الفصل الأخير من مسرحية مجلس النواب.. نقاط للاسترضاء السياسي
عقد المشرعون الديمقراطيون في مجلس النواب الأمريكي اجتماعهم في غرفة للاجتماعات في أحد طوابق التسوية يقع تحت مبنى الكابيتول الخميس الماضي للبحث، فيما كان يأمل كثيرون أن يكون آخر فصل في مسرحية الكونجرس لمناقشة خطة الإنقاذ المالي. تم تقديم عشاء مكون من الساندويتشات ورقائق البطاطس المقلية للمجتمعين من أعضاء الحزب الذين عرضوا مواقفهم من القانون المثير للخلاف واحداً واحداً.
وألقى جون لويس ابن الـ 68 عاماً وزعيم الحقوق المدنية وعضو لجنة مؤتمر الحزب وهو من ولاية جورجيا، خطاباً حماسياً حسب تعبير أحد مساعديه، أوضح فيه أنه سيصوت لصالح القانون المقترح بعد أن صوت ضده يوم الإثنين. وأعلن أعضاء آخرون أنهم سيغيرون مواقفهم ويصوتون بنعم. ورغم أن معارضة خطة الإنقاذ تركزت بين أعضاء مجلس النواب من الحزب الجمهوري، كان الحزب الديمقراطي بدوره منقسماً بشكل كبير على نفسه بشأن مشروع القانون.
وكان الزعماء يخشون أن إضافة بند خاص بالإعفاءات الضريبية الكبيرة يمكن أن يقلل الدعم من جانب تحالف المشرعين الديمقراطيين المدعو بتحالف بلو دوغ الذين يتسمون بالتحفظ إزاء الشأن المالي. ولكن الخطاب الذي ألقاه لويس أوضح بجلاء أن هناك عدداً كافياً من الأعضاء يتحرك باتجاه تأييد مشروع القانون للتعويض عن أعضاء تحالف البلو دوغ المنشقين.
وبعد انتهاء الاجتماع الذي عقده الحزب، قال مساعد لأحد كبار النواب الديمقراطيين والإرهاق باد عليه إنه "لم يشعر بذلك الشعور الجيد بشأن العملية كما أشعر الآن". وفي صباح أمس الأول، كان الزخم يميل إلى تأييد خطة الإنقاذ بعد انقضاء أسوأ أسبوعين في تاريخ الكونجرس. وغير البعض مواقفهم بسبب المناشدات التي وجهها إليهم المرشحان الرئاسيان باراك أوباما وجون ماكين. أما البعض الآخر فقد غير موقفه بعد أن أدخلت على مشروع القانون تغييرات اشتملت على بعض الإعفاءات للشركات الصغرى والبنوك العاملة في الأحياء.
وكان هناك آخرون يتصرفون كردة فعل للتراجع ضد التراجع، عندما حضر الناخبون القلقون إلى مكاتب الكونجرس ليعبروا عن قلقهم بشأن العواقب التي ستترتب على إغلاق أسواق الائتمان وتراجع أسواق الأسهم، فعكسوا بذلك جزئياً الموقف الشعبي الذي كان يتسم بالسلبية الساحقة إزاء عملية الإنقاذ.
ورغم أنه كان لا يزال من المتوقع أن يكون التصويت النهائي متقارباً بين التأييد والمعارضة، شعرت زعامة الكونجرس بثقة كبيرة بتمرير مشروع القانون لدرجة أنها سمحت ببدء النقاش في المجلس في الفترة الصباحية، مع توقع أن يجري التصويت بعد الظهر.
وعقد أعضاء مجلس النواب من الحزب الجمهوري اجتماعات منفصلة، حيث أوضحت حفنة من الذين أبدوا معارضة كبيرة أدت إلى إفشال المشروع يوم الإثنين، الأمر الذي أدى إلى تراجع الأسواق، أنهم غيروا رأيهم وموقفهم. فقد قال جريشام باريت من ولاية كارولينا الجنوبية وأحد الذين غيروا مواقفهم:" إن الناس متضررون، إنهم يشعرون بالغضب الشديد، وأنا أشعر بالغضب الشديد . هل ما زالت لدي مخاوف إزاء مشروع القانون؟ نعم. هل ما زلتُ متخوفاً من أنه سيؤثر في نظام حرية السوق؟ نعم. ولكن يجب علينا أن نتصرف، يجب علينا أن نتصرف الآن".
