"رويال بنك" يسير على خطى "أمرو" ويبحث عن بقعة ضوء في الخليج
بإدراك متأخر، كان من الممكن أن يكون التوقيت أفضل. ففي العام الماضي، عندما انفجرت فقاعة الائتمان، انضم "رويال بنك أوف سكوتلاند" إلى "فورتيس"، و"بانكو سانتاندر"، لشراء المقرض الهولندي "إيه بي إن أمرو" مقابل 72 مليار يورو (98 مليار دولار)، في أكبر عملية استحواذ مالي في العالم. ومنذ ذلك الحين هبطت "فورتيس"، وكان "رويال بنك أوف سكوتلاند" يشق طريقه بصعوبة خلال الرياح المعاكسة لأزمة الائتمان، الأمر الذي دفع أسهمه إلى الأسفل، واضطره إلى إصدار حقوق بقيمة 12 مليار جنيه استرليني، وبيع أصول. وفي الوقت الذي تزداد فيه الأزمة سوءاً، فعلى الأرجح أن هناك حاجة لمزيد من جمع رأس المال.
ومع ذلك، يمكن أن تكون هناك بقعة ضوء وحيدة لـ "رويال بنك أوف سكوتلاند"، وهي الاستحواذ على عمليات الشرق الأوسط لبنك أمرو.
ويعد الخليج إحدى المناطق القليلة – بفضل النمو الاقتصادي الذي يشعله النفط والغاز، وخطط الإنفاق الحكومية – التي ما زالت تبدو فيها التوقعات طويلة الأجل للبنوك الدولية بحالة جيدة على نحو منطقي، على الرغم من الهبوط الأخير في الأسهم، وشح السيولة.
ويعد "رويال بنك أوف سكوتلاند" لاعباً إقليمياً بالفعل، على الأخص في أسواق الدين. وأصدر ما قيمته 17.2 مليار يورو من قروض الشركات في أول ثمانية أشهر من العام، أكثر من أي بنك آخر في الخليج. كما أنه ثالث أكبر ممول للمشاريع في المنطقة، إذ نظم نحو 3.3 مليار يورو من الديون خلال الفترة ذاتها، وذلك وفقاً لديلوجيك، مزود البيانات.
كان "إيه بي إن أمرو" أحد أقدم البنوك الأجنبية في المنطقة، وكان نشطاً في قطاع مصرفية التجزئة، والاندماجات، والاستحواذ، والأسهم. ويشكل مزيج البنكين "خطة رائعة"، حسبما يدعي كولين ماكدونالد، رئيس "رويال بنك أوف سكوتلاند" في الإمارات العربية المتحدة. وافتتح "رويال بنك أوف سكوتلاند" في الآونة الأخيرة أيضاً مكتباً في قطر، حيث سيتم إدماجه مع فرع "إيه بي إن أمرو" القائم هناك، ويخطط لافتتاح مكتب آخر في البحرين. غير أن التدهور الأخير في الحالة المالية العالمية تبدو آثاره على الخليج. ويقول كبار المصرفيين إنهم يتوقعون إعادة تقييم حجم ونشاط الفرق القائمة فعلياً في المنطقة.
ولا يعتزم "رويال بنك أوف سكوتلاند" تشكيل فريق كبير "لهذا الغرض فقط"، حسبما يقول سكوت بارتون، رئيس المصرفية والأسواق العالمية لمنطقة الشرق الأوسط. ويخطط البنك لامتلاك طاقة استثمارية مصرفية "صغيرة نسبياً ولكنها مشكلة على نحو رائع"، والتركيز على علاقاته الأساسية، حسبما يضيف.
وما زال أمام "رويال بنك أوف سكوتلاند"، وما تبقى من اتحاد الشراء الشامل لـ "إيه بي إن أمرو"، ورقة أخيرة يلعبانها: عقد الإدارة، وملكية حصة مقدارها 40 في المائة في البنك السعودي الهولندي في المملكة العربية السعودية.
وتبلغ القيمة الرأسمالية السوقية للبنك السعودي الهولندي نحو 3.4 مليار دولار، ولكن نظراً لصعوبات الحصول على تراخيص مصرفية كاملة في المملكة، فعلى الأرجح أن تبحث الحصة عن ثمن عالٍ، وفقاً لما قاله مصرفيون. وأعلن بنك الإمارات – إن بي دي، عن اهتمامه بالموضوع، وقيل إن بنك الكويت الوطني، و"ستاندرد شارترد" إنهما يفكران في تقديم عرض.
في حين أن أي عملية بيع سوف تحسن وضع "رويال بنك أوف سكوتلاند" و"سانتاندر" في الأجل القصير، إلا أنها ربما تبرهن على أنها أصل قيّم في الأجل الطويل. ورغم أن البنك صغير بالمقاييس السعودية، إلا أن المحللين يقولون إن البنك السعودي الهولندي يوفر فرصة مصرفية تجارية نادرة في أكبر سوق في الخليج وأكثر ربحية، وذلك وفقاً لموظف سابق رفيع المنصب في البنك. ورفض المسؤولون الإقليميون في "رويال بنك أوف سكوتلاند" التعليق على مستقبل البنك السعودي الهولندي، لكن ماكدونالد يعترف بأن السعودية "فرصة مذهلة" بسبب ثراء وحجم البلاد.
ويقول مصرفي في بنك منافس إنه محتار بسبب رغبة الاتحاد الملحة على نحو واضح في البيع. ويضيف: "في حين أن معظم العالم يناضل من أجل دخول السوق السعودية، إلا أنهم يتطلعون إلى الخروج منها". مع ذلك، فإن رأس المال الجديد يأتي بثمن كبير في أسواق اليوم، ويمكن أن يبرهن البيع على أنه تحسين مرحب به بالنسبة للمساهمين في "رويال بنك أوف سكوتلاند".