانى خسارة قياسية يوم الإثنين، بمقدار 11 في المائة على مدى الشهر. وبحلول منتصف أمس كان أعلى بمقدار 2.6 في المائة في الوقت الذي سادت فيه مشاعر التفاؤل من أن المشرعين الأمريكيين سيجدون طريقة للموافقة على خطة الإنقاذ لإعادة الصحة والسلامة إلى القطاع المصرفي. بحلول منتصف أمس ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بمقدار 3.3 في المائة.
كذلك هبط يوم الإثنين مؤشر العزوف عن المخاطر، الذي يقاس بمؤشر فيكس للتقلب الذي يعرف باسم مقياس التخوف لدى الأسواق، هبط من المستويات العالية التي سجلها يوم الإثنين.
ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بمقدار 1.7 في المائة، وارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بمقدار 1.5 في المائة.
شعر المتداولون الأوروبيون بالاطمئنان بسبب قرار الحكومتين البلجيكية والفرنسية وحكومة لوكسمبورج بإنقاذ بنك ديكسيا Dexia.
وفي وقت مبكر من اليوم كان المزاج العام في آسيا يتسم بقدر أكبر من التشاؤم، حيث هبط مؤشر نيكاي 225 بمقدار 4.1 في المائة.
اشتدت حالة العسر في أسواق المال في أعقاب إنقاذ أربعة بنوك أوروبية هذا الأسبوع والاستحواذ على العمليات المصرفية لبنك واكوفيا Wachovia من قبل بنك سيتي جروب Citigroup.
قفزت أسعار الفائدة ليبور على قروض الدولار لليلة واحدة بمقدار 4.30 في المائة لتصل إلى 6.87 في المائة، وهو أعلى مستوى لها منذ سبع سنوات، في حين أن الفائدة على القروض لأجل ثلاثة أشهر ارتفعت كذلك.
قفزت الفروق بين سعر فائدة ليبور على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر ومتوسط أسعار الفائدة المتوقعة لقروض الليلة الواحدة، وهي التي تعد مقياساً لمخاطر الائتمان، قفزت إلى الأعلى وسجلت رقماً قياسياً جديداً.
ارتفعت أسعار الفوائد على قروض الشركات قصيرة الأجل إلى أعلى مستوى لها منذ 13 عاماً، في الوقت الذي قفزت فيه العوائد على الأوراق التجارية الأمريكية لليلة واحدة بمقدار 1.71 في المائة لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ ثمانية أشهر، عند 3.95 في المائة.
قال أحد الوسطاء الماليين في سوق القروض بين البنوك: "الحقيقة البسيطة هي أن البنوك ترفض الإقراض، ولا حتى لمدة خمس دقائق. إلى هذا الحد ساءت الأحوال في السوق".
ولكن المزاج الهادئ نسبياً عن ذي قبل كان من شأنه أن فقدت سندات الخزانة الأمريكية بعضاً من مكاسبها التي سجلتها في أعقاب اندفاع يوم الإثنين، وهي أكبر مكاسب تسجلها منذ كانون الثاني (يناير) الماضي.
ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل سنتين بمقدار 30 نقطة أساس ليصل إلى 1.93 في المائة بحلول منتصف يوم أمس. وارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات بمقدار 17 نقطة أساس ليصل إلى 3.75 في المائة.
ارتفع الدولار في مقابل سلة من العملات في الوقت الذي قرر فيه المتداولون أن له ميزة باعتباره عملة الملاذ الآمن وأن وضعه يطغى على المخاوف من وضع المالية العامة للحكومة الأمريكية.
ويعتبر وضع الدولار الآن أقوى مما كانت عليه الحال في مطلع الأسبوع الماضي، ما دفع بعض المحللين إلى الإشارة إلى أن اندفاعه الأخير يرجح له الاستمرار. وقد ارتفع الدولار بقوة في مقابل اليورو منذ سجل أدنى مستوى له في الـ 15 من تموز (يوليو)، وارتفع كذلك بصورة حادة في مقابل الاسترليني. وخسر الين موقعه المتميز مع تعافي الأسهم، في حين أن اليورو والاسترليني يتراجعان بصورة ثابتة وسط استمرار المخاوف حول البنوك الأوروبية.
في المقابل، بقيت مبالغ التأمين المتقابلة ضد الإعسار والعجز عن سداد القروض، بقيت على حالها، في الوقت الذي ظل فيه معظم المتداولين في موقف المتفرج بسبب نهاية الربع. وحذر توني كريسينزي، من مؤسسة ميلر تاباك Miller Tabak للتداول في القروض، من أن مشاعر اللبس والإبهام يمكن أن تظل في الأسواق لفترة طويلة.
وقال: "الأعصاب المحمومة تستغرق وقتاً حتى تبرد، وهذا يعني أن مشاعر الخوف والقلق ستظل جزءاً كبيراً من تسعير الموجودات المالية." وتابع: "لاحظ أن كلاً من أزمة عام 1987 وأزمة عام 1998 تبعتهما فترة تبلغ نحو الشهرين ظلت فيهما مؤشرات الخوف من المخاطر مرتفعة. الطبيعة البشرية تقضي بأن الأعصاب المحمومة بحاجة إلى مرور فترة زمنية قبل أن تبرد في أعقاب المرور بصدمة قوية".