وقام أعضاء المجلس من الحزب الجمهوري بمحاولة أخيرة لفرض إدخال تعديل على مشروع القانون بعد ظهر الخميس، لتقليل مبلغ الأموال التي توضع تحت تصرف وزير الخزانة وإلغاء بعض الإعفاءات الضريبية التي أدخلها مجلس الشيوخ. وفي جلسة حاشدة للجنة القوانين التابعة للمجلس، حدثت مشاحنة بين سبينسر باخوس، النائب الجمهوري العضو في لجنة الخدمات المالية، وبين نظيره الديمقراطي بارني فرانك، حول إذا ما كانت عملية الإنقاذ تحتمل التأخير. فقد أصر بارني على أنها لا تحتمل التأخير، وفي وقت متأخر من الليل، تعرضت إمكانية إجراء تعديل على مشروع القانون للهزيمة. ولكن لويد دوغيت، النائب الديمقراطي عن تكساس، قال إن دافعي الضرائب "سيكافئون "وول ستريت" على ما يعتبر من الناحية الجوهرية أكبر قروض عديمة الملاءة في تاريخ أمريكا".
النقاط الرئيسة التي يتضمنها مشروع القانون
بعد أن قام الكونجرس بتدارس خطة الإنقاذ في مبنى كابيتول هيل لمدة أسبوع، خرج بمشروع قانون توافقي يبقي على جزء كبير من المقترح الأصلي الذي تقدم به البيت الأبيض، ولكنه أضاف إليه مزيدا من الإشراف والرقابة على ما يمكن أن تفعله وزارة الخزانة بالأموال، وأضاف إليه كذلك بعض التسويات التي تبقي الديمقراطيين والجمهوريين في الجانب الصحيح.
صندوق بـ 700 مليار دولار
النقطة الأساسية في المشروع هي تأسيس صندوق بقيمة 700 مليار دولار (507 مليارات يورو، 395 مليار جنيه استرليني) يمكّن الحكومة الأمريكية من شراء الموجودات المتعثرة التي أصبحت تعرف بالموجودات السامة، من المؤسسات المالية، في محاولة منها لفك الأزمة التي تشهدها الأسواق المالية, التي نشأت من حالة عدم اليقين بشأن القيمة التي تساويها هذه الموجودات. ويستهدف هذا البرنامج في المرحلة الأولى الأوراق المالية المدعومة بالرهون والمشتقات المالية التي تقوم على قروض الرهن العقاري، ولكنها يمكن أن تمتد لتشمل موجودات أخرى إذا لزم الأمر.
شراء الموجودات السامة
سيحاول صندوق الإنقاذ شراء الموجودات التي تستخدم آليات السوق، خاصة المزادات العكسية التي تشتري فيها الحكومة أرخص الموجودات المعروضة للبيع على أن تعطى مهلة لتغيير استراتيجياتها الشرائية إذا اعتقدت أن ذلك ضروري لإزالة الموجودات السامة من سجلات المؤسسات المتعثرة.
نقاط الاسترضاء السياسي
اشتملت التنازلات التي قدمت للديمقراطيين على نصوص وأحكام تسمح لوزارة الخزانة بتعديل شروط قروض الرهن السكني التي تشتريها كجزء من البرنامج المذكور لمنع عمليات مصادرة المنازل وفقدان الأسر منازلها. وتشتمل أيضاً على قواعد لضبط مكافآت وأجور المديرين التنفيذيين في الشركات التي تتلقى المساعدة عبر عمليات الشراء، ومنع هؤلاء التنفيذيين من الحصول على مكافآت كبيرة عندما يتركون الشركات التي يعملون فيها، وفي بعض الحالات حرمانهم من المكافآت التي سبق أن اشترطوا الحصول عليها على الأرباح المتوقعة التي لم تتحقق.
حصص في المؤسسات التي تتعافى
من أجل إعطاء دافعي الضرائب فرصة أكبر للاستفادة من ارتفاع قيمة أسهم المؤسسات التي يتم إنقاذها، يسمح مشروع القانون أيضاً لوزارة الخزانة بالحصول على حصص إضافية تعطيهم حصة في أرباح المؤسسات التي تتعافى والتي يمكن أن تزيد نتيجة لهذا البرنامج.
وهناك أيضاً نص غامض التعريف ولكنه واسع المدى يقول إنه يجب على الرئيس أن يقيم البرنامج بعد خمس سنوات لمعرفة ما إذا حقق النتائج المرجوة منه. وإذا لزم الأمر، يمكن للرئيس، بعدئذ أن يعوض أي نقص عبر تحصيل أموال من الجهات المستفيدة من البرنامج.
الإعفاءات الضريبية
لكي يحوز دعم أعضاء الكونجرس من الحزب الجمهوري، أضيف إلى مشروع القانون بند ينص على إعفاءات ضريبية تعادل قيمتها نحو 150 مليار دولار، على أن تعطى امتيازات خاصة على هذا الصعيد لشركات صناعة الأسهم الخشبية التي تستخدم في ألعاب الأطفال. كما أنه تم رفع سقف التغطية التأمينية الاتحادية للودائع الخاصة بحسابات الادخار.
"فاينانشيال تايمز " خاص بـ "الاقتصادية"