الإماراتيون يتساءلون: ما مصير 51 بنكا كبيرا وصغيرا مع الأزمة المالية العالمية
لا بد من حدوث اندماج في هذا القطاع، والسؤال الوحيد هو عن مدى قرب ذلك. عندما بدأت أحدث الإشاعات المتعلقة باندماج بنك أبو ظبي التجاري بالانتشار ورفعت سعر سهم البنك إلى الأعالي، سارع المسؤولون إلى الرد. فقد أصروا على القول :"لا شيء يجري على هذا الصعيد". ولكن مع وجود 51 بنكاً في الإمارات العربية المتحدة، والكثير منها بنوك صغيرة، تجمع الآراء على أن الاندماج لا بد أن يحدث في مكان ما وفي وقت ما وذلك بهدف إضفاء الفاعلية على هذا القطاع. والسؤال هو متى سيحدث ذلك.
يعتقد بعض المراقبين أن الاندماج لا بد منه، ولكن آخرين ينظرون إلى سياسة الإمارات وإماراتها السبع التي تتمتع كل منها بحكم شبه ذاتي فيعتبرون أن من غير المرجح أن يحدث ذلك في المستقبل القريب.
ومن المرجح أن تزداد الأزمة المالية العالمية سوءاً، ما يضيف إلى المخاوف بشأن السيولة المحلية، الأمر الذي زاد من الانتباه إلى مؤسسات الإقراض المحلية. وتتمثل وجهة النظر العامة في أن بنوك الإمارات جيدة الرسملة وبالتالي من غير المرجح أن تلاقي المصير الذي آلت إليه نظيراتها الغربية. على أن بعض المحللين يرون أن ظروف السوق وأحواله تعزز الأصوات التي تدعو إلى الاندماج بين البنوك.
يقول راج مادها، المحلل البنكي في بنك EFG – Hremes: "في مثل هذا الوقت من العام الماضي، كانت لدي شكوك كثيرة حول فكرة الاندماجات لأنني لم أجد أنها ضرورية أو لم أجد أي اندماج مناسب. أما الآن، فقد أصبح حدوث الاندماج محتملاً أكثر مما كان عليه في الماضي القريب بسبب تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وتباطؤ تمويل السوق المحلية. وإضافة إلى ذلك، فإن صعوبة ظروف السوق تسلط الضوء على نقاط الضعف التي تعاني منها بعض البنوك الصغيرة".
وهو يعتقد أن الاندماج سيحدث "بالتأكيد" خلال السنوات الثلاث إلى الأربع المقبلة. "أما فيما إذا كان سيحدث الآن، فهذه مسألة أخرى".
يشار إلى أن الشركات المالية الإماراتية تسعى إلى التوسع إقليمياً. فقد حصلت مجموعة دبي ذات الصلة بالحكومة على حصص أقلية في بنكي EFG – Hremes وفي بنك الطيب، ومن المتوقع أن تحصل في الشهر المقبل على حصة في بنك شعاع كابيتال المتعثر. وفي العام الماضي، قامت شركة الواحة كابيتال في دبي بشراء حصة كبيرة في بنك أداكس الاستثماري في المنامة، البحرين.
وحتى تاريخه، فإن حالة الاندماج المحلية الكبرى الوحيدة التي حدثت في قطاع التجزئة والقطاع التجاري هي الصفقة التي حدثت في العام الماضي بين بنك الإمارات الدولي وبين بنك دبي الوطني والتي تمخضت عن تشكيل بنك الإمارات دبي الوطني. وقد فوجئ الكثيرون بتلك الصفقة التي دفع باتجاهها حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. وقد أدت كذلك إلى التحزر فيما إذا كانت أبو ظبي ستحذو حذو دبي وتدمج فيما بين بنك أبو ظبي الوطني وبنك أبو ظبي التجاري، اللذين يملك فيهما مجلس أبو ظبي للاستثمار حصة الأغلبية.
وتحدث مايكل تومالين، الرئيس التنفيذي لبنك أبو ظبي الوطني، عن الحاجة إلى اندماج كبير في القطاع المصرفي في الإمارات إذا أرادت البنوك المحلية أن تنافس البنوك الدولية التي انتقلت إلى المنطقة. وذكر ايرفين نوكس، الرئيس التنفيذي لبنك أبو ظبي التجاري، أن جزءاً من استراتيجيته يتمثل في التأكد من أن يكون بنكه في مركز يمكنه من قيادة أي اندماج محتمل. على أن كلا الرجلين كررا في الآونة الأخيرة أن الأمر يرجع إلى حملة الأسهم لكي يقرروا ما إذا كان ينبغي حدوث أي اندماج وقللا من شأن الآراء التي تقول بقرب حدوث هذا الشيء.
كما أن بنك أبو ظبي التجاري لديه ارتباط مع بنكين آخرين في أبو ظبي هما بنك الخليج الأول وبنك الاتحاد الوطني. ويشير المحللون إلى أن البنوك الصغرى هي التي تحتاج إلى الاندماج أكثر من غيرها.
وتجدر الإشارة إلى أن من بين الـ 51 بنكاً العاملة في الإمارات، هناك 23 مؤسسة محلية تراوح من بنك أبو ظبي الوطني الذي تبلغ القيمة الإجمالية لموجوداته 165 مليار درهم (45 مليار دولار)، وله 57 فرعاً، إلى بنوك صغرى مثل بنك الفجيرة الوطني الذي يبلغ إجمالي موجوداته 12 مليار درهم وله 13 فرعاً، وبنك الشارقة الذي له أربعة فروع فقط وقيمة موجوداته 10.8 مليار درهم.
وبينما يميل التوجه العالمي إلى الاندماج، إلا أنه تم إطلاق عدة بنوك أخرى في الإمارات في العام الماضي، منها مؤسستان إسلاميتان تدعمهما الدولة.
ويقول جورجيس ماخول، مدير عام بنك مورجان ستانلي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، "لا بد" من حدوث بعض الاندماجات.
ويضيف: "إن الأمر ببساطة هو أن هناك بنوكاً أكثر من اللازم. وأعتقد أن من الممكن أيضاً أن نشهد (اندماجات) في قطاعات أخرى، كالقطاع العقاري وقطاع التجزئة. أما من حيث التوقيت، فيمكن أن يحدث الاندماج بسرعة، الأمر الذي سيبدأ بالاتضاح في الربعين المقبلين".
بيد أن الديناميكيات السياسية للإمارات يمكن أن تعمل ضد أي توجه نحو الاندماج. ذلك أن رئاسة مجالس الإدارة وعضويتها غالباً ما تذهب للاعبين النافذين ولأعضاء العائلات الحاكمة، وهناك العديد من الشخصيات التي لن تتنازل عن مراكز الوجاهة هذه. ومن ناحية أخرى، فإن كل إمارة تميل إلى تفضيل بنوكها.
ويقول مارديغ هالاجيان من وكالة موديز للتصنيف بأنه لا يوجد بنك في منطقة الخليج يقر في ظل الظروف العادية بالحاجة إلى عمليات الاندماج "لأن ذلك بمثابة الاعتراف بالفشل". لكن في ظل الظروف الراهنة، يمكن للبنوك أن تتخذ "إجراءات متشددة ستكون مقبولة ومبررة" بسبب ما يجري في أماكن أخرى. ورغم أن "حب الذات الكبير" يمكن أن يشكل عائقاً أمام الاندماجات :" فإن أزمة الشح الائتماني العالمية والتغيرات التي طرأت على الأسواق توفران فرصة مثالية للاندماج".
"فاينانشيال تايمز" خاص بـ "الاقتصادية"